جاءت مخرجات الحوار الوطني خلاصات آمال وطموحات الشعب اليمني منذ فجر نضاله من أجل الحرية والحياة الكريمة والخلاص من الاستبداد والاستعمار.. امتداد من اثنان وخمسون عاماً منذ قيام الثورة اليمنية في 26 سبتمبر 1962 م و14 أكتوبر 1963 م، إلى حرب انقلاب الحوثي على الشرعية والشعب اليمني يعاني من دوامة صعبة وصراعات لا تنتهي لكنه لم يستسلم وظل يبتدع أساليب نضال فريدة تعكس جوهره الأصيل وعمقه الحضاري التليد بغرض تحقيق الأهداف التي فجر من أجلها رواد نضاله ثوراتهم المتتالية.. فقد جسدت مخرجات الحوار شكل الدولة اليمنية الاتحادية والتي هي كفيلة بنقل اليمن إلى آفاق الحداثة وروح العصر متمسكاً بشريعة الدولة المعترف بها دولياً والتي ترفض العودة للاستبداد أو حكم الفرد والقبيلة والعائلة، بل تعمل على وضع لبنة حقيقية لبناء دولة المؤسسات، دولة النظام والقانون، دولة العدل والمساواة، دولة الحريات والمسؤولة.
هذا ما سعى له فخامة المشير عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية، منذ أن تولى مقاليد نظام هش، تراكمت مشاكله لأكثر من خمسين سنة ماضية، لتقوم مليشيات الحوثي وصالح برفض الحل السلمي العادل والانقلاب على الدولة والنظام حتى تكشفت أوراقهم بتأسيس مجلس انقلابي ثوري وحكومة مناهضة لحكومة الشرعية، وشرعوا بالحرب وقصف المدن والمباني السكينة، وصولا إلى مدينة عدن جنوب البلاد، ليتم تنفيذ المخطط الايراني والسيطرة على باب المندب الذي يعد أهم المنافد البحرية عالمياً..
لم يكن هدف الحوثي إسقاط الجرعة كما زعم، بل اتخذها ذريعة لكسب عاطفة الشعب لكسب قاعدة جماهيرية يدفع بها للصفوف الأمامية لضرب الدولة، فحرب الحوثي في اليمن ليست حرب داخلية فقط ولكن هي أيضا حرب اقليمية، تهدف لانتزاع اليمن للحاضنة الفارسية والسيطرة على الجزيرة العربية.
المليشيا وكارثة حربها على الشعب
منذ قيام حرب الحوثي وصالح على الشرعية لما يقارب ثلاثة أعوام، لم يجني الشعب اليمني من هذه الحرب إلا الخراب والدمار والفقر وانتشار الأوبئة على الشعب اليمني، خصوصا في المناطق التي تسيطر عليها المليشيا والتي تعاني الأمرين نتيجة لنهب المليشيا لمؤسسات الدولة وإيراداتها المالية، ليتعدى ذلك لنهب المساعدات الخارجية ومنع وصولها لبعض المناطق وهو ما صرح به وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارك لوكوك، الجمعة، واتهامه لمليشيات الحوثي وصالح الانقلابية بعرقلة وصول المساعدات الإنسانية في صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرتها.
ليس هذا فحسب، بل تعدى الأمر لتقوم المليشيا بأكبر عملية نهب للمال العام لم يعرف الشعب مثيلها من قبل، وهي سرقة البنك المركزي في صنعاء وجعله خاوٍ على عروشه، كما نهبت كل الايرادات التي تأتي من المحافظات المسيطرة عليها وحرمان المواطنين من الرواتب عامل الدخل الوحيد الذي تتكئ عليه أغلب الأسر في بلد يرزح سكانه تحت خط الفقر، مما دفع الكثير من المثقفين وحاملي الشهادات العليا، للعمل بأعمال لا تليق بمكانتهم العلمية والاجتماعية من أجل الحصول على دخل ولو بسيط، ليسد به فاقة أسرته المغلوب على أمرها.
واتسعت هذه الكارثة لتصل إلى سيطرت المليشيا على المعسكرات ونهب المعدات وإلزام الجنود للمحاربة ضد شرعية الدولة، كما قامت بأبشع الجرائم التي تجرمها القوانين الداخلية والخارجية وأقلها تجنيد الأطفال، وإرغامهم على القتال واستغال حاجتهم المادية لإعالة أسرهم..
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فبدون رحمة أو شفقة يقومون بقصف المباني السكنية للمواطنين العزل وارتكاب أشبع المجازر المروعة وأشهرها في تعز.
