نعم من يدلني على محمد جميح؟
صديقي القديم، الراعي الذي كان ينطلق وراء الغنم، ويحب حليب النوق السارحة في الأطراف القصية من الرمال...
محمد جميح الذي حذرني من مجالسة "الكبار"، وقال لي يوماً: لا ترحل بعيداً يا صديقي العزيز...
لا ترحل يا سليل الرعاة...
محمد جميح الذي قال لي: لا ترحل بعيداً...
الذين يرحلون بعيداً لا يعودون.
لم أكن في غمرة شغفي بالرحيل ألقي بالاً لكلامه حينها...
لم أكن أعرف أن الإيغال في الرحيل كالإيغال في البحر...
وأن الذي يهوى الرحيل كالذي يعشق البحر...
كلاهما لا يعود.
آه أيها الصديق...ليتني استمعت لك!
هأنا جالست "الكبار" ورحلت بعيداً... ولم أجد "الكبار" كباراً ...وضاع مني طريق العودة إليك.
يا نجمة الشرق التي تحرسه ليلاً من الهوام السارية...
يا ريح الصبا...
يا ذرات الرمال التي تنتعش لملامسة حبات المطر...
يا غيلان القيعان...
يا أهل المضارب...
يا أهل الله...
دلوني على صديقي الذي ضيعت من زمان بعيد...
ضاع مني محمد جميح... دلوني عليه.
لندن- جسر واترلو