الدعم الإيراني العميق للحوثيين.. تمويل وتدريب وتهريب وتوصيل أسلحة نوعية لقلب كل معادلة (تقرير)
السبت 14 ديسمبر 2019 الساعة 13:46

في 4 ديسمبر الجاري، ضبطت سفينة حربية تابعة للبحرية الأمريكية، شمال البحر العربي، “مخبأ كبير” لأجزاء صاروخية إيرانية مشتبه بها، متجهة إلى السواحل اليمنية، وحسبما ذكر مسؤولون أمريكيون، أنها المرة الأولى التي يتم فيها ضبط مثل هذه الأجزاء المتطورة من الأسلحة التي كانت في طريقها إلى اليمن. لم يقدم المسؤولون العدد الدقيق للصواريخ أو الأجزاء، لكنهم وصفوها بأنها أكثر تطوراً من أي أجزاء أخرى ضبطت من قبل.

في أربع مناسبات على الأقل منذ العام 2015م، صادرت الولايات المتحدة أسلحة إيرانية مشتبه بها خلال عمليات تفتيش مماثلة للسفن. في تلك الحالات، كانت الأسلحة أصغر وأقل تطوراً.

سياسة تخريبية

ترتكز السياسة الإيرانية في اليمن على ثلاثة أركان رئيسية: دعم الحوثيين؛ تعطيل وإلحاق الأذى بالمصالح العربية، خاصة مصالح المملكة العربية السعودية، وأخيرا السيطرة على مضيق باب المندب الذي يربط البحر المتوسط بالقرن الإفريقي والمحيط الهندي.

ويعتبر الحرس الثوري الإيراني هو جهاز طهران المكلف بتنفيذ السياسة الإيرانية من خلال تمويل وتسليح وتدريب الحوثيين. وتعتمد إيران على وحدات الحرس الثوري 400 و190 لتهريب الأسلحة إلى المليشيا في مناطق المواجهات مع قوات الحكومة اليمنية.

ويعتبر عبد الرضا شحلاي، هو القائد الأعلى للوحدة 400، والمكلف الأول للتعامل مع الحوثيين. على الرغم من وجود قواسم شيعية مشتركة بين إيران والحوثيين.

لم يكن لدى المليشيا الحوثية قبل انقلابها على السلطة الشرعية اليمنية أي قدرات متطورة لتصنيع الأسلحة، واعتمدت بشكل مباشر في قدرتها على الاستفادة من الفوضى.

اعتراف وتمويل

شهد العام 2019 ظهور دعم دبلوماسي رسمي من إيران للطرف الحوثي. في أغسطس من عام 2019، استقبل المرشد الأعلى الإيراني خامنئي وفداً من الحوثيين في طهران، أعلن خلاله دعمه للمليشيا.

وعقب ذلك، تم تعيين إبراهيم الديلمي، كسفير الحوثي في طهران، واعتراف وزارة الخارجية الإيرانية بالتعيين.

وبحسب المعهد الدولي لمكافحة الإرهاب، مولت إيران الحوثيين حتى قبل اجتياحهم للعاصمة صنعاء في عام 2014. وكان يتم تسليم معظم التمويل المقدر بـ1025 مليون دولار، من باب المجاملة من السفارة الإيرانية في صنعاء، في شكل دعم للأنشطة الثقافية والدينية.

ويعكس هذا التمويل أحد أعمدة السياسة الخارجية التخريبية لإيران – الدعم الثقافي والديني للشيعة في جميع أنحاء العالم.

بعد اجتياح الحوثيين للعاصمة صنعاء وبدء الأعمال العدائية، واصلت إيران ضخ مبالغ كبيرة من الأموال عبر مطار صنعاء الدولي حتى أغلقتها قوات التحالف في عام 2015م.

تسليح المليشيا

بحسب التقرير الأخير الصادر عن المعهد الدولي لمكافحة الإرهاب، شملت المساعدات الإيرانية لمليشياتها في اليمن تزويد الحوثيين بمختلف الأسلحة من ناحية، وتطوير الأسلحة من ناحية أخرى.

وعلى رغم مزاعم الحصار الجوي والبحري من قبل قوات التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية، إلاّ إيران استمرت في تسليح الحوثيين.

بين نيسان/ أبريل 2015م وتشرين الأول/ أكتوبر 2016م، احتجزت البحرية الأمريكية، بصفتها عضوًا في فرقة عمل دولية تشكلت لمحاربة القرصنة ومنع انتهاك الحظر الدولي المفروض على إطلاق النار، خمس سفن في طريقها من إيران إلى مليشيا الحوثي، محملة بمجموعة واسعة من الأسلحة، مثل بنادق هجومية من نوع إي كي 47، وصواريخ وألغام مضادة للدبابات.

