خسر ليفربول، الذي يتصدر جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز، أمام ملاحقه مانشستر سيتي على ملعب الاتحاد يوم الخميس الماضي بهدفين مقابل هدف وحيد، وهو ما يعني تقليل الفارق بين الناديين إلى أربع نقاط فقط. وبعد نهاية المباراة، كانت هناك حالة من الجدل بشأن الكرة التي سددها اللاعب السنغالي ساديو ماني واصطدمت بالقائم لترتد وتصطدم مرة أخرى بلاعبي مانشستر سيتي قبل أن يُخرجها أحد لاعبي سيتي وهي في طريقها إلى داخل الشباك. وقد أشارت التكنولوجيا الخاصة بخط المرمى إلى أن الكرة كانت على بُعد 11.7 مليمتر فقط من تجاوز خط المرمى بالكامل.
وبسبب هذه الـ11.7 مليمتر، خسر ليفربول المباراة وربما تكون السبب أيضاً في خسارة الفريق بطولة الدوري الإنجليزي الممتاز، وهو الأمر الذي يذكّرنا بسقوط جيرارد أمام تشيلسي وتسببه في هدف في مرمى فريقه، لكي يُهدي اللقب لمانشستر سيتي أيضاً. وإذا ما وضعنا في الاعتبار عدم فوز ليفربول ببطولة الدوري الإنجليزي الممتاز منذ فترة طويلة لأسباب مختلفة، فإن ما حدث أمام مانشستر سيتي وعدم احتساب الكرة هدفاً بسبب 11.7 مليمتر قد يضع ضغوطاً هائلة على لاعبي الفريق وعلى الجمهور الذي بات يشعر بأن سوء حظ غريباً يلازم النادي ويمنعه من الحصول على البطولات.
ومع ذلك، لا يزال ليفربول متصدراً لبطولة الدوري الإنجليزي الممتاز بفارق أربع نقاط، وهي الحقيقة التي أصر المدير الفني لليفربول يورغن كلوب، على تأكيدها عقب نهاية المباراة.
وقال كلوب: «أؤمن بهذه المجموعة من اللاعبين أكثر مما تتخيلوا. كنت على استعداد لدفع أي مبلغ من المال لو أبلغني أي شخص أنني بعد المباراتين ضد سيتي سأتفوق عليه بأربع نقاط. كنت أعتقد أن هذا ليس ممكناً. لو فزنا باللقب في خمسة من آخر عشرة مواسم لكان الأمر مختلفاً. لا نملك هذه الخبرة. ما زلنا في موقف جيد وأنا سعيد للغاية».
وأضاف: «كنت أعلم أن سيتي يستطيع الفوز علينا وهذا ليس أمراً جديداً. فاز علينا 5 - صفر في الموسم الماضي. الأمر لا يتعلق بالتفوق النفسي لطرف أو لآخر. لم نكن محظوظين فقط».
وتجب الإشارة هنا إلى أنه مهما يكون الفريق منظماً ويضع في حساباته كل صغيرة وكبيرة، فقد يلعب الحظ دوراً كبيراً في تحديد نتيجة المباراة، والدليل على ذلك أن تسديدة ساديو ماني قد اصطدمت بالقائم ولم تدخل المرمى، في حين اصطدمت تسديدة ليروي ساني بالقائم ودخلت المرمى وكانت هدف الفوز الذي منح سيتي نقاط المباراة الثلاثة.
وفي الحقيقة، يمكن أن تتسبب هذه الـ11.7 مليمتر في إحباط شديد للاعبي وجمهور ليفربول، إذا ما وضعنا في الاعتبار عدم نجاح النادي في الحصول على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز منذ 29 عاماً، وهو الأمر الذي سيضع ضغوطاً هائلة ولا تُحتمل على لاعبي الفريق. وبالتالي، يواجه كلوب اختباراً قوياً للغاية في ما يتعلق بكيفية نجاحه في تحفيز لاعبيه ومساعدتهم من الناحية النفسية على تجاوز تداعيات ما حدث.
