لقد أحيت الأحداث الأخيرة التي ارتكبها الإماميون بحق الشعب اليمني والجمهورية، لقد أحيت فيهم الروح السبتمبرية من جديد، وساهمت بشكل كبير في إعادة تشكيل وعي الجيل الصاعد -على وجه الخصوص- بمضامين وأهداف ومبادئ أبينا سبتمبر.
وما أغفلته أو تغافلته مناهجنا الدراسية وإعلامنا المرئي والمقروء والمسموع وكافة الأدبيات ومثقفونا وكل ذي تأثير مجتمعي في العقود الماضية، تعلموه وعرفوه واستوعبوه خلال عامين ونيف، غير أن ما كانوا بحاجة إلى تعلمه من صفحات الكتب وسنان الأقلام ومنابر الإعلام من كتابنا وثائرينا ومناضلينا كتاريخ ومنهج؛ تعلموه هذه المرة من فوهات بنادق الإماميين أنفسهم.
وبدلا من عيش معارك ونضالات ثوار سبتمبر على كتب التاريخ، عاشوها وشاهدوها وخاضوها اليوم وجها لوجه ومع عناصر الإمامة في دروس عملية ومباشرة في أغلب محافظات الجمهورية، ولو كان هناك وعي مجتمعي حقيقي وتعبئة صحيحة لكل أبناء الشعب بمخاطر هذا الوباء الذي جثم على جسم اليمن لألف ومئتي سنة وامتص دمه ولحمه، لما حدث ما حدث اليوم، ولم يكن أحد ليغتر بهم بعد ٢٠١١ ويقبل التعامل معهم بل ويعتبرهم أصحاب مظلمة، ولما احتجنا أن يعيد التاريخ نفسه مرتين.
إن تلك النظرة القاصرة والجهل الواسع لكل مضامين وأدبيات وأهداف وتاريخ النضال الذي خاضه رجالات وثوار اليمن على المدى الطويل وفي فترات متفاوتة ومقاومتهم للحكم الإمامي الكهنوتي البغيض حتى مكنهم الله من التخلص منه صبيحة السادس والعشرين من سبتمبر والذي مثل ميلاده تاريخ وحياة جديدة لكل اليمنيين التواقين للحرية والكرامة والمساواة، ذلك الجهل -الذي لا شك لدي أنه كان متعمدا- كان أحد الأسباب الرئيسية في وصول الإمامة بصورتها الجديدة المتمثلة في الحوثيين إلى صنعاء وعدن وانقلابهم على النظام الجمهوري، وليس ببعيد عن أحد ما كان يقال عن حروب صعدة الست التي خاضتها الدولة في جبال صعدة لمواجهة المتمردين والتي كان ينظر لها على أنها معركة صالح لإضعاف الجيش ولابتزاز سين وصاد، ومهما كانت أهدافه الخفية إلا أنها كانت حربا ضد فلول إمامية سقط فيها خيرة رجالات اليمن من كل محافظة، كذلك حصار دماج (آخر قلاع الجمهورية في صعدة) والتي كان ينظر لها على أنها حرب طائفية تخص السلفيين وحدهم وتآمر عليهم الجميع، وصولا إلى سقوط عمران، تلك صور ثلاث شاهدة على مدى التغييب الجمعي للكل لما تعنيه الإمامة وأن المعركة كانت معركة الجمهورية في مواجهة الإمامة بغض النظر عن شخوصها، وكل الأحداث التي تتالت بعد عمران وصولا إلى عدن لم تكن سوى نواتج طبيعية متوقع حدوثها.
وبالرغم من كل ما مضى وحتى اللحظة فإننا ما زلنا من الجهالة إلى الحاجة الماسة لدروس مكثفة، وتوعية مستدامة لنا ولأبنائنا عن ثورة وتاريخ سبتمبر، وكل ما يخصه حتى نحييه فينا، ونتمثله في كل تحركاتنا وتصرفاتنا وأحاديثنا، ويصبح ملازما لنا ومنطلقا وطنيا نستشعره ونقدسه ونؤمن به، إن أردنا الخلاص من شبح الإمامة الجاثم على صدر اليمن، واستعادة الجمهورية، استعادة روح سبتمبر، سبتمبر الحرية والكرامة والمساواة والعدالة وكل قيم ومعاني الحياة الصحيحة.
#سبتمبر_تاريخ_يتجدد