وقد وجد تحليل أجرته منظمة أبحاث الصراع حول التسلح في العالم أن أرقام الأسلحة المهربة إلى الحوثيين جاءت متتالية مما يدل على حقيقة أنها جاءت من مصدر تابع للسلطات الإيرانية بدلا من تجار الأسلحة.

علاوة على ذلك، فإن رقمًا مسلسلاً تم التقاطه في اليمن على صاروخ إي تي كورنت، تم الاستيلاء عليه في إحدى السفن المذكورة أعلاه.

في عام 2016م ضبطت القوات البحرية الأسترالية والفرنسية في البحر الأحمر شحنة أسلحة ايرانية شملت 2000 بندقية من طراز إي كي 47، و100 قطعة إر بي جي على زورق واحد، كما تم ضبط عدد مماثل من البنادق طراز إي كي 47 وتسعة صواريخ مضاد للدبابات على زورق آخر.

بسبب جهود قوات التحالف والقوات البحرية الغربية في منع تهريب شحنات الأسلحة من إيران إلى اليمن، بدأ الحرس الثوري الإيراني في تغطية مساراته وتغيير طرق التهريب.

تطوير الأسلحة

أدت جهود التحالف في مراقبة الموانئ اليمنية إلى الحد من تهريب شحنات الأسلحة الإيرانية إلى المتمردين الحوثيين. لذلك، بدأ الحرس الثوري الإيراني في بناء بنية تحتية لتصنيع الأسلحة تركز على الأنظمة المضادة للطائرات، الطائرات بدون طيار، صواريخ من طراز بحر- بر، العبوات الناسفة، الألغام البحرية، المركبات التي يتم التحكم فيها عن بعد مثل القوارب المسيرة والقذائف التسيارية ويمكن تلخيص هذه الأنظمة على النحو التالي:

صواريخ مضادة للطيران

في أبريل 2015، في بداية عاصفة الحزم، دمرت قوات التحالف معظم الصواريخ المضادة للطائرات التي عفا عليها الزمن والتي كان الحوثيون يمتلكونها، ولكن في الأشهر الثمانية عشر الماضية أسقط الحوثيون طائرة متطورة تابعة للتحالف.

وبهذا الصدد، تشير تقارير الإجراءات ذات الصلة إلى أن الحوثيين، بمساعدة من خبراء أسلحة الحرس الثوري الإيراني، نجحوا في تحويل الصواريخ أي إي-10، الروسية إل مضاد للطائرات.

كما أفاد مركز الأمن التابع لتقييم السلامة والأمن بأن الحوثيين قاموا بتعديل صاروخ إس-75 أرض جو لإنشاء القاهر1، الأمر الذي يتطلب إعادة وضع الصاروخ ليحمل رأسًا حربيًا بوزن 350 كجم بدلاً من الأصل 195 كيلوجراما، وهو ما يؤكده خبراء أنه لا يمكن القيام به دون دعم دولة أجنبية.

في 6 يونيو 2019، أسقط صاروخ طراز سي إي-6 طائرات استطلاع أمريكية في اليمن، ومن المحتمل أن يكون مدعومًا بمساعدة إيرانية.

صواريخ بر- بحر

في أكتوبر 2016م، هاجم الحوثيون سفينتين تابعتين للبحرية الأمريكية كان عليها نشر تدابير مضادة، واستجابة لذلك استخدمت صواريخ كروز لتدمير ثلاث محطات رادار ساحلية يمتلكها الحوثيون.

على الرغم من أن بطاريات الرادار المذكورة أعلاه تم تحديدها على أنها تحت سيطرة الحوثيين، إلا أن الأخير نفى تورطه ولكنه لم يشر إلى الجاني البديل.

في ضوء تدمير الرادارات المذكورة أعلاه، بدأ الحوثي في استخدام رادارات بحرية مدنية مثبتة على سفن مدنية ترسو في ميناء الحديدة وميناء الصليف.

الطائرات المسيرة

في يوليو 2019، عقدت المليشيا الحوثية معرضًا عسكريًا كشف النقاب عن طائرات بدون طيار جديدة، بما في ذلك صماد 3 وقاصف بمدى 2 كم. كما بدأ فريق خبراء الأمم المتحدة المعني باليمن في أغسطس 2018 التحقيق في استخدام مليشيا الحوثي الطائرات بدون طيار بنطاقات واسعة.

وأكد الفريق في أن المكونات لهذه الطائرات المسيرة قد تم استيرادها من الخارج وتجميعها في اليمن.

