تلعب الثقافة دوراً جوهرياً في بناء الانسان وتطوير المجتمع وتقدمه وبلورة الوعي الانساني، خصوصا الثقافة ذات الطابع والمضمون الوطني والحضاري الموجه، التي تعزز الشعور بالفردية والحرية والديمقراطية والمشاركة في الحياة الاجتماعية والسياسية وتسهم في تغيير العقلية السائدة وتفكيك البنى القبلية والعشائرية والحمائلية القديمة.
والثقافة ضرورية لمواجهة قهر الحياة وتحديات العصر ومشاكلها المختلفة، وللمؤسسات التعليمية والتربوية دور حقيقي في عملية التوجيه والتثقيف ووضع البرامج التربوية، التي تحرر الانسان من التقاليد السلفية والرجعية المتوارثة والتربية التقليدية، وتعمل على صقل شخصيته وتنمية وعيه، وتخليصه من السلبيات وإرث الماضي، وبناء مجتمع صالح وواع وملتزم قادر على مجابهة الصعاب والتطور الحضاري.
هذا ما كانت تزخر به مدينة عدن من اهتمام ثقافي كبير في فترة زمنية ماضية، وكانت تعتبر عدن منارة ثقافية يقصدها الأدباء والشعراء من كل حدب وصوب، ولكن مع مرور الزمن وتغير الأنظمة السياسية التي أهملت الدور الثقافي بل بات جانب مهمل لم يعطيه أي اهتمام من قبل المسؤولين في عهد سابق..
واليوم وبشكل ملحوظ أظهرت الحكومة اليمنية بقيادة فخامة الرئيس عبد ربه منصور هادي ورئيس الحكومة الدكتور أحمد عبيد بن دغر رئيس الوزراء بالاهتمام الكبير لاستعادة الدور الثقافي لما يلعبه من قيمة هامة في رفع مستوى الوعي في المجتمع، وهذا ما قام به وزير الثقافة الاستاذ مروان دماج في بذل الجهد لفتح مجالات جديدة تعمل على وجود حركة ثقافية فاعلة في مختلف المجالات، كإعادة تأهيل اللبنة الاساسية للكادر الاكاديمي للثقافة والفن بكل مجالاته، وخلق شركات جديدة والتنسيق مع جهات أكاديمية عربية، تعمل على رفع المستوى العلمي..
مركز اللغة المهرية والسقطرية للدراسات والبحوث
في سابقة من نوعها في اليمن باهتمام الحكومة للغات واللهجات المحلية، وجه رئيس الوزراء الدكتور احمد عبيد بن دغر بإنشاء مركز اللغة المهرية والسقطرية للدراسات والبحوث.. حيث أكد رئيس الوزراء حرص الحكومة والقيادة السياسية ممثلة بفخامة الرئيس عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية، بضرورة سرعة البت في إنشاء المركز وتوفير كافة الامكانيات اللازمة، للاهتمام بإصدار الأبحاث العلمية والعمل على ربط اللغة المهرية والسقطرية بمحيطها اللغوي في الوطن خاصة والوطن العربي بشكل عام..
ونوه الدكتور بن دغر إلى أهمية عقد مؤسسات بحثية وعلمية مع كافة الجامعات والمراكز المتخصصة وعمل دراسات مقارنة بين كافة اللغات.. مؤكدا على ضرورة إبراز اللغة المهرية والسقطرية إلى الوجود البحثي والعلمي انطلاقاً من المنهجية العلمية.
وعن أهمية هذا الموضوع وضح وزير الثقافة الاستاذ مروان دماج، إلى أن هناك جملة من الأهداف الأساسية التي سيحققها المركز في رفد العمل الثقافي والإسهام الفاعل من خلال المختصين في الحفاظ على الموروث الفريد وإتقان النطق الصحيح لأهالي محافظتي المهرة وسقطرى وكل المهتمين بتلك اللغات، وذلك من خلال عقد ورش عمل وندوات ومؤتمرات وأنشطة مختلفة في المجال اللغوي والثقافي..
كما أكد وزير الثقافة على أهمية المركز في إثراء المكتبة اليمنية والعربية والعالمية بالدراسات والبحوث العلمية المتنوعة والمتعلقة باللغة المهرية والسقطرية، بالإضافة إلى دوره في إفادة الباحثين والطلاب في شتى مناحي العلوم ذات الاختصاص بالمنطقة، كما نطمح إلى إنشاء أول معهد اكاديمي يهتم بدارسة اللغات اليمنية القديمة ( اللغات العربية القديمة )..
