للعيد في عدن هذا العام طعم آخر، ولون آخر، ونكهة أخرى أيضا.. فالمدينة التي اكتوت العام قبل المنصرم بنيران الحرب الآثمة التي شنتها القوى الانقلابية، والتي اتت على الكثير من أساسيات بنيتها التحتية - خلعت ثوب الحزن، استعادة القها و وهجها وبريقها مجددا، لتبدو اليوم وخلال أيام العيد كلؤلؤة تبرق وسط بحر من سواد الليل.
وأنت تتجول في شوارع هذه المدينة المعروفة بـ«مدينة الشمس والبحر والليل والجبل والشواطئ الآسرة» - تتراءى لك البهجة بجلاء في وجوه الجميع، سيما الاطفال الذين استعادوا طمأنينتهم وعادوا يتباهون بملابسهم الجديدة يتنططون ويضحكون وينشدون ويغنون ويلهون بما حصلوا عليه من العاب، ويبتاعون الحلويات والملثلجات، وكأنهم يعيشون فرحة العيد لأول مرة، وكذلك هو الحال بالنسبة للكبار.. الذين ارتدوا الجديد، وراحوا يتزاورون فيما بينهم ويعاودون ارحامهم، ويتبادولون السلام والتهاني والتبريكات والعزومات، وكأنهم الآخرين يحضون بهكذا طمأنينة لأول مرة.
سر الفرح
لعل سر فرحة هذه المدينة وابتهاجها بعيد الأضحى هذا يكمن.. في أنه حل على أهلها هذه المرة بعد أن استعادة المدينة الكثير من مقومات وخدمات واساسيات الحياة العامة.. التي تأتي الكهرباء في صدارتها باعتبارها العامل الرئيسي والاساسي لاستقرار نظرها للجو الحار الذي تشهده المدينة، ناهيك عن بقية خدمات الحياة الاخرى والمتمثلة في المياة وتوفر المشتقات النفطية، وتوفر السلع الغذائية، وعودة المؤسسات والمراكز الخدمية للعمل وغير ذلك من مقومات الاستقرار والحياة في المدينة والتي كان للحكومة الشرعية ممثلة برئيسها الدكتور أحمد عبيد بن دغر الفضل الأول والأخير في تحقيقها.
حفل ترفيهي ومن أبرز مباهج هذا العيد في مدينة عدن الحفل الترفيهي الذي أقيم عصر يومنا هذا والذي تم فيه إطلاق ٤٠٠٠ بالونة زينت سماء المدينة .. وتخلل الحفل الذي اقيم في ساحة فندق المعلا بلازا العديد من الفقرات الفنية "غناء - عزف - راب " وغيرها .. كما نضمت على هامش الحفل مسابقة ثقافية تم في ختامها توزيع عدد من الجوائز .. الى جانب توزيع حلويات .. وتعد هذه الاحتفالية الأولى من نوعها التي تشهدها المدينة منذ تعرضها للاجتياح من قبل المليشيا الانقلابية.الأمن والاستقرار
يمثل عامل الأمن والاستقرار أحد أهم أركان الحياة والتعايش في أي مجتمع.. ومدينة عدن شهدت وللأسف طيلة الثلاثة الأعوام الماضية حالة من التدهور الامني غير المسبوق، والذي على إثره نفذت العديد من عمليات الاغتيالات والقتل والاختطافات وأعمال السطو والنهب والبسط وغيرها، الا أنه وبتوفيق من الله وبفضل حنكة وحكمة رئيس الحكومة الشرعية الدكتور احمد عبيد بن دغر - تم تثبيت دعائم الأمن والاستقرار في المدينة، واستعادة الدولة هيبتها، وتم القضاء على الكثير من الظواهر والمظاهر المسلحة والمغلوطة التي كانت تفشت في المدينة في ظل التدهور الامني الفترة الماضية، وأصبح الناس ينعمون بأجواء من السكينة والأمن والطمأنينة ويزاولون حياتهم بشكل طبيعي وبعيدا عن أية منغصات.
