طالب ناشطون سياسيون يمنيون بضرورة إفراج بريطانيا عن ما يربو على 100 مليون دولار (80 مليون جنيه استرليني) يحتجزها بنك إنجلترا "المركزي البريطاني" وتخص الحكومة اليمنية منذ 4 أعوام.
وتساءل الناشطون عن هذا المبلغ الكبير وهل يستفاد من عوائده في ظل معاناة اليمنيين ؟، خاصة وأنه يُمكِّن اليمن من استيراد الغذاء ودفع الرواتب والمساعدة في التخفيف عن الأزمة الإنسانية التي تردد بريطانيا نفسها دوما بضرورة مساعدة اليمن.
وجمد بنك إنجلترا أموالاً تخص الحكومة اليمنية رغم أن بنوكاً مركزية أخرى فتحت حسابات للحكومة اليمنية وأبرزها "الاحتياطي الفيدرالي الأميركي".
ويمر اليمن بأزمة إنسانية صعبة ويعاني اقتصادياً من ضعف القدرة الشرائية.
ودعا الناشط السياسي اليمني البراء شيبان البنك المركزي البريطاني للإفصاح عن سبب التجميد وعدم رفعه، سيما وأن الحكومة اليمنية في أمس الحاجة للموارد لتسيير أعمالها وممارسة دورها عوضاً عن الاعتماد على المساعدات الإنسانية.
وقال شيبان "لماذا لا يخبرنا البنك ما هي الأسباب التي تعرقل عملية رفع التجميد ؟، وماهي الإجراءات التي لم يستوفها المركزي اليمني إذا كان هذا هو العذر لكي نطالب البنك اليمني باستيفائها ؟".
وسبق لمحافظ البنك المركزي اليمني الدكتور محمد زمام أكد في مقابلة سابقة مع "الشرق الأوسط" أن "بنك إنجلترا" جمد حساب الحكومة اليمنية.
وقال: "للأسف الشديد المملكة المتحدة وهي تنادي وتحرص على مساعدة اليمن وتحذر من مجاعة هي من تمنع البنك المركزي من استخدام أمواله".
وأضاف زمام: "لدينا حساب طرف بنك إنجلترا وفيه أموال ملك لليمن، تم تجميد الحساب لظروف سابقة وبعد عودة البنك المركزي والاعتراف به من جميع الدول، وتم فتح أغلب الحسابات، منها حساب البنك لدى (الاحتياطي) الفيدرالي في نيويورك، وبعد استكمال جميع المتطلبات من خلال مكاتب بحلول مايو (أيار) 2018، ثم الانتظار إلى عقد مهمة تشخيص البنك المركزي من قبل صندوق النقد الدولي، ثم تفاجأنا برسالة بتاريخ 3 أكتوبر (تشرين الأول) 2018 بطلب بنك إنجلترا طلبات سياسية ليس لها علاقة بالعمل المصرفي، والهدف منها فقط منع اليمن من استخدام أمواله في شراء الغذاء اللازم للشعب اليمني".
يشار إلى أن المحافظ زمام أعلن قبل أيام أن "النتائج الختامية لزيارة خبراء صندوق النقد الدولي الخاصة باليمن أكدت أن البنك المركزي اليمني عمل على اتباع سياسات اقتصادية متميزة تدعمها مساعدات المانحين تساهم في تخفيف الأزمة الإنسانية على المدى القصير".
وفي تعليق للكاتب والناشط اليمني وضاح الجليل على هذه القضية، قال في حديث لـ"الشرق الأوسط"، إن السلوك البريطاني بخصوص الأموال المجمدة، انعكاس للأجندة البريطانية في اليمن والمنطقة، والتي تحاول لندن تنفيذها بمختلف الطرق، حتى وإن تعارض ذلك مع المواقف الأميركية بشأن هذه الأجندة.
واتهم الجليل المملكة المتحدة بأنها تحاول"ابتزاز الحكومة الشرعية" عبر رفضها إطلاق الأموال المجندة، لجهة إضعافها وعدم تمكينها من الإيفاء بالتزاماتها، مقابل نوع من الدلال تبذله لندن لجهة الميليشيات الحوثية، التي ما تزال تحرص على عدم هزيمتها عسكرياً ووضعها على قدم المساواة مع الحكومة الشرعية.
وقال الجليل: "نلحظ أن هناك ابتزازاً سياسياً وعسكرياً من قبل البريطانيين في طريقة تعاملهم مع الأزمة اليمنية، كما نلحظ أن لندن تضغط على الحكومة الشرعية لعدم استكمال تحرير مختلف المناطق". ويترافق هذا الابتزاز السياسي والعسكري كما يقول الكاتب وضاح الجليل "مع الابتزاز الاقتصادي المتمثل في تجميد الأموال اليمنية في بنك انجلترا، وهو أمر بلا شك من شأنه أن يعرقل عمل الحكومة وقدرتها على إدارة الملف الاقتصادي بشكل ناجح".
وبحسب الجليل "يسعى البريطانيون من خلال سلوكهم هذا إلى إفشال المساعي الحكومية وإضعاف أدائها، لتقديم تنازلات والدخول في شراكة مع الميليشيات الانقلابية والقبول بها كأمر واقع في مقابل تقديم تسهيلات للانقلابيين وخصوصا في الملف الاقتصادي كما هو الحال في شأن ميناء الحديدة والحرص البريطاني على إبقائه ناشطا على الرغم من خضوعه للحوثيين".
من جهته يقول الناشط والكاتب همدان العليي إن "تعنت البريطانيين بشأن عدم الإفراج عن الأموال الحكومية اليمنية المجمدة، منذ أربع سنوات هدفه واضح وهو إفشال الحكومة وجعلها في مستوى واحد مع الانقلابيين الحوثيين".
ويؤكد العليي أن "هذه الأموال من شأنها أن تسد جانبا من الاحتياجات الإنسانية لليمنيين إذا ما تم الإفراج عنها، غير أن هذا الموقف البريطاني- بحسب رأيه- لا يمكن النظر إليه إلا أنه "نوع من الابتزاز الواضح ومحاولة مكشوفة من قبل لندن للتنصل عن أدوارها المطلوبة في تحقيق السلام في اليمن واستعادة الدولة التي سطا عليها الحوثيون بقوة السلاح".
وبحسب التقارير الأممية فإن نحو 15 مليون يمني بحاجة إلى مساعدات غذائية عاجلة، حيث أن أغلبهم لا يعرفون من أين سيحصلون على الوجبة القادمة، في ظل انهيار الاقتصاد وعدم قدرة الحكومة الشرعية على الوفاء بالتزاماتها على صعيد دعم استيراد السلع اللازمة الأساسية.
وأدت الأوضاع الاقتصادية المتدهورة في اليمن خلال سنوات الانقلاب الحوثي الأربع إلى جعل ملايين الأطفال عرضة للأمراض الفتاكة، كما أدت إلى حرمان الملايين منهم من التعليم، على رغم كل الجهود الإنسانية والدولية المبذولة.