ويجب التأكيد مرة أخرى أن ليفربول قد سبّب مشكلات كبيرة لمانشستر سيتي في هذه المباراة بسبب سرعة لاعبيه في الهجمات المرتدة. وبدا لاعبو مانشستر سيتي لا يشعرون بالراحة، وهو الأمر الذي انعكس على معدل التمريرات الصحيحة الذي انخفض إلى 80.8%، بعدما كان 88.7% في المتوسط خلال الموسم الحالي. وقد تكرر هذا الأمر مع مانشستر سيتي في المباريات الأخيرة، حيث رأينا الفريق يعاني بنفس الشكل أمام ساوثهامبتون الأسبوع الماضي. وبطريقة مختلفة بعض الشيء، أثبت ليستر سيتي وكريستال بالاس أنه يمكن التغلب على مانشستر سيتي. صحيح أن الأمر يحمل قدراً كبيراً من المغامرة عندما تهاجم أمام مانشستر سيتي لأنه قادر على استغلال المساحات الخالية في خط دفاع الفريق المنافس، بالشكل الذي رأيناه في هدف ساني في مرمى ليفربول والذي جاء من تحول سريع من الخلف إلى الأمام، لكنّ الهجوم على مانشستر سيتي يُظهر نقاط الضعف الواضحة في خط دفاع الفريق.
وربما يكون «الإحباط التكتيكي» الذي عانى منه ليفربول، إن جاز التعبير، قد ظهر في بداية الشوط الثاني عندما أصبح يتعين على الفريق أن يهاجم من أجل إدراك هدف التعادل، حيث كان من الواضح للغاية أن ثلاثي خط الوسط، جوردان هيندرسون وجيمس ميلنر وجورجينيو فينالدوم، يفتقرون للإبداع، وهو الأمر الذي عانى منه الفريق أيضاً في الشوط الثاني من المباراة التي خسرها أمام باريس سان جيرمان على ملعب «حديقة الأمراء» في دور المجموعات بدوري أبطال أوروبا.
وعندما غيَّر ليفربول طريقة اللعب إلى 4 - 2 - 3 - 1 تمكّن من فتح ثغرات في دفاعات مانشستر سيتي، وربما يكون السبب في ذلك هو أن فيرناندينيو قد وجد نفسه فجأة وبشكل مباشر أمام روبرتو فيرمينيو، كما أن محمد صلاح قد تحرك للعمق بشكل أكبر بعيداً عن طرف الملعب الذي كان يواجه فيه مراقبة قوية من إيمريك لابورتي، الذي فضل جوسيب غوارديولا الدفع به في مركز الظهير الأيسر وقام بعمل جيد وأوقف خطورة صلاح.
ومرة أخرى كان الدرس واضحاً لأي فريق يلعب أمام مانشستر سيتي وهو أنه إذا كنت تريد أن تغامر وتهاجم فيجب عليك أن تضع مهاجماً صريحاً أمام فيرناندينيو، لأن ذلك الأمر يسبب ارتباكاً شديداً للطريقة التي يلعب بها مانشستر سيتي.
ويجب الإشارة إلى أن مانشستر سيتي ليس الفريق الذي لا يُقهر، ويعاني من العديد من نقاط الضعف الواضحة. لكن الفارق بينه وبين ليفربول قد انخفض إلى أربع نقاط، وهو ما يعطي حافزاً كبيراً لمانشستر سيتي ويضع ضغوطاً كبيرة على ليفربول. وفي المقابل، لا يزال ليفربول متصدراً جدول الترتيب بفضل النتائج الاستثنائية التي حققها في شهر ديسمبر (كانون الأول). ولا يزال فارق النقاط الأربع أمراً جيداً للغاية لليفربول، لكن كما قال المدير الفني الأسطوري لمانشستر يونايتد السير أليكس فيرغسون، فإن المشكلة لا تكمن في خسارة مباراة لكنها تكمن في رد الفعل بعد الخسارة.
ويتعرض أفضل الفرق للخسارة في كرة القدم، وربما بنتائج كبيرة. وبالتالي، فإن ما يتعين على كلوب القيام به الآن هو أن يثبت أن الـ11.7 مليمتر لن تسبب أي مشكلة لفريقه، ويساعد لاعبيه على تجاوز هذا الأمر من الناحية النفسية، لأن المشكلة الأبدية التي تواجه ليفربول هي تلك الفجوة بين الطموح والحقيقة.