اهتمام حكومة بن دغر بالصرح الأكاديمي الفني
ولأن عدن كانت في عهد مضى عاصمة للثقافة والفنون وملتقى الشعراء والأدباء والمبدعين الذين شكلوا ثورة ثقافية كبيرة، كان لابد من رفد وعمل حاضنة للوهج الثقافي بتأسيس معهد الفنون الجميلة عام ١٩٧٣م لتعليم الموسيقى ولمدة ثلاث سنوات كدراسة تخصصية فقط وكانت الانطلاقة بقسم الدراسات الموسيقية والتي تخرج منها كثير الفنانين وطاقم الفرقة الوطنية الموسيقية والانشاد الوطني..
كما احتوى المعهد أقسام مختلفة كقسم الموسيقية وقسم المسرح وقسم الفنون التشكيلية وغيرها من الأقسام المختلفة التي جعلت من هذا المعهد صرح أكاديمياً مهما على مستوى اليمن كلكل؟
ولكن عصف بهذا الصرح الثقافي، الكثير من الانتكاسات أودت إلى إهماله وتهميش دوره الريادي، الذي كان الأساس الذي يسقل المواهب، حيث أصبح مدمر ومهجور عن أعين الاهتمام..
اليوم بسعي حكومة بن دغر يستعيد معهد الفنون الجميلة أو معهد جميل غانم مكانته شيء فشيء من خلال إعادة تنشيط دوره الهام الذي يلعبه كونه مقصد أكاديمي يأسس وينمي المواهب وفق أسس علمية وتدريب عملي لكل طلابه في مختلف التخصصات على أيدي خبرات يمنية عريقة..
ومن اهتمام حكومة بن دغر التقى رئيس الوزراء بوزير الثقافة ومدير مكتب الثقافة بعدن، كما استمع إلى شرح مفصل عن آلية سير العمل في معهد جميل غانم للفنون الجميلة، الذي استعرضه مدير المعهد الدكتور عبدالسلام عامر، والذي تطرق إلى الصعوبات التي تعيق من تطوير أداء المعهد في ظل المرحلة الراهنة..
وبناء على اللقاء، وجه رئيس الوزراء اعتماد ميزانية تشغيلية سنوية لاستمرار وتطوير أداء برامج المعهد في مختلف أقسامه.. مشددا على سرعة استكمال الترميمات وتجهيز المسرح وصالات عروض الفن التشكيلي، واعتماد خطة عمل وتوفير كافة احتياجات فرقة الإنشاد الوطني..
كما نوه دولة الدكتور أحمد بن دغر، إلى أهمية الاستعانة بخبرات الأساتذة والمختصين من مختلف الدول العربية والأجنبية، للاستفادة من خبراتهم في التدريب والتأهيل وتطوير مستوى الكوادر المتخرجة ورفع مستوى أداء رسالة الفنون في المجتمع.
اهتمام الحكومة بمعهد جميل غانم
ففي 11 سبتمبر 2017 زار وفد رسمي لمعهد جميل غانم للفنون الجميلة أكاديمية الفنون الجميلة وفق توجيهات رئيس الوزراء والجهود الداعمة من وزير الثقافة الاستاذ مروان دماج لإنعاش الدور الثقافي للمعهد والكادر الذي فيه.
وقد ناقش الوفد مع الجهات المصرية أهمية الزيارة إليهم من أجل تفاهمات تم الاتفاق المبدئي حولها وهي توفير المفردات والمناهج والدعم اللوجستي من خلال إيجاد بيئة حاضنة وأساس علمي وفق أكاديمية الثقافة والفن في الدول العربية وأشهرها مصر، حيث خرج اللقاء بتوافق في الهدف المرجو للزيارة وهي:
١) الموافقة في توفير اللائحة ومفردات المناهج والمواد الحديثة التي دخلت على مناهج الفنون المسرحية والاخذ منها ما يمكن لإسقاطها على واقع التعليم المتوسط بمعهد عدن.
٢) الموافقة المبدئية على استقبال خريجي قسم المسرح المتوفقين حسب البرتكول الموقع بين الحكومتين ووفق معايير قبول الدراسة بالمعهد العالي على ألا يتجاوز سن الطالب ٢٥ عام في قسم التمثيل والاخراج.
٣)الموافقة المبدئية على استقبال مدرسين معهد الفنون بعدن في دورات إنعاشيه والاستفادة من خبرات الأساتذة المصريين وفق تفاهمات تتم بين المسؤولين في هذا الشأن والترحيب بذلك.
٤) تم التوافق أن يتم إرسال خبير من أساتذة القاهرة في مجال المسرح لإقامة ورش عمل قصيرة للفنانين المسرحيين على اقل تقدير كل عام شخصية في مختلف تخصصات المسرح.
فقد كانت هذه الخطوة الذي قامت به الحكومة هي الخطوة الحقيقة لدعم الثقافة ومعلميها، أي أن هذه الخطوة الأولى التي بدأت بها حكومة بن دغر في تأسيس القاعدة الاساسية التي من خلالها يتبلور ويبني ويتعلم الطالب في بيئة ملائمة تهتم بالموهبين.
