سلط موقع "ديلي بيست" الأمريكي، الضوء على مدينة "المخا" الساحلية، من خلال وضعها العسكري الحالي، وتمركز قوات التحالف فيها.
وقدمت الصحفية المصرية أسماء وجيه، في مقالها في الموقع الأمريكي، لمحة تاريخية عن مدينة المخا اليمنية، وقالت إنها حالياً لا تقدم مدينة المخا الساحلية على ساحل البحر الأحمر في اليمن خلطات قهوة أو منتجعات بحرية، التي كانت ذات يوم أحد المراكز البحرية في العالم ومليئاً بالثروات من جميع أنحاء العالم، اليوم سيكون من الصعب للغاية اليوم الإشارة إليه على الخريطة.
وذكرت في المقال، الذي ترجمه للعربية "الموقع بوست"، أن المخا اليوم تلعب دوراً رئيسياً مرة أخرى، وهذه المرة في الصراع الدائر في اليمن بين ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران والقوات الموالية لحكومة الرئيس عبدربه منصور هادي، المدعومة من التحالف الذي تقوده السعودية. مع احتدام الحرب الأهلية، عملت المدينة أيضًا كمركز رئيسي لتهريب السلع والأشخاص.
وقالت، إن المخا أصبح المكان الذي تتمركز فيه القيادة المركزية لعمليات دولة الإمارات العربية المتحدة، ويسيطر التحالف على الميناء. بالإضافة إلى ذلك، فإن القوى الثلاث المختلفة التي يدعمها التحالف من الكتائب الجنوبية وقوات ابن شقيق الرئيس اليمني السابق، وألوية تهامة، لديها قواعدها العسكرية الرئيسية في المخا.
وذكرت الكاتبة المصرية اسماء وجيه، أنها زارت المخا في مايو عام 2018، وقبل الحجز في أحد الفندقين الموجودين في المدينة، تم استضافتها لبضعة أيام من قبل أفراح، وهي امرأة من المخا، متزوجة من أحد أفراد القوات من عدن. يقع منزلها في المدينة القديمة حيث تحيط ببعض المنازل الحديثة مساكن قديمة تبدو محطمة من الحروب السابقة.
وتضيف "من خلال المشي في المدينة، يصعب تصور هذا المكان كميناء رئيسي خلال أوقات مختلفة في القرون القليلة الماضية. يبدو كل من السوق المحلي للأغذية وسوق السمك قديمًا تمامًا كما لو أنه لم يتغير كثيرًا منذ قرون".
وتابعت في مقالها بالموقع الأمريكي، "كان من الصعب رؤية معالم المدينة التاريخية، لكن بعضها كان ممكنًا. الجامع التاريخي للشاذلي )الذي سمي على اسم الشيخ علي بن عمر الشاذلي( موجود منذ ما يقرب من 500 عام".
وأضافت "كذلك يصعب العثور على آثار ايام المجد عندما كانت تنقل القهوة العربية من اليمن إلى جميع أنحاء أوروبا. لم يتبقى أي شيء من القصور التي سكن فيها التجار الأثرياء. لا شيء يبدو لتسجيل اي إرتقاء أوسقوط للمدينة".
وتشير إلى أن بعض السكان المحليين يتحدثون عن الفيضان الضخم الذي شهدته في أربعينيات القرن العشرين، والذي أدى بسهولة إلى جرف العديد من المباني في المدينة بعد الدمار الذي حدث بالفعل في حروب سابقة بين القوى الكبرى في القرن العشرين في المنطقة. ويعتقد البعض أنه كان عقاب من الله بعد إسراف التجار الأثرياء الذين "شربوا الخمور من أكواب مصنوعة من الذهب".
وذكرت أنها التقت، بباحث تاريخي من المخا في منزل شيخ القبائل المحلي في المدينة. كان الشيخ وزواره يمضغون القات. قال لي الباحث، عادل حسين أنه :"كانت القهوة مثل الذهب بالنسبة لنا، أو مثل النفط في الخليج".
