12 مايو 2019
في غفلة من الزمن وفي لحظة فارقة في تاريخ بلده، وفي أوج عطائه الوطني، وفي الشهر الكريم رحل عنا إلى الدار الآخرة، خالد وهبي عقبه، الشخصية الاجتماعية والدبلوماسية، اختطفته المنية، بعد أن ترك لنا سجلاً حافلاً بالمواقف، والأثر الطيب.
رحم الله خالد وهبي عقبة، ذو السيرة العطرة، والتاريخ الحافل بالعطاء، فقد كان عنواناً لإنسان عدن مدينة النور والتنوير، وكان من الأوائل الذين واجهوا الغزو الحوثي لمدينته بروح المناضل وصبر المواطن، لم يفقد توازنه، ولم تغب عن خاطره فكرة اليمن الجديد، كان واحداً من المثقفين المعتدلين فكراً وسلوكاً وموقفاً.
وكان من القلائل الذين ترى فيهم نموذج المناضل ورجل الدولة، ذو الخبرة وسعة الأفق، متواضعاً وودوداً ومنفتحاً على الآخرين دون تعصب. لقد خسرت عدن واليمن خالد وهبي عقبه، كان رحيله المبكر فاجعة، بعث لي صديقه ياسين مكاوي رسالة قال فيها: رحيله سبب لي صدمة أعجزتني لوقت ما عن تجميع شتات عقلي، ومن المؤكد أن ذلك كان شعور كل محبيه وأصدقائه لحظتها.
تعرفت عليه عن قرب عندما بدأنا رحلتنا في إعادة بناء المؤسسات الوطنية في العاصمة المؤقتة عدن في 2016م، رأى زملاؤه في إبعاده من منصب مدير عام البريقة، وعدم الاستفادة من خبراته خسارة قد لا تعوض، وعندما التقيته وتحدثت إليه حول أوضاع عدن وكانت حينها في أسوأ حالاتها كان حريصاً على المشاركة في البناء، ولكنه بسبب حالته الصحية فضل العمل في السلك الدبلوماسي وكان له ما أراد.
في طريقه إلى عدن ماراً بالرياض حرص على السؤال واللقاء، فالتقينا وتحدثنا طويلاً حول عدن واليمن، كان حزيناً للدماء التي تسيل وحزيناً للحال الذي تذهب فيه العلاقات بين الإخوة والمناضلين في عدن الذين عرفهم في ميادين الشرف والعمل المشترك إلى هذا المستوى من التوتر وضيق الأفق، ورفض الآخر وشيطنته لاختلاف الرأي.
كما تناول حديثنا العلاقات الدبلوماسية والثقافية مع أثيوبيا، لقد قال باختصار، أثيوبيا دولة محورية في أفريقيا ومن الخطأ عدم إدراك هذا الأمر. وكما عرفته ضل مخلصاً للقيم والمبادئ التي آمن بها. غفر الله لك خالد ورحمك وأسكنك فسيح جناته، وألهم أهلك وذويك صبراً على مصابهم الجلل، "وإنا لله وإنا إليه راجعون".