لا شك أن المعالجة للعملية الاقتصادية في أي بلد تشمل عمليات صنع القرار التي تؤثر على الأنشطة الاقتصادية لبلد ما، وعلى علاقاته بالاقتصادات الأخرى. وهو ما يترك بصورة واضحة آثارا رئيسية على الجوانب المتعلقة بالعدالة والفقر ونوعية الحياة
ومن منطلق أنه لا يمكن تصور إدارة عامة فاعلة من دون وجود إدارة عامة فاعلة في تحقيق إنجازات في السياسات العامة الاقتصادية للبلد، ولا تستقيم السياسات الاقتصادية والاجتماعية بغياب المشاركة والمحاسبة والشفافية، لذلك فإن الحكم الرشيد يقتضي المشاركة والمحاسبة والشفافية وفق معايير واضحة وراسخة.
ولا يمكن إنفاذ هذه السياسات عمليا إلا بسيادة القانون الذي يجب أن تتسم أطرها القانونية بالعدالة، ولا بد من توخي الحياد في إنفاذها، وبخاصة القوانين المتعلقة بحقوق الإنسان.
ويأتي بموازاة ذلك الفاعلية والكفاءة التي ينبغي أن تسفر الإجراءات والعمليات التي تنفذها المؤسسات المعنية بالملف الاقتصادي إلى نتائج تلبي الاحتياجات مع تحقيق أفضل استخدام للموارد.
في المقابل أيضا يأتي دور المساءلة التي يجب أن يكون صناع القرار في الحكومة والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني مسؤولين فيها أمام الجمهور العام، وأمام أصحاب المصلحة المؤسسية. وتختلف هذه المساءلة حسب كل منظمة، وحسب ما إذا كان القرار داخليا أم خارجيا بالنسبة للمنظمة ، لتتشكل بناء على ما سبق الرؤية الاستراتيجية للتنمية البشرية المستدامة، مع الإحساس بما هو مطلوب لهذه التنمية. كما ينبغي أن يكون هناك فهم للتعقيدات التاريخية والثقافية والاجتماعية التي يتشكل وسطها ذلك المنظور.
وفي ضوء كل ما سبق ..
١- التزمت حكومة الدكتور معين عبدالملك منذ تكليفه برئاستها بقرار جمهوري من فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي، التزمت التزاما كاملا ووفت بتعهدها فعلا دون أدنى تقصير بدعم وتوفير وتسهيل كافة الاعتمادات ومتطلبات استيراد السلع الأساسية وضمان وصولها إلي جميع المحافظات والمديريات في الجمهورية اليمنية .
٢- حيث التزمت الحكومة بالاستمرار في تقديم التسهيلات والخدمات المصرفية التي أقرها القرار 75 لعام 2018 لتجار السلع الأساسية والمتمثلة في تنفيذ الاعتمادات والحوالات المالية الدولية المستندية لتجار السلع الغذائية وتغطية احتياجاتهم من الدولار الأمريكي .
٣- حرصت الحكومة من خلال الآليات التي اتخذتها على تعزيز المخزون الغذائي.
٤- في مختلف المناسبات ما انفك مجلس الوزراء يؤكد على دور البنك المركزي في تقديم التسهيلات المصرفية لتجار السلع الغذائية الأساسية وتوصياته تصب دوما في التوجيه بمرونة وسرعة والإجراءات بما يلبي متطلبات إنقاذ الاقتصاد والوضع الإنساني .
٥- طلب من البنك المركزي رفع تقرير أسبوعي عما تم إنجازه في موضوع تسهيل الإجراءات المصرفية للتجار المختصين في استيراد المواد الغذائية الأساسية وما تم خلال الأسبوع من جهود ونتائج تلك الجهود والاجراءات وانعكاساتها الايجابية على معيشة المواطن لتلافي أي قصور ، وبحيث ترفع تلك التقارير الاسبوعية للأمانة العامة لمجلس الوزراء.
