سام الغباري
العقوبات الاقتصادية لا تكفي
الجمعة 8 نوفمبر 2019 الساعة 19:53
لماذا يجب تفكيك النظام والجغرافيا في إيران ؟
- ايديولوجيًا .. تمتع نظام آيات الله في ايران بالوفرة الزمنية الطويلة "٤٠ عامًا" لتعبئة جيل كامل من "المجاهدين الصامتين" بكراهية الغرب ، مستندًا إلى عقائد تدميرية للآخر سواءً كان هذا الآخر هم المسلمين السُنّة أو الغرب بمن فيه من مسيحيين ويهود وغيرهم . يسكن إيران قرابة ٨٠ مليون إنسان ، تُركوا هناك وسط سياج من تعاليم الكراهية اليومية . خلال أكثر من 21 مليون دقيقة قضاها الايرانيون وسط آلات دعائية ضخمة تتوزع بوسائل اتصال جماهيرية ، كلها تتحدث عن "الشيطان الأكبر" الذي يعمل في المكتب البيضاوي بالبيت الابيض . وما تزال الدعاية مستمرة ..
أسأل نفسي احيانًا لماذا اختار السيدان "سايكس وبيكو" الأرض العربية لتقسيمها - شخصيًا أنا مع ذلك الاتفاق لأنه منح بلدي "اليمن" دولة كانت غائبة منذ عشرة قرون - لكن وقد حدث الأمر وتكونت الدول الوطنية في المناطق العربية ، يعود السؤال مرة اخرى لماذا يفكر الغرب في إعادة ترسيم خارطتنا بعد مئة عام من تشكل الدول الوطنية ، هل النفط أم اسرائيل ؟
حين تضع أصبعك وتشير إلى مناطق الخطأ في خارطة الشرق الاوسط اليوم تجد أن الشعب الكُردي يستحق إنتباهًا عالميًا لقضيته وأحلامه في تشكيل دولة وطنية خاصة به . هذا الأمر مزعج لبعض الدول مثل سورية والعراق وتركيا، لكنه مُدمر بالنسبة إلى إيران . كيف ؟
سأقول لكم ..
بديهيًا .. يمثل نظام آيات الله في طهران خطرًا وجوديًا للعرب وللغرب أيضًا ، هذه مقولة غير استهلاكية ، فالأذرع الميليشاوية التي يصدّرها ويموّلها نظام الثورة الايرانية و يأبى معها التحول إلى دولة طبيعية نابعٌ من تشكيلة العقائد الثأرية لحُكّام طهران الإرهابيين ، استخدامهم عائلة النبي محمد صلوات الله عليه كرمزية موروثة بحكم انتماء مرشد الثورة "خامنئي" إلى العرقية الهاشمية يجعلهم متطلعين إلى احتلال "مكة المقدسة"، وذلك يعني أن يفقد العرب حقهم في الإشراف على منطقة الوحي الإسلامي جغرافيًا ودينيًا ، تقودنا تلك التطلعات المسلحة إلى شيئ واحد هو الحرب . غربيًا ونعني بذلك أوروبا وأميركا يوغر "خامنئي" صدور شيعة بلاده ومن يواليهم عربيًا ، يفوق تعدادهم أكثر من ٩٠ مليون شيعي يرددون عبارة "الموت لأميركا" ، إن لم علنًا فإنهم يرددونها سرًا . وبمجرد تمكن "طهران" من تحويل التيار الشيعي إلى تنظيم سياسي وعسكري ، سيُصدم العالم بأنهم أمام جيش ايديولوجي عابر للحدود الوطنية تموّله آبار نفط النظام الايراني .
حين تعود بإصبعك للتفتيش عن منابع النفط في ايران التي تعتبر رابع أكبر بلد في انتاج الطاقة النفطية عالميًا ستجدها تتركز كاملة في المناطق الكردية - الايرانية ، وبمجرد نزع تلك الجغرافيا عن طهران سيجد الايرانيون أنفسهم - مضطرين - للبحث عن بدائل "نظيفة" للعيش .
الايرانيون الموالون لأفكار خامنئي المتطرفة يعيش جزء كبير منهم في شوارع اوروبا وأميركا ، وبطبيعة الشيعة الطائعة لمرشدهم الديني الأكبر يستطيع "خامنئي" أن يحوّلهم إلى قنابل جسدية متحركة تُفجّر نفسها في كل المناطق الحيوية الغربية بإشارة واحدة من اصبعه . إن مقارنة سريعة بين تنظيمي القاعدة أو "داعش" اللذان أثارا الرعب في العالم و تنظيم "التشيع" الذي تشبّع بإيمان مطلق أن اميركا تجسد الشيطان الأكبر وأن زوالها هدف استراتيجي لهم ، سيجعل اسامة بن لادن وابوبكر البغدادي وايمن الظواهري شخصيات محدودة الخطر والتأثير ، مقابل انفلات ارهابي شامل لأكثر من ٩٠ مليون متشيع يتوارون خلف عقائدهم الأشد تطرفًا وعصبية وإرهابًا .
العقوبات الاقتصادية لا تكفي ، فقدرات "الالتفاف" عليها تجعل "روحاني" يصرح بها أمام وسائل الإعلام .. واسقاط النظام يواجه صعوبة التعصب القومي الفارسي من الداخل، وهو لن يغني الكثير بل سيسهم في توسع الارهابيين على طول الجبال الايرانية الشاهقة . تغيير الجغرافيا قد يكون الفكرة الأقل كلفة والأكثر ربحًا، أن يُمنح الشعب الكردي الخاضع لسيطرة طهران أملًا وطنيًا يحقق دولتهم الوطنية مع بقية مواطنيهم في البلدان الأخرى مغامرة تستحق العناء .
اذا وقف الغرب مكتوفًا وحائرًا أمام التجييش الشيعي على مناطق الجزيرة العربية فإن ايران لن تكافأهم ببرميل نفط واحد .. بل ستضيف ١٠ مليون برميل أخرى إليها لتصبح المُصدّر الاول للنفط في العالم بمقدار يقارب ١٩ مليون برميل نفط ، وبحساب النفط العراقي الذي يصب في خزائن البنوك الايرانية لتشكيل وتسليح الجيوش الميليشاوية الموالية لها ، سنقول لكل اميركي أن عليه توقع مئات الآلاف من الارهابيين الذين يتجولون في شوارع بلادهم يهتفون "الموت لأميركا" .
هذا المقال نافذة ، فكرة ، أتمنى أن يقرأها المهتمون بتفاعل يُضيف إليها ما يغنيها ويدفعها إلى واجهة الاهتمام ، فعدو أميركا والغرب ليس العرب ولا التيارات المعبرة عن الإسلام السُني التي كانت على الدوام شريكًا محترمًا للأديان الأخرى ، العدو في طهران الذي يشفط انهار النفط الكردي رغبة في إيذاء العالم