مشروع المائة كتاب
تعتبر القراءة من الأمور التي يجب ألا يغفل عنها الشخص ولا تغفل عنها الدولة، فالمعروف منذ القدم أنّ القراءة هي أوّل وسيلة للتعلّم وأقدمها والتي تعتبر من خلالها يكتسب المعارف والعلوم والأفكار والمبادئ التي يصيغها الشخص الكاتب الذي لديه خبرة في مجال معيّن لينقل هذه الفكرة الى الآخرين ليكتسبوا منها المهارات والخبرات من خلال قراءتها.
فالقراءة هي الوسيلة الوحيدة التي تعتبر من أهم الأمور لبناء الحضارات وتطوّرها في المجالات شتّى لبناء الدولة والابداع لا يأتي في مجال معيّن الا بالقراءة، فلا تبنى الأوطان ولا تتقدم الشعوب البشرية الا بالمطالعة والقراءة.
ومن هنا كانت لحكومة الدكتور بن دغر اهتمام كبير بالقراءة، فقد قام وزير الثقافة بالتوقيع على برتوكول ثقافي بين وزارة الثقافة اليمنية ومؤسسة أروقة للدراسات والترجمة والنشر الأستاذ هاني الصلوي.
البرتوكول بحضور عدد من المهتمين منهم الدكتور مبارك سالمين رئيس اتحاد الأدباء والكتاب اليمنين.
وقد جاء العقد في نقاط عدة أهمها تدشين الوزارة مشروع طباعة مائة كتاب في مختلف صنوف الأدب والفكر والفن. حيث وسيبدأ العمل على المشروع من تاريخ التوقيع، ويسمى مشروع المائة كتاب.
وينص البرتوكول أيضـًأ على تولي مؤسسة أروقة تجهيز هذا المشروع وتسويقه والترويج له والقيام بما يخصه من فعاليات وأنشطة بالتنسيق مع الوزارة.
ومن ضمن بنود الاتفاق منح اتحاد الأدباء والكتاب اليمنين حق اختيار عشرين كتاب ضمن المشروع.
تحركات الحكومة الأخيرة في الاهتمام بالآثار
في ظل اهتمام حكومة الدكتور أحمد بن دغر بالثقافة بمختلف مجالاته، كان الاهتمام بالآثار التاريخية بصمة حاضرة وثقها بتقرير حصري موقع "الاحرار نت" في تاريخ 4 أغسطس 2017، في رصد تحركات الحكومة في الاهتمام بالآثار والأماكن الأثرية وحمايتها، والذي تترجم بزيارة تفقدية لموقع صبر الأثري بمحافظة لحج، الذي يرجع تاريخه الى 1500 سنة قبل الميلاد ويمثل العصر البرونزي والذي يتعرض حالياً لاعتداءات وبسط همجي الامر الذي يؤدي إلى طمس معالمه.. حيث خرج الوزير بحزمة من التوجيهات لحماية هذا الموقع الأثري.
كما كان الاهتمام ايضا بالأماكن الأثرية بمحافظة يافع من أجل الوقوف والاهتمام بنفق تم اكتشافه من قبل أحد المواطنين أثناء قيامه بحفر (بيارة).. والتي هي عبارة عن قناة مائية قديمة مبنية من الحجارة مطمورة تحت الأرض ظلت مجهولة لفترة طويلة من الزمن حتى تناساها أهل المنطقة، وأن النفق يمثل باكتشافه هذا شاهدا حيا على عراقة وعظمة الحضارة الحِميَرية القديمة ما قبل الإسلام..
كما تم الاهتمام ايضا بمتحف بني بكر- الحد- يافع والذي يعد المتحف الوحيد في المنطقة، التي تزخر بأثارها..
اهتمام الحكومة بالشباب المبدع
في إطار أعمال الحكومة ودور وزارة الثقافة برعاية الاستاذ مروان دماج كان للشباب المبدع اهتمام ملحوظ، فقد التقى وزير الثقافة بعدن مجموعة من العازفات الشباب الموهوبات في العزف على مختلف الآلات الموسيقية، ويأتي ذلك لتبني المواهب وتحفيز المبدعين الشباب..
فقد استمع دماج إلى مشاريع وطموح العازفات.. مبدياً إعجابه بما قدمته من أفكار في سبيل إعادة تكوين الفرق الموسيقية النسائية والمختلطة.
كما أبدى استعداد وزارة الثقافة تقديم الدعم الممكن لجميع المواهب الفنية والثقافية في عدن باعتبارها أصبحت تفتقر إلى العنصر النسائي في مجال العزف على الآلات.. متمنيا مشاركتهن في فرقة وزارة الثقافة.