وعن الحقوق والحريات لم يعرف نظالم الحوثي أي شيء عن الحريات فقد طال اعتقال الصحفيين والناشطين وكل من يعبر عن رأيه ضدهم، ولم يكتفوا بذلك بل وصل بهم الحد إلى قتلهم في المعتقلات ليتم بعده دعوة أسرهم لتتسلم جثثهم الهامدة.
وهذا ما هو إلا نموذج بسيط بما تقوم به جماعة الحوثي وصالح في صنعاء وبقية المحافظات التي تقبع تحت سيطرتهم، ليتضح للجميع بأن هذه الجماعة ما هي إلا عبارة عن مليشيا مسلحة إرهابية غير مؤهلة لأن تكون على هرم السلطة وأن ترعى أحوال الناس بالعدل والقانون.
فشتان بينهم وبين شرعية الدولة اليمنية بقيادة فخامة الرئيس هادي ورئيس حكومته الدكتور أحمد عبيد بن دغر، التي تحدت الصعاب وعملت في أصعب الظروف لبناء ما تم تدميره وإعادة الروح لكل مقومات الحياة وفقا للإمكانيات المتاحة.
الحكومة الشرعية برئاسة بن دغر
لم تتأخر الحكومة الشرعية بقيادة الدكتور أحمد بن دغر عن أداء واجبها الوطني وتطبيع الحياة من بعد الحرب، فقد شرع الدكتور بن دغر منذ توليه رئاسة الوزراء العام الماضي في تكثيف الجهود والنزول الفوري للعاصمة المؤقتة عدن ومعالجة المشاكل المتراكمة وإعادة بناء البنية التحتية وتوفير الخدمات التي كانت غائبة على المدينة.
حيث وضعت جملة من الخطط العلاجية والاستراتيجية في اجتماعات رئاسة مجلس الوزراء المستمرة، وبعد جهود كبيرة ومعاناة أكبر، استطاع رئيس الحكومة من تطبيع الحياة لعدن وتوفير الخدمات كالكهرباء والمياه والمشتقات النفطية وتوفير وانتظام الرواتب.
كما قام بن دغر وبتوجيهات عليا من فخامة الرئيس هادي، بدفع عجلة التنمية بتدشين العديد من المشاريع التنموية والعمرانية في عدن وإعادة بناء البنية التحتية لمؤسسات الدولة التي طالها الدمار من جرا الحرب الهمجية على أيدي الحوثي وصالح..
واستمر العمل المستمر والمنسق والمتواصل من قبل فخامة الرئيس هادي ورئيس الحكومة الدكتور بن دغر للاستمرار بتنفيذ توجيهات رئيس الجمهورية للسير لتأسيس أركان دولة اليمن الاتحادية في مختلف المحافظات المحررة، وقد برز ذلك في الدور الذي قام به رئيس الحكومة الدكتور بن دغر بتفقد وبنفسه لكل محافظة محررة والوقوف على مشاكلها واللقاء مع سلطتها المحلية وقيادتها لتوحيد الجهود وتكثيفها للوصول إلى النتائج المرضية والمرجوة.
فقد شملت زيارة دولته من عدن إلى مأرب ولحج وأبين والمخا وحضرموت والمهرة لوضع أركان الدولة اليمنية من خلال:-
بناء مؤسسات الدولة العسكرية. إعادة بناء البنية التحتية للمؤسسات الدولة. إقامة المشاريع التي تحتاجها كل محافظة حسب ظروفها. زيارة رئيس الحكومة لهذه المحافظات والوقوف بنفسه على معرفة كل متطلبات كل محافظة ووضع حجر الأساس لمشاريع تنموية وخدماتية. العمل على إنعاش هذه المحافظات وإعادة الثقة لها بعد ما فقدته من الحرب وبناء جسور من الثقة والتواصل بين السلطة المحلية والحكومة للعمل بوتيرة كبيرة لإعادة البناء والتشييد. الجلوس مع المواطنين عن قرب وتلمس همومهم ومعرفة احتياجاتهم لمعالجتها وتوفيرها. إنصاف كل محافظة أهملت في العهد السابق لتكون في المقدمة.فالرئيس هادي ماضي في طريقته لتأسيس مشروع اليمن الاتحادي بقيادة رئيس الحكومة الدكتور بن دغر الذي كرس حياته من أجل الوطن وبنائه، ومواصلة العمل الجاد لتنفيذها وتطبيق رؤاها وتصوراتها وبتكاتف الجميع رجالاً ونساءً، شيوخاً وشباباً على السواء بروح واحدة بعيدا عن الخلافات الصغيرة أو العصبيات الضيقة أو مخلفات الماضي وأمراضه.. وعلى أبناء الوطن أن يستحضروا على الدوام مصالح أبنائهم وأحفادهم في وطن عزيز يحمي الجميع تحت راية الأمن والعدل والحرية والمساواة والحياة الكريمة.