وأضاف :"لم تزرع حبوب البن في المخا، ولكن في المرتفعات الشمالية بصنعاء وحولها، ثم اعتادوا على جمعها في منطقة بيت الفقيه، في الحديدة، ثم قام التجار بنقلها إلى المخا عن طريق الإبل ثم تصديرها من هنا إلى بقية العالم".
لكن تلك الايام أصبحت ماضي. حصل حسين على نسخ من الدراسات القديمة حول المدينة التي تتناول زوالها على أيدي الحروب المتعددة، ولا سيما الحملة الإيطالية على العثمانيين في عام 1911 والحرب البريطانية خلال الحرب العالمية الأولى التي تركت المدينة وكأنها تضررت من زلزال. خلال السنوات التي أعقبت العثمانيين، وخاصة خلال حكم الأئمة الزيديين، بدأت زراعة القات في النمو. وأوضح:"إنه أكثر ربحية للتجار من البن في جميع أنحاء البلاد".
كما قيل لي أنه على الرغم من أن البعض يشير إلى الرئيس السابق علي عبد الله صالح )1990 إلى 2012( في بناء الطرق الرئيسية والمساعدة في رفع مستوى التعليم ، فإنه خلال فترته، تحولت المخا إلى مجرد مركز تهريب للسلع واللاجئين عبر البحر. وبينما تقلص نشاط التهريب منذ أن أصبحت المنطقة منطقة عسكرية للتحالف )مع انتقال البعض منها إلى شبوة على بحر العرب(، كانت القوارب تأتي لسنوات من القرن الأفريقي المليء بالمهاجرين الأفارقة.
لكن المخا لديها مشاكل خاصة بها. إن المنازل التي تم سحقها بالقرب من بيت أفراح يتم استخدامها من قبل اليمنيين النازحين من الحرب الأخيرة. الكثير منهم ينتظرون انتهاء القتال للعودة إلى قراهم في المدن القريبة.
وتقول أن قوارب يزال الصيد والقوارب لاتزال باقيان على قيد الحياة في المخا. ولكن كما رأيت في عائلة أفراح، انضم العديد من الشبان للقوات للحصول على راتب لائق.
وتابعت "أمام قاعدة عسكرية بالقرب من المستشفى الرئيسي الذي يطل على الساحل، أخبرني بعض الصيادين الذين كانوا يجلسون في قواربهم وهم يستريحون بعد العمل بعدم التقاط الصور لأنها قريبة من القاعدة".
واستطردت " يبدو الساحل خالياً من الناس، حيث كانت والدة أفراح تخبرني أن العائلات لا تذهب إلى الشواطئ كما كانت من قبل. بعض الأطفال يذهبون للسباحة في بعض المناطق، وكذلك بعض الجنود، ولكن بعض الشواطئ يتم تجنبها لأنها لا تزال تحتوي بعض الألغام الأرضية التي خلفتها نزاعات السنوات القليلة الماضية".
وتقول "بعد سماع دمار الحروب القديمة والحديثة بالإضافة إلى الفيضانات، من السهل تصديق ما قالته والدة أفراح: أنه لم يعد هناك الكثير من الأشخاص الأصليين من المخا. غادر الكثيرون المدينة للبحث عن حياة أفضل في مكان آخر، مثل الرجل الذي التقيت به والذي عاد من جيبوتي لزيارة العائلة. اليوم، حوالي 90 في المئة من سكان المخا ليسوا من المدينة. معظمهم من أفراد القوات المختلفة بالإضافة إلى النازحين".
لقد تأكدت ما إذا كانت القهوة لا تزال تحظى بالشعبية كما هو الحال في العاصمة صنعاء، ولكن لا يبدو أن هذا هو الحال. كان الناس يشربون الشاي في كل مكان. تدمج أم أفراح القهوة مع الأعشاب كدواء. قيل لي أنه في محلات الحلويات، يتم تقديم القهوة مجانا لتخفيف المذاق الحلو. في المطاعم لا توجد القهوة، ناهيك عن كونها امرأة، ليس لديها مكان في المقاهي المحلية.
وختمت مقالها بالقول "لقد غادرت المخا دون شرب القهوة".
* العنوان والترجمة لـ الموقع بوست