٦- كلفت الحكومة وزارة الصناعة والتجارة لتفعيل دورها ومؤسساتها الرقابية على السوق بشكل عام وسوق السلع الغذائية بشكل خاص لضبط أسعار السلع وبيعها في السوق الرسمي وبالأسعار الطبيعية والمتناسبة مع السعر التفضيلي الذي يحصل عليه التجار من البنك المركزي للدولار الأمريكي.. وفي هذا الإطار أيضا شددت الحكومة على وزارة الصناعة والتجارة وطالبتها بضرورة قيامها بعمل قائمة سوداء للتجار المخالفين بالتنسيق مع البنك المركزي.
٧- ناقشت الحكومة في اجتماعات مجلس الوزراء مشروع معالجة الازدواج الوظيفي والأسماء الوهمية في كشف الراتب، المقدم من وزير الخدمة المدنية والتأمينات، والذي يأتي في إطار تنفيذ خطة الحكومة للعام 2018، ووفق توجيهات فخامة رئيس الجمهورية المشير عبدربه منصور هادي للحكومة في تاريخ 25 ديسمبر 2017.. وأكدت الحكومة في هذا الإطار على إن الازدواج الوظيفي والأسماء الوهمية في كشوفات الراتب، شكل طوال السنوات الماضية إحدى أهم قنوات الفساد، والتي ما تزال تستنزف الخزينة العامة بالكثير من المبالغ، كما سبب في عملية تضخم في النفقات.
٨- أقرت الحكومة تشكيل لجنة لمشروع الرقم الوطني، برئاسة رئيس مجلس الوزراء وعضوية كل من نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية ووزير الخدمة المدنية ووزير التخطيط والتعاون الدولي ووزير الاتصالات وتقنية المعلومات ورئيس مصلحة الأحوال المدنية.
٩- من أول وهلة له ظل رئيس الحكومة يجدد التأكيد على أن حكومته ستعمل جاهدة ولن تتوانى من أجل محاربة الفساد والتزام الشفافية والحكم الرشيد، كجزء من أولويات الحكومة في خطتها وأعمالها التي تأتي في سياق إصلاح الوضع الاقتصادي، ووقف انهيار العملة المحلية بما يخدم اليمنيين في أولوياتهم المعيشية.
١٠- منذ تعيينه رئيسا للحكومة مافتر الدكتور معين عبدالملك عن الشروع في ترجمة توجيهات الرئيس عبدربه منصور هادي في تطبيع الأوضاع في مدينة عدن، والمحافظات المحررة والبدء بمرحلة إعادة إعمار ما خلفته الحرب التي شنتها ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران ، وذلك كله رغم كل الصعوبات والعراقيل والمعوقات الطبيعية أو الموضوعية أو المصطنعة والمقصودة من قبل القوى المناوئة للشرعية .
١١- التفت الحكومة نحو تحسين الحالة الأمنية في المحافظات المحررة والجهود المبذولة في هذا الإطار من أجل تثبيت الأمن والاستقرار، إيمانا منها أن ذلك يشكل ركيزة أساسية في جهود تطبيع الأوضاع، وبالتالي تحسن وصول الخدمات ، وتحسين الحياة المعيشية للمواطن الذي لن يجد استقراره إلا في ظل دولة لا ميليشيات وعصابات مسلحة .
١٢- مخاطبة المجتمع الدولي ومنظمات الأمم المتحدة بتحويل المساعدات للشعب اليمني عبر مسارات ومساقات وقنوات البنك المركزي لضمان استقرار اكبر ومستدام ومستمر للعملة الوطنية.
١٣- في يوم الاثنين 19/ 11/ 2018م عقد مجلس الوزراء برئاسة رئيس المجلس الدكتور معين عبدالملك في مدينة عدن العاصمة المؤقتة، اجتماعاً لبحث ومناقشة آخر المستجدات المتعلقة بعمل الحكومة في مساعيها لإصلاح الوضع الاقتصادي والازدواج الوظيفي في الوظيفة العامة.. وأكدت الحكومة وقتها على جميع ما سبق ، وكان من ثمار ذلك هبوط اسعار صرف العملات الأجنبية وعلى رأسها الدولار الأمريكي والذي كان وصل سعر صرفه بالعملة الوطنية إلى حدود الثمانمائة ريال يمني ليهبط مباشرة وخلال ايام معدودة إلى ما دون الخمسمائة ريال لأول مرة في تاريخه هكذا دفعة واحدة وخلال أيام قليلة .
