قد يكون المستفيد من هذا المشروع طفل مصاب بنوع نادر من الوهن العضلي أو شابة تفشى السرطان في جسمها أو مريض ضربه داء التصلب الجانبي الضموري.
وليس للأدوية المسموح باستخدامها في حال توفّرها، أي أثر على معاناتهم وأملهم الوحيد هو المشاركة في تجربة سريرية لعلاجات تجريبية تقيمها مختبرات. لكن في أحيان كثيرة تُرفض مشاركتهم إما لأنهم شديدو المرض أو صغار السن أو بالعكس كبار في العمر.
ويسعى نواب من الحزبين الديموقراطي والجمهوري في 38 ولاية أميركية إلى التخفيف من معاناة هؤلاء المرضى من خلال اعتماد قوانين حول "الحقّ في تجربة" علاجات تجريبية خارج إطار التجارب السريرية.
وتلقى هذه القضية صدى كبيرا في الولايات المتحدة لدرجة رمى كلّ من الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونائبه مايك بنس بكلّ ثقله دعما لمشروع قانون عرض الثلاثاء للتصويت في مجلس النواب في واشنطن بغية فرض "الحقّ في التجربة" على الصعيد الوطني.
غير أن النواب الديموقراطيين عارضوا هذا المشروع، ما حال دون نيله نسبة الثلثين اللازمة وفق المسار المعجّل الذي اختارت الغالبية الجمهورية العمل به في هذه الحالة. وقد تعهّد زعيم هذه الغالبية طرح المشروع مجددا للتصويت واعتماده هذه المرة.
وندّد أطباء وجمعيات تمثّل مرضى مصابين بامراض نادرة بقانون يلعب على العواطف ويحيي "آمالا في غير محلها" ولا يغيّر شيئا في الوضع القائم.
ويمكن اليوم للأطباء الطلب من مجموعات صيدلانية إعطاء أدوية قيد التجربة لمريض ما في إطار تدابير استثنائية شرط أن يكون العلاج قد اجتاز المرحلة الأولى من التجارب السريرية، أي المرحلة التي تمّ فيها اختبار العقار على نحو عشرين شخصا بصحة جيدة للتأكد من عدم سميته.
وإذا ما قبلت المختبرات بتلبية هذا الطلب، يحال الملفّ إلى السلطات الصحية الفدرالية التي تعطي موافقتها في 99 % من الحالات في خلال بضعة أيام عموما، مع احتمال التوصية بإجراء بعض التكييفات.
وكل سنة، يستفيد نحو ألف مريض من هذا النفاذ "الموسّع".
ويقول آرثر كابلان مدير قسم الأخلاقيات الطبية في كلية الطبّ التابعة لجامعة نيويورك لوكالة فرانس برس "من النادر جدا أن تعود هذه التجربة بالنفع على المرضى".
حقّ موجود "أصلا"
في واقع الأمر، لن يؤدّي القانون الجديد، في حال اعتماده، إلى فرض "حقّ" في التجربة، فالمختبرات وحدها تقرر إذا ما كانت تريد تشارك جزيئاتها مع الغير أم لا.
والفارق الأكبر هو أن السلطات الصحية الأميركية لن يعود لها أي كلمة في هذا الخصوص وهي ستكتفي بتلقي بلاغات، لا سيما عندما تكون الآثار الجانبية شديدة الخطورة.
ويصرّح كابلان المعارض لهذا المشروع "يتكلمون عن الحقّ في التجربة لكن يحقّ أصلا للمرضى التجربة ... هم يطالبون دوما المختبرات بذلك".
وتعارض الجمعية الوطنية للأمراض النادرة (نورد) بدورها هذا المشروع، خشية أن يسبب "التباسا" ويحيي "آمالا زائفة".
ويشدد كابلان على أن العلاج التجريبي قد يسرّع كذلك من خطر الوفاة.
ويسود إجماع بشأن عدم قدرة الشركات على مواجهة سيناريو من هذا القبيل.
فالمختبرات الصغيرة التي تعدّ محرّك الابتكارات في مجال العلاجات، تفتقر إلى الموارد اللازمة للتعامل مع كمية كبيرة من الطلبات الفردية على هامش التجارب السريرية.
أما المجموعات الكبيرة، فهي تخشى أن تسبب وفاة مريض ما، حتّى لو كانت حالته شديدة الخطورة، بتشويه سمعتها أو عرقلة مسار الموافقة على دواء معيّن.
ومن شأن القانون الجديد، أن يساعد هذه الأخيرة في التغلّب على هذه الصعوبات، فهو يمنح الشركات الكبيرة حصانة قانونية معزّزة ويوضّح أنه ليس في مقدور السلطات الصحية أن تعرقل مسار طرح دواء ما في السوق بسبب وفاة مريض خارج التجارب السريرية.
وتقول ستارلي كولمان من معهد غوولدووتر الذي ساهم في صياغة هذه القوانين "نريد أن نعطي للشركات ضمانات كافية لتتمكن من مساعدة المرضى في إطار الحقّ في التجربة، من دون أن تعلّق السلطات الصحية تجاربها في حال وفاة شخص ما".