د. باسل باوزير
يهدف هذا المقال إلى تبصير المواطنين اليمنيين بحقوقهم التي يتمتعون بها عند سفرهم وإقامتهم خارج بلادهم. وأهم هذه الحقوق حقهم في الحصول على الحماية الدبلوماسية من سفارات بلادهم في حال تعرضهم لأي انتهاكات أو تجاوزات تشكل خرقاً للقانون. كما يتضمن هذا المقال دعوة للعاملين في السفارات اليمنية لتفعيل مبدأ الحماية الدبلوماسية للمواطنين اليمنيين في الخارج باعتباره من أهم المبادئ التي يمكن الاستعانة بها للدفاع عن مصالح بلدهم ورعاياهم عند الاقتضاء. فمن الناحية القانونية فإن سفارات الجمهورية اليمنية ملزمة بتوفير درجة من الحماية القانونية لمواطنيها في الخارج، وهذا ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة الثالثة من اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية (1961) :" تقوم البعثات الدبلوماسية بحماية مصالح الدولة المعتمدة ومصالح رعاياها في الدولة المعتمد لديها ضمن الحدود التي يقرها القانون الدولي".
- ما هو مبدأ الحماية الدبلوماسية
يقوم مبدأ الحماية الدبلوماسية على أن كل من أضر بمواطن فهو يضر بالدولة بصورة غـير مباشـرة، ومن واجب الدولة أن تحمي ذلك المواطن. وأصبح هذا المبدأ مستقراً ومن السمات الجوهرية للعلاقات بين الدول. ورغم بروز معاهدات حقوق الانسان التي تمنح الفرد حقوقاً لا تلزم دولة الفرد فحسب, بل تلزم الدول الأخرى دون حاجة إلى تدخل دولة الفرد الوطنية إلا أن الحماية الدبلوماسية تظل آلية من آليات القانون الدولي التي لا تزال الدول تستخدمها لضمان المعاملة العادلة لرعاياها في الخارج.
وفي هذا السياق أعلنت محكمة العدل الدولية الدائمة:" أن الدولة لما تأخذ على عاتقها قضية أحد رعاياها وتلجأ إلى الحماية الدبلوماسية أو الإجراءات القضائية الدولية بالنيابة عنه، فهي في الواقع تدافع عن حقوقها هي - أي حقها في أن تضمن، في شخص رعاياها، احترام قواعد القانون الدولي". وهذا الحق خاضع في ممارسته للسلطة التقديرية للدول بعد استنفاد سبل الانتصاف المحلية من قبل المواطن المتضرر والدولة المسؤولة عن الضرر, ما عدا إذا لم تكن هناك سبل انتصاف محلية معقولة.
ومن المهم الاشارة هنا إلى أن الحماية الدبلوماسية ليسـت مقصورة علي حماية الأفراد - الأشخاص الطبيعيين - فقط , بل تمتد لتشمل الأشخاص الاعتباريين وأيضا تمتد في حالات استثنائية لتشمل مصالح ورعايا دول أخرى.
- الحماية الدبلوماسية في قضايا تأشيرات الدخول والاقامة والابعاد
تملك أي دولة صلاحيات سيادية عند اتخاذ القرار حول من يدخل إليها، ومن يحظى بمكانة قانونية ثابتة. ولها ان تقرّر رفض أو قبول دخول شخص أجنبي الى أراضيها، وأن تقرر وقت الدخول وشكله ومدته ومكان الإقامة وغيرها مما يتعلق بتنظيم الدخول إلى أراضيها والاقامة فيها, وعلى الرغم من ذلك، فمن واجب هذه الدولة منح الوزن الملائم لحقوق الإنسان عند ممارسة هذه الصلاحيات.
وقد جرت الأعراف الدبلوماسية على جواز توسط البعثات الدبلوماسية لدى الجهات المختصة بالدولة الموفد إليها من أجل الحصول على تأشيرة دخول أو إقامة لأحد مواطنيها لإنجاز أعماله في هذه الدولة، أو تصفيتها، خاصة اذا كان من المقيمين السابقين على أراضيها وله فيها شركات وأعمال وممتلكات. كما أن لها حق التدخل اذا ما تأكد لها أن شروط تأشيرات الدخول أو الإقامة قد فُرضت على أسس تتناقض مع حقوق الانسان، أو أنها فُرضت على مواطنها المتضرر بشكل غير قانوني. وفي حال وجود اتفاقية بين الدولتين الموفدة والموفد إليها تحدد شروط الدخول والإقامة، كان بإمكان البعثة الدبلوماسية التدخل لدى السلطات المختصة في الدولة الموفد إليها لمطالبتها بتطبيق بنود تلك الاتفاقية.
وفي مسألة الابعاد فإنه يتوجب على الدولة الموفد إليها عند ابعاد أجنبي عن أراضيها، أو طرده منها، عدم التعسّف في ممارسة حقها. فعليها مثلاً إعطائه فترة زمنية كافية لترتيب أموره وتصفية أعماله، باستثناء الحالات التي يتمّ فيها الابعاد أو الطرد لضرورات الأمن القومي، وحتى في هذه الحالة يجب معاملة المبعد أو المطرود معاملة إنسانية لائقة. ولا يوجد ما يمنع البعثة الدبلوماسية أن تستوضح سلطات الدولة الموفد إليها أسباب الابعاد أو الطرد، فإذا اتضح لها أنها لا تتناسب مع المعايير القانونية المتبعة، أو أن الإجراءات قد جرت بشكل غير عادل، كان لها الحق في التدخل للدفاع عن حقوق مواطنها المتضرر وفقاً لمبدأ الحماية الدبلوماسية.
- دور البعثات الدبلوماسية في الحماية الدبلوماسية .
البعثات الدبلوماسية هي قناة التواصل الرسمية بين الدولة الموفدة والدولة الموفد إليها, فالدبلوماسي من خلال وظيفة التفاوض يقوم لدى الدولة الأجنبية الموفد إليها بممارسة الحماية الدبلوماسية ويكون ممثلا لدولته عند قيامه بأي عمل لصالح مواطنيه بهذا الشأن. ويتم هذا التفاوض عادة بين رئيس البعثة ووزير خارجية الدولة الموفد إليها أو من يحل محلهما.
ومن واجبات البعثة الدبلوماسية توعية المواطنين في حالة تعرضهم لاعتداء أو ضرر وحثهم على الاتصال بالبعثات الدبلوماسية لتقديم المساعدة وحمايتهم دبلوماسياً، وذلك عبر إقامة الندوات التوعوية للجاليات اليمنية في الخارج. وتنبيههم بضرورة استنفاد طرق الانتصاف الداخلية للبلدان التي يتواجدون بها عند وقوع ضرر ما عليهم. إذ أن كثير من المواطنيين اليمنيين يتهاونون في الحفاظ على حقوقهم عند تعرضهم لضرر ولا يلجأون إلى الأطر القانونية إلا بعد فوات الآوان, مما يفوت الفرصة لسفاراتهم في حمايتهم دبلوماسياً.
نوصي أخيراً بتخصيص موظفين في كل سفارة يمنية تكون مهمتهم إعمال مبدأ ممارسة الحماية الدبلوماسية لمصلحة المواطنين بشرط أنيكونوا على دراية تامة بشروط ومتطلبات قيام حالة الحماية الدبلوماسية.
* الملحق القانوني في سفارة الجمهورية اليمنية بالأردن