ولا يخفى على أي متابع للشأن الاقتصادي اليمني والملف السياسي وملف الأزمة اليمنية منذ انقلاب الميليشيا الإيرانية الحوثية على خيار الشعب وسلطته وشرعيته المنتخبة في 21 سبتمبر عام ٢٠١٤م كيف أن تلك الميليشيا العصبوية توجهت مباشرة نحو التدمير الممنهج للبنية الهيكلية للدولة ، وخلخلة البناء الحقيقي الذي بدأ يتشكل بالتزامن مع انتقال السلطة من الحقبة الديكتاتورية التي سبقت العام ٢٠١٢ قبل تولي فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي السلطة كتتويج ونتاج واستحقاق طبيعي لكل من ثورة الشباب الشعبية السلمية والانتخابات الرئاسية في ٢٠١٢ وكذلك استحقاقات المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية.
ومنذ دخول الميليشيا الانقلابية الهمجية واحتلالها صنعاء برعاية إيرانية بدأت العصابة الحوثية في استهداف مؤسسات الدولة العامة والمختلطة ومؤسسات الشعب الخاصة والأهلية بالنهب والتدمير والمصادرة والضم والإلحاق ما انعكس أثره على الدورة الاقتصادية التي انتهى بالعصابة الهمجية إلى تجفيف السيولة النقدية من بنك البلاد المركزي بصنعاء بشقيه من العملة الوطنية والعملة الصعبة حتى عجزت تماما تلك الميليشيا عن صرف المرتبات لموظفي الدولة بعد اقل من سنتين على انقلابها رغم سطوها على الوفر القومي من العملة الصعبة في البنك المركزي وتخطي كل الخطوط الحمراء ، بل ووصل الأمر إلى فتح مخازن العملة التالفة التي كان البنك يستعد للتخلص منها نهائيا وإدخال تلك العملة في الدورة النقدية المحلية عبر صرفها كمرتبات لموظفي الدولة .
.ومن ضمن الجهود التي تستقرأ من سيرة الحكومة وفي مقابلها سلوك الانقلابيين يظهر جليا كيف تحرص حكومة الدكتور معين عبدالملك على ترشيد الانفاق العام غير المقنن والتركيز على الصرف للأغراض الحقيقية التشغيلية للخدمات والمشاريع التي تخدم المواطن ، وتحسن من بيئة الاستقرار المعيشي للمواطنين خصثوصا في المناطق المحررة ، مقارنة بالمضاربة بالعملة وتزويرها وإخفائها ثم إعادة ضخها فجأة.. أو استنزاف الطبعات الجديدة ومحاربتها واستبدالها بالتالفة القديمة في مناطق سيطرة الانقلابيين ، واختلاق الأزمات المتعلقة بحياة المواطنين واستقرارهم ، ومنع تدفق المرتبات الى الموظفين الواقعين تحت قبضتها ، وكذلك منع توريد الموارد السيادية إلى الحسابات الحكومية وحسابات البنك المركزي الرسمية ومصادرة تلك الموارذد وتوجيهها نحو الحرب التي تسعرها بها باستمرار ضد الشعب اليمني.
إن كل تلك الأعباء التي يتحملها الاقتصاد الوطني في ظل الحرب المفروضة على الشعب والوطن من قبل ذراع إيران الميليشاوية الانقلابية الإرهابية الحوثية التي فرضت بحربها ظروف الحرب القاسية وتوقف التصدير والاستحواذ على مصادر الدخل القومي، وخلق ظروف قاهرة توقف معها رفد المالية العامة وخزينة الدولة وصارت كل الموارد مخصصة لمجهود الميليشيا الحربي ، كل ذلك لهو حرب موازية على الاقتصاد بالتضافر مع منهجيبة عميقة لتعويق التعافي الاقتصادي تنتهجه الميليشيا بعمق وخبث لم تعد آثاره تخفى على كل متابع.