كما لم يغب عن ذهنه بلقائه بالعازفات الشباب بالدور الذي لعبته المرأة العدنية واليمنية في مجال الثقافة والأدب والفنون المختلفة بما فيه العزف على الآلات الموسيقية وبأن عدن خاصة واليمن بشكل عام قد احتضنت الكثير من المبدعات في مجال العزف على الآلات الموسيقية.
مؤسسات فاعلة للنهوض بالعملية الثقافية
وقال وزير الثقافة، مروان دماج أن النهوض بالعملية الثقافية تتطلب في المقام الأول بناء مؤسسات ثقافية فاعلة تعتمد على التخطيط العلمي واستراتيجية يتم تنفيذها على أكمل وجه.
وأكد دماج خلال فعالية نظمها منتدى الخيصة الثقافي الاجتماعي في مدينة المكلا بمحافظة حضرموت، اهتمام القيادة السياسية الممثلة بفخامة الرئيس عبدربه منصور هادي ورئيس الوزراء الدكتور احمد عبيد بن دغر بالمؤسسات الثقافية والفنية ومنتسبيها من المثقفين والمبدعين وإيلائهم الرعاية التي تسهم في منح هذه المؤسسات الاستقلالية التامة لأداء مهامها.. مشيراً إلى أن الوزارة تدعم توجهات استقلالية المؤسسات الثقافية.
ولفت إلى أن صندوق التراث والتنمية الثقافية يعد المورد الوحيد الذي تعتمد عليه الوزارة لدعم الأنشطة الثقافية.. مضيفاً أن الوزارة تسعى لإنشاء فروع للصندوق في المحافظات حتى تتمكن المحافظات من الاستفادة من موارده في تسيير نشاطها وأنه قد تم تدشين هذه العملية بإنشاء فرع للصندوق في حضرموت.
مشاريع متفرقة لوزارة الثقافة أعمال صيانة وإعادة تأهيل إدارة الإنتاج والمسرح التابع لوزارة الثقافة في عدن والمسرح التابع لها، حيث أشرفت على الانتهاء وسيتم استلامها خلال أسبوعين من تاريخ كتابة هذا التقرير. أيضا ترميم المكتبة الوطنية في العاصمة المؤقتة عدن بالتعاون مع السلطة المحلية بالمحافظة، كما سيتم خلال الأيام القادمة إعادة تأهيل مكتبة مسواط الطفل. اعتماد مشروعين مهمين جدا رفعهما وزير الثقافة إلي رئيس الوزراء، وهما إعادة إنشاء فرقة الإنشاد الوطنية وإعادة بناء فرقة الاستعراض للفنون الشعبية والتي تم فيها تكليف فريق من أفضل المتخصصين في هذا المجال. تم تدشين المرحلة الأولى من مشروع مائة ألف كتاب (ألف عنوان) الذي تم بالتعاون بين وزارة الثقافة والمؤسسة محمد بن راشد الثقافية بدولة الإمارات وقد تم نقل الدفعة الأولى "عشرة ألف كتاب" إلى الهيئة العامة للكتاب مأرب، وسيتم البدء بتوزيعها على المكتبات العامة في جميع المحافظات المحررة. تستعد الوزارة عقب الانتهاء من الاحتفالات الوطنية لإحياء مهرجان القمندان في لحج والذي توقف من أواخر ثمانينيات القرن الماضي. كانت الوزارة قد نجحت في اعتماد معرض عدن الدولي للكتاب من قبل اتحاد الناشرين العرب والذي توقف منذ عقود، ووجهت الدعوة لثمان مائة دور نشر للمشاركة في معرض عدن الدولي. صندوق التراث وخلال الثلاثة الأشهر الماضية أصبح يقدم الرعاية لقرابة خمسمئة أديب وفنان وموسيقي أغلبهم في عدن وخلا سبتمبر الماضي بدأ الصندوق بتقديم الدعم لعدد من الفنانين والأدباء والموسيقي في لحج وأبين كما تم اعتماد قرابة أربعين مستفيد كبار الفنانين والأدباء والموسيقيين في صنعاء. ختاماًفبهذه الخطوات التي تمضي عليها القيادة السياسية برعاية فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي ورئيس حكومته الدكتور أحمد بن دغر وبجهود مستمرة من وزير الثقافة الاستاذ مروان دماج تنتهج دولة اليمن الاتحادية نهج غيرها من الدول العربية التي تعطي الاهتمام الكبير للدور الثقافي والذي يشكل سلوكيات المجتمع وينمي مستوى الفكر والتحضر و البناء، ويساهم في بناء أجيال لديها ثقافة راقية تليق بمكانتها بين الشعوب...