نستطيع اليوم القول وبكل ثقة أن رئيس الوزراء الدكتور أحمد عبيد بن دغر رجل المرحلة بكل تفاصيلها وتعقيدات المشهد اليمني بدهاليزه الشائكة وانحناءاته المفخخة شديدة الانحدار والخطورة .. فقد تم تكليفه واختياره لتحمل مسؤولية كان ومايزال يُنظر إليها - ( شعبيا ونخبويا واختصاصيا ) - أنها من أدق وأخطر مراحل التاريخ السياسي والعسكري والاجتماعي والثقافي والاقتصادي في العصر الحديث ، إن لم يكن في التاريخ اليمني كله نظرا لتعقيدات واقع اليوم وعلاقات اليمن الاقليمية التي تبطن عكس ماتظهر ، والكل فيها يبدو أنه يمارس مغامرة الاستقطاب الفئوي على حساب الشعب ، ليجد بن دغر نفسه مع الرئيس هادي ونائبه والصادقين من حولهم في زاوية ضيقة وحرجة جدا ، منفردين يجاهدون في سبيل حق الشعب وحريته واستقلاله وعيشه الكريم ، الذي يريدون إثبات قضيته حتى لدى المغرر بهم بين الاطراف التي تحارب الشعب وتاريخه وحضارته وماضيه وحاضره ومستقبله معاً !!!
ولا غرابة !
فالأبطال هم الذين لا ينثنون ولا يتراجعون أو ينكسرون حين يخذلهم الجميع !!
فكلهم إيمان بعدالة قضيتهم الكبرى التي هي قضية وطن ، وأمة ومستقبل أجيال ..
لذلك لا نبالغ حينما نصف هذه القيادات بأنها عمود الشرعية اليمنية الوحيد ، ومحمور ارتكازها الذي اختارته أقدار أحكم الحاكمين كأصلب عود يمكن الركون إليه في مصير شعب وأمة ووطن ، فاختار هو بالتالي التضحية براحته وصحته بل وغامر بسلامته من أجل وطنه وشعبه ..
نعم .. هذه القناعة التي تترسخ كل يوم أكثر فأكثر لدى الشعب الذي يراقب بذكاء ، ويقدّر باحترام ما أثبتته الوقائع والأيام من أن بن دغر هو ذاك الرجل الصلب الذي لم ولن يلين في وجه الانقلاب والإنقلابيين في كل مرة ، إذ لم يهادنهم طوال فترة النفاق الدولي التي ماتزال تضغط باتجاه التسليم لهم وفق سياسة الأمر الواقع في صنعاء - التي تعاني منهم الويلات في حين يستلم مشرفوا اللصوصية في مؤسسات الدولة المخطوفة مليارات الريالات التي يجنوها من عرق ودم ولحم وعظم المواطن والمتاجرة بمعاناته - بالاتفاق مع مؤسسات النفاق الدولية ، التي يتقاسمون معها تلك التجارة المربحة لكليهما ماديا والخاسرة شعبيا .
لقد كان رئيس الحكومة - ومايزال - يعمل دون صخب ، يفك شفرات العدو المعقدة ، ويفكك خططه ومخططاته وجرائمه وألغامه ومفخخاته في كل الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي ، وحتى الاستخباراتي والعسكري ، دون أن يحدث الضجيج والانفجارات المتتالبة التي تحدث عادة لآخرين في جغرافيا أخرى أقل تعقيدا ، ومواقف أقل خطورة !!!
لم لا فهو الفارس المرابط الثابت الذي يُرسي قواعد الشرعية ، ويشرف بنفسه على البناء في أرجاء الوطن كلما تحررت بقعة في الوطن من ربض الانقلاب والوصاية والعمالة، حريصاً على توفير الخدمات وتيسيرها وتطبيعها وديمومتها لتكون في متناول يد المواطن الذي يعلم علم اليقين كم عانى ويعاني ، ولا يعلم المواطن كم يتعب هذا الرجل ويعاني ؟؟!!!
فمن من المسؤولين صمد في الميدان كمثله من قبل ومن بعد ؟!!! بكل تأكيد لا أحد !!
بن دغر رئيس الوزراء الوحيد من بين القيادات العليا في الدولة دونه الذي زار جميع المناطق المحررة !! منذ بدأ تدشين عمل حكومته من عدن ، والتي أتبعها بزيارته - ذات الدلالة العظمى - إلى مأرب، ومن ثم زياراته إلى حضرموت ،فــسُقطرى، فأبين، ولحج، وهاهو اليوم في آخر مدينة تم تحريرها من عناصر الانقلابيين وهي مدينة المخا التابعة لمحافظة تعز .
إن ما يقوم به رئيس الحكومة من عمل كان من المفترض أن يقوم به وزراء حكومته ، ومسؤولي الدولة الشرعية بأنفسهم كواجب وطني وكذلك بالنيابة عنه ، إلا انك تشاهده ينوب عنهم ، وهذا - بطبيعة الحال - يعني الكثير ، ويدل دلالة واضحة على مايكتنزه الرجل من نزاهة وصدق وأخلاق ووطنية واجتهاد وحسن إدارة وتواضع وحكمة وصدق وإيمان ، ومن عزم وعزيمة وإصرار لدى الرجل في النجاح لأجل تحقيق الهدف الاسمى نحو التحرير وذلك عبر سلوك طريق الصدق مع الله ، ومع نفسه ، ومع وطنه ومع الشعب .
نعم .. بل وبالرغم من كل هذه المسؤولية والانشغال وجدول الاعمال المزدحم الا انه لا تصل للرجل قضية تخص مواطنا مظلوما الا وجه بحلها وتبناها وكأنها قضيته الشخصية ، بل وكأنه ليس لديه من مهام سواها !! فأخبروني بربكم من مثل هذا الرجل من رؤساء الحكومات او المسؤولين يعمل في ظل ظروف كهذه بمثل هذه الوتيرة والايمان والصبر ؟!
اليمن بخير وإلى خير مادام فيها أمثال هذا الرجل الذي يسعى بكل جهده إلى انتشال اليمن من ربقة الإنقلاب إلى فضاء الديمقراطية والحرية والمساواة ...