عبر سياسة إفقار جميع اليمنيين تحت سلطتها
بعد اختراقها أنظمتهم المحاسبية.. مليشيا الحوثي الإيرانية تضع مطاعم صنعاء أمام خيارات مُرة تدمر بيئة الاستثمار
الثلاثاء 13 أغسطس 2019 الساعة 02:41
عن موقع (المشاهد)

مزيد من التضييق الاجتماعي والاقتصادي يعانيه اليمنيون تحت مسميات كثيرة. هذه المرة شملت إجراءات التضييق التي تمارسها جماعة الحوثي، قطاعاً بالغ الحيوية، وهو المطاعم، إذ فرضت الجماعة إجراءات ورسوماً عشوائية وغير مبررة، فتم إغلاق أهم المطاعم في العاصمة صنعاء، ومنها مطعم الخطيب.

اعتمدت الجماعة مبدأ إغلاق المطاعم، تحت ذرائع مختلفة، فتارة بسبب منع اختلاط النساء بالرجال، وتارة أخرى لعدم وجود مواقف خاصة بسيارات عملاء المطاعم.

ما حصل مع مطاعم الخطيب دليل صارخ على تعسف الإجراءات.

ويقول مصدر في أحد المطاعم الكبيرة بصنعاء (طلب عدم ذكر اسمه)، إن جماعة الحوثي تحصلت على مبلغ 240 مليون ريال يمني، من مطعم الخطيب، عن السنوات الثلاث الماضية، مؤكداً لـ”المشاهد” أن عناصر أمنية تابعة للحوثي “هبطت فجأة على أجهزة الكمبيوتر الخاصة بالحسابات في المطاعم الكبيرة، مثل “الخطيب والشيباني والشيباني رويال (الذي دفع 130 مليون عن السنوات الثلاث الماضية، تحت مسمى ضرائب مبيعات)، واطلعت على الدخل اليومي لتلك المطاعم، بعد أن اخترقت أنظمتها”.

وتعتمد المطاعم الكبيرة على أنظمة محاسبة لدى شركة مايكروسوفت (شركة متعددة الجنسيات)، التي تعمل في مجال تقنيات الحاسوب، بحسب المصدر نفسه، مؤكداً أن جهاز الأمن القومي التابع للجماعة يضغط على شركة مايكروسوفت لكشف الأنظمة التي تعتمدها المطاعم والشركات الكبيرة.

وقال المصدر إن الجماعة تفرض الحصول على مبالغ كبيرة من المطاعم بشكل شهري منذ يناير 2019، مضيفاً أن الإغلاق جاء على خلفية رفض بعض أصحاب المطاعم دفع مبالغ مالية عن السنوات الثلاث الماضية.

رفض الدفع يقابله الإغلاق

وأغلقت جماعة الحوثي مطاعم عديدة، إلى جانب مطعم الخطيب الذي سمحت بفتحه بعد دفعه تلك المبالغ الكبيرة عن 3 فروع تابعة له، ومن هذه المطاعم “التركي والشيباني والعميد وريماس”، نتيجة رفضهم الكشف عن نسبة دخل مطاعمهم لمشرفي الحوثيين، بحسب عبادي الغوري، صاحب مطعم في صنعاء، والذي أكد لـ”المشاهد”، أنه يتعرض بين الفينة والأخرى، لمضايقة جماعة الحوثي، إذ تأتي إليه باسم صحة البيئة، وفحص الرخصة، ومعاينة ملحقات المطعم كموقف السيارات، وإذا وجدوا انضباط والتزام المطعم، بكل الشروط والمعايير، يبحثون عن ذرائع أخرى، بغرض الابتزاز، كما يقول الغوري.

