لا يسميها اليمنيون بغير "النكبة" وهي التسمية التي لا تليق في التاريخ المعاصر إلا بليلة الغدر بالجمهورية والدولة.
بمختلف توجهاتهم السياسية, اتفق اليمنيون, على أن 21 من سبتمبر من العام 2014م, هو يوم الخيانة والغدر الذي تفوق على يوم الغداء الأخير الذي تم فيه اغتيال حلم اليمن العظيم الرئيس الشهيد ابراهيم محمد الحمدي، الذي لن تنساه الذاكرة, كأسوأ حدث في تاريخ اليمن المعاصر، جاء هذا الحدث ليوازيه ويتفوق عليه بمراحل كون التظمير الذي لحق باليمن أعمق وأشد وأعظم.
حتى السياسيون والناشطون والإعلاميون, الذين لم يمنع وقوف بعضهم في الجهة المقابلة المؤيدة لما حدث حينها ، باتوا جميعا الآن، وفي الذكرى الخامسة من النكبة، يدركون بوعي وأسى وتأنيب ضمير على مستوى واحد, وأكثر من أي وقت مضى، بأن هذا اليوم المشؤوم هو التاريخ الحقيقي الذي بدأت فيه "حكاية الخراب اليمني الذي لم يشابهه خراب من قبل ".
يرى مراقبون أن الشعور المتوحد بأن نيرون* العصر الحديث والمعاصر (الحوثي) لن يتوقف عن مشروعه في إحراق اليمن وتبني خيار شمشون إلا بإرادة ثورية جارفة توقفه او تجتثه وتعاقب وتحاسب بحزم من يؤيده، وبقوة وشدة وغلظة، وذلك إنصافا للجمهورية والوحدة والحضارة والتاريخ والجغرافيا وقبل كل ذلك الملايين من الشهداء والنازحين والمشردين والمعذبين والمخفيين والسجناء والمعتقلين والمظلومين والجرحى والأيتام والأرامل والثكالى والمقهورين والمستضعفين، والمسحوقين، وكل فئات الشعب التي لم يستثن منها أحد غير طائفته التي تسانده ، وشبكة المنافقين والمتمصلحين الذين يؤازرونه رغم تنكيله بمعظمهم.
وأظهرت ردود الفعل الشعبية البائسة ومظاهر الانكفاء الجماهيرية رغم الترغيب والترهيب الحوثي للعصابة الميليشياوية أمام ذكرى النكبة أظهرت مدى الإجماع الطبيعي الشعبي وسعة الصف المعارض للانقلاب, وكيف بات عريضاً بحيث أصبح يضم اليوم شخصيات كانت حتى وقت قريب في صف الحوثي, تجمعها معه المصلحة أو كانت مخدوعة بخطابه الذي اضحى اليوم مكشوفا ولم يعد ينطلي على أحد من الشعب مهما تضاعف الضخ الإعلامي التعبوي الذي استهلك واستنفد كل طاقاته وألوان تزييفه وسحره الذي انكشف كعجوز شمطاء قبيحة المنظر والرائحة والسيرة.
وفي هذا السياق نفذ ناشطون حملة واسعة للتذكير بالنكبة على وسائل التواصل الاجتماعي, خصوصاً في تطبيق الرسائل القصيرة "تويتر" تحت هشتاج #نكبه_اليمن_21سبتمبر.
وأشار محمد عزان الذي كان من مؤسسي الجماعة, واستطاع الهرب مؤخراً خارج البلاد أشار إلى أن النكبة قائمة في الأساس على نظرية الولاية, وهي نظرية طائفية لم تعد صالحة لعصر الرشد السياسي.
وأكد عزان في تغريدته إلى أن الحوثيين باتكائهم على فكرة الولاية, هيمنوا على المؤسسات الدينية, وفرضوا مزاجهم المذهبي على كل شيء, وصادروا خيارات الناس وقتلوا تنوع المجتمع, وبذلك أشعلوا نيران الكراهية والأحقاد.
ويرى السفير السابق عبدالوهاب طواف إلى أن نكبة 21 سبتمبر قادت اليمن إلى مستنقع الفقر والبطالة والجهل والجوع والمرض, وأشار إلى أن الحوثيين صاروا في غنى من أموال الناس, ممن جاعوا وتشردوا من بلادهم.
وعلق الصحفي يوسف حازب بأن النكبة التي صنعتها مليشيا الحوثيين, قطعت على اليمنيين حلمهم بدولة اتحادية عادلة, إذ في غمرة التلهف الشعبي للوصول للحظة التصديق على الدستور الجديد, الذي يكفل كل المعاني والقيم النبيلة, التي هتفوا لها, كانت النتيجة الانقلاب المؤلم.
———————————
* نيرون : الامبراطور المتهور النزق الذي أحرق روما .