صرف المرتبات
ومن أهم العوامل التي ساعدت على إعادة البهجة والفرح لهذه المدينة المعرفة بـ«ثغر اليمن الباسم» - تحسن الظروف المعيشية للناس وذلك بفضل انتظام عملية صرف مرتبات العاملين منهم في المرافق الحكومية، والذي يأتي رجال الأمن والجيش في مقدمتهم.. فقد حرصت الحكومة الشرعية على حل كافة الاشكاليات التي كانت تعيق انتظام هذه العملية، وعملت بكل جهد وبشتى الطرق والوسائل على توفير السيولة المالية اللازمة، وقد ساعدها في ذلك قيامها بنقل البنك المركزي الى العاصمة المؤقتة عدن.. ولنا في توجيهات رئيس الحكومة المتكررة والخاصة بصرف المرتبات خير دليل.. والتي كان آخرها توجيهه أمس الأول وعند عودته إلى العاصمة عدن بسرعة صرف مرتبات الجيش والأمن وحثه العاملين في البنك المركزي على مواصلة العمل خلال إجازة العيد، بما يضمن استلام كل العاملين في هذه المجالات لمستحقاتهم.
المتنزهات
إن وجود المتنزهات والحدائق العامة يمثل عامل مهم من عوامل الترويح والتنفيس على السكان في أي بلد .. وعدن تعد من أجمل المناطق التي تتوفر فيها شواطئ ومتنزهات آسرة .. والتي ضلت طيلة العقود الماضية متنفسا ومزارا لكل اليمنيين وكل محبي الراحة والاستجمام.. وقد ساعدت عملية استتباب الأمن والاستقرار في استعادة تلك المتنزهات والشواطئ لوهجها وألقها .. بعد أن ظلت مهجورة طيلة الفترة الماضية.. حيث نجدها اليوم وخصوصا خلال أيام العيد تكتظ بالزوار الذين يصطحبون أسرهم وأطفالهم للتخييم فيها والاستمتاع بما بها من جماليات تأسر النفوس والقلوب.
وجود الدولة
ووجود الدولة وتطبيق النظام والقانون يعد أحد أهم عوامل الاستقرار.. وقد مثل تواجد الحكومة الشرعية في العاصمة المؤقتة عدن أحد أهم عوامل استقرارها وتطبيع الأوضاع فيها.. وكانت عودة رئيس الحكومة الدكتور أحمد عبيد بن دغر يوم أمس بالنسبة لأهالي المدينة - بمثابة البلسم الذي انحط على الجرح فطاب.. لذلك نجدهم استبشروا وابتهجوا وهللوا كثيرا بعودته.. خصوصا أنهم باتوا يرون فيه الأب الروحي الذي كرس كل جهده ووقته في سبيل خدمتهم وبناء مدينتهم.. في حين أن غيابه عنهم يشعرهم بالفقد وهذا ما يؤكده الكثيرون منهم، ولعل توافدهم للسلام عليه وتبادل تهاني وتبريكات العيد معه صبيحة يومنا هذا «يوم العيد» خير دليل على محبتهم له وحرصهم على بقاءه بينهم.
واخيرا نقول.. بأن العاصمة المؤقتة عدن تعد اليوم المدينة الأوفر حضا من بين كافة المدن اليمنية، من حيث ابتهاجها وفرحتها واحتفالها بعيد الاضحى المبارك.. وذلك نظرا لكون الكثير من المدن والمناطق اليمنية الأخرى لا تزال تعيش حالة من الصراع والحرب وعدم الاستقرار نتيجة الوحشية التي مارستها وتمارسها جماعتي الانقلاب بحق اليمنيين عامة.. فهنيئا لك يا عدن هذه الفرحة، وهنيئا لأبنائك وسكانك واطفالك هذه الطمأنينة، وهنيئا للقيادة السياسية ممثلة بفخامة الرئيس عبد ربة ومنصور هادي - رئيس الجمهورية، وللحكومة ممثلة بالدكتور أحمد عبيد بن دغر رئيس مجلس الوزراء.. هذا الانجاز العظيم.. وكل عام وعدن وكل اليمن بألف خير.