ويقول رشيد الحداد، وهو صحفي اقتصادي، لـ”المشاهد”، إن إغلاق المطاعم يدمر سمعة الاستثمار في صنعاء، ويلحق أضراراً فادحة بعشرات العمال الذين وجدوا فيها باب رزقهم في وضع مؤسف، موضحاً أن قرار إغلاق المطاعم، وبخاصة الخطيب -مؤخراً- كمنشأة استثمارية، بتلك الجلافة، خطأ فادح.

ويضيف: “صحيح أن موقف السيارات الخاص بمطعم الخطيب، صغير، لكن لا يوجد موقف بديل له، كون المنطقة التي فيها المطعم تجارية ومزدحمة، وبالتالي يجب أن يتعامل الحوثيون معه، وفق الممكن، ولا يطلبوا المستحيل منه”.


ضرب الاستثمار

وأثار إغلاق المطاعم بصنعاء، من قبل جماعة الحوثي، سخط الكثير من المواطنين والناشطين اليمنيين، ووجدوا على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي متنفساً لغضبهم، إذ يمكن لمس الكثير من ردود الأفعال الغاضبة والمعارضة لتلك القرارات.

حتى المقربون من جماعة الحوثي، وجدوا في الخطوة تضييقاً سيضر الجميع، وقد قال الصحفي والكاتب جمال عامر، المقرب من جماعة الحوثي، إن إقدام الحوثيين على إغلاق مطاعم الخطيب بصنعاء، ضرب لميزة العاصمة صنعاء، كونها بيئة آمنة للاستثمار، وزيادة البطالة، وحرمان الدولة من الإيرادات المشروعة.

ويؤكد عامر أن إغلاق المطاعم بدون أحكام قضائية، وعبر أطقم عسكرية تهين الناس، وتروع المارة، تحت دعوى عدم وجود موقف للسيارات، قد لا يكون دافعه الأول الابتزاز، وربما ما خفي أعظم.

ويقول وضاح العبسي، على صفحته في “فيسبوك”: “ما قد وقع بالعالم أن تغلق مطعماً تصرح له أنت، وتعطيه كل الرخص، وتستلم منه كل الواجبات، لأنه مافيش معه موقف. اعملوا شرطي مرور يقطع مخالفات لكل سيارة تقف غلط، وخصصوا مواقف للسيارات في كل شوارع العاصمة”.

رد رسمي

ويرد علي الأسدي، المستشار الإعلامي لأمانة العاصمة الخاضعة لجماعة الحوثي، بالقول: “مكتب الأشغال بصنعاء هو الذي يقوم بإغلاق المطاعم المخالفة لشروط رخصة مزاولة المهنة، وليس لديها مواقف سيارات، ومخالفة لصحة البيئة”، مؤكداً لـ”المشاهد”، أن إجراء الإغلاق على المطاعم ليس نهائياً، وإنما مؤقتاً، حتى تقوم بتصحيح وضعها وفق الضوابط والشروط المعمول بها.

وأشار الأسدي إلى أن إغلاق مطعم الخطيب جاء نتيجة مخالفته لما تعهد به قبل سنوات لمكتب الأشغال في صنعاء، بأنه لن يعمل على فتح طوابق إضافية، نظراً لعدم وجود موقف للسيارات خاص بالمطعم، بالإضافة إلى أن الترخيص الذي تم منحه للمطعم كان على أساس مطعم واحد مكون من 4 محلات فقط، غير أن مالك المطعم استغل الترخيص بالتوسع إلى 3 مبانٍ يضم أكثر من 4 طوابق، ما تسبب باختناق مروري في شارع الستين يومياً، وخاصة في أوقات الذروة.

ويفترض سحب الترخيص من مطعم الخطيب، لأن وضعه الراهن يسبب تعطيلاً للمصالح العامة والخاصة، حتى يقوم بعمل مواقف للسيارات بنفس المساحة التي يشغلها حالياً، كما أوضح الأسدي.

وتابع: “هذا تحايل واضح من مطعم الخطيب الذي أصبح سلسلة مطاعم على ذمة الترخيص القديم”.

متعلقات