علاوة على ذلك، في 29 يناير، أعلن التحالف العربي أن إيران زودت الحوثيين بطائرات بدون طيار، مدى 2000 كيلومتر والتي لها القدرة على حمل ثمانية صواريخ موجهة طراز إس-129.

وقد حدد فريق الخبراء إحدى الطائرات الخاصة التي تم إطلاقها بواسطة الحوثيين وتم إسقاطها، على أنها تمتلك محركات تابعة لشركة صينية، لها سلاسل توزيع في إيران.

العبوات الناسفة والألغام

نشرت أبحاث التسلح في النزاعات (سبتمبر 2018) تحليلًا متعمقًا للعبوات البدائية الصنع والألغام الأرضية والألغام البحرية التي تستخدمها المليشيا الحوثية التابعة لإيران.

على الرغم من أن بعض العبوات كانت عبارة عن تنظيم متفجر يعزى إلى فائض الجيش السوفيتي، إلا أن الباقي كان من الإنتاج المحلي.

ومع ذلك، فإن أجزاء منها تشير إلى تورط إيران في تدريب المليشيا الحوثية وتزويدها بالمكونات الأساسية.

ويبدو أن الغلاف والشحنة المتفجرة كانت من الإنتاج المحلي للحوثيين، ولكن المفاتيح وأجهزة استشعار الأشعة تحت الحمراء وأجهزة الإرسال والاستقبال كانت إيرانية.

علاوة على ذلك، تم القبض على مكونات مماثلة عند إلقاء القبض على خلايا إرهابية شيعية في البحرين وكذلك على متن جيهان 1، وهو سلاح يحمل سفينة شحن تم الاستيلاء عليها في عام 2013.

وخلص تحليل سابق أجرته نفس المنظمة على العبوات الناسفة المموهة كالصخور، إلى أن المواد وطريقة التمويه النموذجية لهذه العبوات متطابقة جنائياً مع العبوات الناسفة الموجودة في العراق ولبنان، أي في المناطق التي تنشط فيها المليشيا التي ترعاها إيران وحزب الله.

تم نشر الألغام البحرية الحوثية على الطرق البحرية الدولية بالقرب من الساحل اليمني الذي وقعت فيه ثمانية حوادث على الأقل بين فبراير ومايو 2017 حيث ضربت السفن وقتل البحارة.

تم تحديد بعض المناجم على أنها إنتاج محلي، لكن تم التعرف على البعض الآخر، بما في ذلك الألغام الصوتية، على أنه يشبه منجم صدف البحري الإيراني. ويشتبه في أن بعض هذه الألغام قد تم نشرها بواسطة غواصة إيرانية.

القوارب المسيرة

في نهاية يناير 2017، استهدف قارب مسير يتم التحكم فيه عن بعد فرقاطة سعودية. وخلص تحليل لبحوث التسلح إلى أن قوارب مسيرة مماثلة استولت عليها قوات التحالف تشير إلى وجود صلة محتملة بإيران.

على الرغم من أن القوارب قد تم التبرع بها في الأصل إلى اليمن من قبل الإمارات قبل انقلاب المليشيا الحوثية، إلا أن تحويلها إلى قوارب انتحارية يحتمل أن يقوم به مهندسون وفنيون إيرانيون.

قامت السعودية أيضًا بتوثيق صورة لسافيز، وهي سفينة شحن إيرانية تقع قبالة ساحل البحر الأحمر في مجموعة جزيرة داليك، تحمل ثلاثة زوارق سريعة تشبه تلك التي يستخدمها الحوثيون.

الصواريخ الباليستية

اعتبارًا من عام 2014، بدأت المليشيا الحوثية في إطلاق صواريخ باليستية بمختلف النطاقات نحو أهداف سعودية على طول الحدود السعودية اليمنية.

وتجدر الإشارة إلى أن صواريخ بركان المختلفة أظهرت نطاقات ومستويات دقّة متطورة، يصل مداها إلى 1000 كيلومتر، استخدمها الحوثيون في قصف مدن سعودية ، ومدينة ينبع الساحلية على ساحل البحر الأحمر.

في أغسطس 2019، أطلق الحوثيون صاروخًا من طراز بركان 3 للمرة الأولى على مدينة الدمام، شرق المملكة العربية السعودية، وهو هجوم من المحتمل أن يكون الحرس الثوري الإيراني قد لعب فيه دورًا في نشر أو نقل أو تعديل الصاروخ.

اعتبارًا من سبتمبر 2018، تم إطلاق 197 صاروخًا باتجاه المملكة العربية السعودية، مما أسفر عن مقتل 112 مدنيا وإصابة مئات آخرين.

