عودة واعدة للسياحة المصرية بعد سنوات من انعدام الاستقرار
الأحد 18 مارس 2018 الساعة 03:09
الأحرار نت/ الغردقة (مصر):
تشهد مصر عودة واعدة للسياحة بعد سنوات من انعدام الاستقرار بسبب أزمات سياسية وهجمات جهادية وجهت ضربة قوية لهذا القطاع.

وقد يشكل هذا الانتعاش خبرا سارا للرئيس عبد الفتاح السيسي عشية الانتخابات الرئاسية التي سيفوز نتيجتها بولاية ثانية، وهو كان اعتبر عودة السياحة مسألة وجودية.

في مدينة الغردقة المطلة على البحر الأحمر، بين السياح المستلقين على الشاطئ الدنماركي بينت سكوفبو (77 عاما) الذي زار مصر أكثر من 75 مرة.

ويقول سكوفبو الذي اتخذ اسمًا مصريًا له وهو سمير، "إذا كان هناك فقط البحر الأحمر للغطس فسآتي، لكن هناك أيضا الأهرامات في القاهرة ومعابد الأقصر والنيل وأسوان... والناس ودودون للغاية".

وتراجعت السياحة منذ ثورة العام 2011 التي أطاحت حسني مبارك ولكنها تلقت ضربة قاصمة عقب إسقاط الدولة الإسلامية في العام 2015 طائرة روسية بعيد إقلاعها من منتجع شرم الشيخ ما أسفر عن مقتل 224 شخصا كانوا على متنها.

ويرى السيسي الذي يخوض انتخابات الرئاسة المقررة في 26 آذار/مارس بلا منافس حقيقي والذي تعهد القضاء على الجهاديين، أن مثل هذه الهجمات تشكل تهديدا وجوديا للدولة.

ومطلع هذا العام، صرح السيسي "عندما أقول إن الهدف هو إسقاط الدولة، فيجب أن تعرفوا كيف يحدث هذا. عندما يستهدف قطاع معين فإنه (المهاجم) يعرف ماذا يفعل".

ويقول مديرو الفنادق ومراكز الغوص ورجال الأعمال وشركات السياحة إن هناك ارتفاعا في معدلات إشغال السائحين وفي الحجوزات خصوصا في الغردقة ومرسى علم (على البحر الأحمر جنوبا).

ويقول علي عقدة، الرئيس التنفيذي لشركة ترافكو المصرية، الشريك المحلي لشركة "تي يو آي" التي تعد من أكبر شركات السياحة والرحلات في العالم، "هناك زيادة كبيرة في الحجوزات هذا العام، والطلب على مصر قوي جدا خصوصا من جانب الألمان".

ويؤكد محمد أبو ستيت، المدير العام لجزيرة المحمية، وهي محمية طبيعية تعد من أهم الأماكن التي يزورها السياح، أن "شركات السياحة والفنادق تحاول تحسين الصورة وتصرف الكثير (من المال) في حملات إعلانية في الخارج".

والمحمية هي منتجع مساحته 10 آلاف متر مربع في جزيرة الجفتون. ويستقل الزوار مركبا للوصول إلى الجزيرة حيث يمضون اليوم على الشاطئ ويمارسون الغطس أو السباحة ثم يعودون ليلا إلى مدينة الغردقة.

وتعد صناعة السياحة مقياسا للاستقرار الذي وعد السيسي بإعادته إلى البلاد، فيما توعّد تنظيم الدولة الإسلامية المحاصر الآن في سيناء، بضرب السياح.

ويقول هشام الدميري، رئيس هيئة تنشيط السياحة، إن العام التالي على إسقاط الطائرة الروسية، أي العام 2016، "كان واحدا من أسوأ الأعوام التي مرت على السياحة المصرية".

وزار مصر في ذلك العام 5,4 مليون سائح مقارنة ب14,7 مليونا في عام 2010، ما دفع شركات السياحة والفنادق إلى التركيز على زيادة التعاقد مع وكلاء سفر من خارج روسيا.

وكان القطاع الذي يوظف الملايين من العمال ويعتبر مصدرا هاما للنقد الأجنبي، تكبد خسائر فادحة بسبب انخفاض عدد السياح إذ انخفضت إيراداته إلى 3,8 مليار دولار في العام المالي 2015-2016، مقارنة ب 11,6 مليار دولار في العام المالي 2009-2010، حسب بيانات البنك المركزي المصري.

وبلغ العام الماضي عدد السياح الذين زاروا مصر 8,3 مليون شخص، بحسب الأرقام الرسمية.

الاستقرار

ومع تراجع حجم الاستثمارات الأجنبية في مصر بعد ثورة 2011، كان انخفاض عائدات السياحة كذلك من أسباب أزمة النقد الأجنبي التي دفعت الحكومة المصرية إلى تحرير سعر صرف الجنيه في تشرين الثاني/نوفمبر 2016.

ولم يركز السيسي، وهو عسكري سابق انتخب في العام 2014 عقب إزاحته الرئيس الإسلامي محمد مرسي بعد تظاهرات كبيرة طالبت برحيله، على عودة السياحة في حملته الانتخابية.

ولكنه يؤكد باستمرار أن جهود حكومته ل"محاربة الإرهاب" تستهدف إعادة الاستقرار إلى البلاد.

ولم يصل الانتعاش بعد إلى شرم الشيخ ومنطقة جنوب سيناء في الوقت الذي تحارب فيه السلطات الجماعات الجهادية المتطرفة في شمال سيناء حيث يتمركز الفرع المصري لتنظيم الدولة الإسلامية.

ويؤكد الدميري أن "المنطقتين الأكثر تأثرا (بتراجع أعداد السياح) هما مدينة شرم الشيخ وجنوب سيناء وذلك بسبب توقف توافد السياح من سوقين رئيسيتين هما البريطانية والروسية".

وأعلنت شركة الطيران الروسية "ايروفلوت" الثلاثاء استئناف رحلاتها المباشرة بين موسكو والقاهرة في الحادي عشر من نيسان/ابريل.

ومن المتوقع أن تستأنف شركة مصر للطيران رحلاتها إلى موسكو قريبا، ومع أنها لم تعلن ذلك رسميا إلا أن موقع مطار دوموديفو في موسكو أدرج رحلات للشركة المصرية ابتداء من الثاني والعشرين من آذار/مارس الحالي.

ويقول مصطفى كامل السيد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، "أعتقد أن الاتجاه إلى انتعاش السياحة سوف يستمر طالما ليست هناك أحداث إرهابية كبيرة".

ويقول مارك زفرا، مدير إدارة الوجهات في شركة "لوكسير تورز"، وكيل السفر التابع لخطوط طيران لوكسمبورغ، إن عدد رحلات الطيران المتجهة إلى الغردقة، وهي رحلة واحدة أسبوعيا، ستتضاعف بنهاية آذار/مارس.

ويوضح زفرا الذي تنقل شركته السياح إلى مصر من لوكسمبورغ وألمانيا وبلجيكا وفرنسا "لدينا زيادة 250 بالمئة (في الحجوزات) مقارنة بالعام الماضي".

الطيران العارض

وبحسب الدميري، يستخدم أكثر من 70 بالمئة من السياح في سفرهم إلى مصر الطيران العارض أو كما يطلق عليه "تشارتر".

ويقول فيصل خلف، مالك شركة "رواد البحر الأحمر" التي تنظم رحلات غوص على متن قوارب، إنه في أعقاب حظر الطيران الروسي، "قام الكثير من المنظمين بتحسين خدماتهم وحاولوا جذب زبائن من دول أخرى".

متعلقات