تدريب المليشيا

بينما تتجنب إيران بشكل رسمي الاعتراف بالمشاركة المعلنة في الحرب، يستخدم نظام طهران الحرس الثوري الإيراني، لتدريب وكلاءه وإلحاق الضرر بالخصوم.

ومن أجل توسيع وتعزيز التواجد على أرض الواقع، استخدم الحرس الثوري الإيراني الوحدة 3800 التابعة لحزب الله، والتي عُهد إليها بتقديم الاستشارات والتدريب لكيانات خارج الساحة اللبنانية.

وأظهرت أدلة أولية تثبت تورط حزب الله في تدريب عناصر حوثية عندما تم القبض على مجموعة من عناصره في منتصف عام 2014.

على غرار الساحة السورية، يخدم الحرس الثوري الإيراني في اليمن بصفة استشارية وتدريبية في جبهات القتال المختلفة من حرب العصابات إلى الحرب البحرية وجمع المعلومات الاستخبارية من خلال الصواريخ الباليستية، الطائرات بدون طيار، وتشغيل القوارب البحرية المسيرة.

وجاءت معظم المعلومات ذات الصلة حول هذه المشاركة من الهاربين الحوثيين وأسرى الحرب. وكان أحد هؤلاء الأسرى قد وصف بتفصيل كبير كيف تم تدريبه من قبل أفراد الحرس الثوري الإيراني وحزب الله في عمليات الصواريخ الباليستية.

بالإضافة إلى ذلك، نشرت المصادر السعودية الرسمية خلال شهر أغسطس من عام 2018 العديد من مقاطع الفيديو التي أظهرت أن أفراد الحرس الثوري وحزب الله يقدمون تدريبًا نظريًا للحوثيين.

علاوة على ذلك، نشر مركز آباد دراسة تؤكد أن الحوثيين أرسلوا أعضاء مصابين للعلاج عبر عمان، لكنهم عادوا بعد ذلك كخبراء في تكنولوجيا الأسلحة الإيرانية، مما زاد من تورط إيران في توفير التدريب السري للحوثيين على استخدام الأسلحة.

هنالك أيضا أدلة إضافية تثبت تورط الحرس الثوري الإيراني وحزب الله في ممارسة نشاط التدريب ونقل الخبرات إلى العناصر الحوثية في اليمن.

وقد قدم بحث مستقل نُشر في يونيو 2017 عدد القتلى والجرحى الذين أصيبوا في كلا المنظمتين من عام 2015 حتى منتصف عام 2017.

ويُظهر أنه خلال هذه الفترة، قُتل أو تم أسر44 ناشطًا على يد قوات التحالف أثناء تدريب الحوثيين أو قيادتهم إلى المعركة.

في فبراير 2018، أفادت مصادر التحالف أن أحد كبار القادة في الحرس الثوري الإيراني الذي أشرف على تصميم وتنفيذ أنظمة الصواريخ البالستية للمليشيا الحوثية قد قتل في إحدى الغارات الجوية.

ومن أجل توسيع وتعزيز وجودها على أرض الواقع، استخدم الحرس الثوري الإيراني الوحدة رقم 3800 من حزب الله، والمكلفة بتقديم المشورة والتدريب للكيانات خارج الساحة اللبنانية في محافظة صعدة. في سبتمبر 2018، أفيد أن ثمانية عناصر من حزب الله كانوا من بين 41 عنصرا قتلوا في غارات جوية في نفس المحافظة.

في نفس الشهر، قُتل اثنان من عناصر حزب الله خدموا في تدريب الحوثيين، في غارة جوية على مركز قتالي شرق محافظة مأرب.

في الآونة الأخيرة، مع توسيع التحالف عملياته، تم تقديم تقارير عديدة تشير إلى مقتل عناصر بارزة في حزب الله خلال غارات جوية على مقرات حوثية.

وبالمثل، قبل إجراء محادثات السلام في السويد في ديسمبر 2018، أصر الحوثي على نقل 50 مصابًا وعدد مماثل من الحراس الشخصيين، من بينهم عناصر من الحرس الثوري وحزب الله، لتلقي العلاج الطبي خارج اليمن.

أخيراً تتجلى مشاركة إيران وعملاؤها في الحرب الدائرة في اليمن بشكل أساسي في تقديم المشورة والتدريب؛ توريد الذخائر والقدرات لتطوير وتصنيع أنظمة الأسلحة الخاصة بها؛ التمويل من خلال التبرعات بالوقود من الشركات الإيرانية؛ الدعم الدبلوماسي والاعتراف واستخدام الحوثيين كغطاء لشن هجماتهم الخاصة على الخصوم.

 

* التقرير من إعداد / أمين الجرادي - سبتمبر نت

متعلقات