وفي مقر لشركة "كريم" التي تتيح استئجار سيارات مع سائق عبر الهاتف، في مدينة الخبر بشرق المملكة، شاركت نحو 30 امرأة، من ربات المنزل إلى الموظفات، في جلسة للتعريف بالوظيفة المستقبلية.
وصدر القرار الملكي بالسماح للنساء بقيادة السيارة في ايلول/سبتمبر، وحدد حزيران/يونيو موعدا لبدء السماح للنساء بالجلوس خلف المقود وقيادة سياراتهن في شوارع المملكة المحافظة.
ومع الإعلان عن الخطوة التاريخية، أعربت شركة "كريم" عن نيتها العمل على توظيف آلاف النساء لديها، بينما قالت منافستها الرئيسية "أوبر" أنها ستقوم بنقل السعوديات مجانا من منازلهن إلى مدارس التدريب.
خلال أعمال الجلسة التعريفية، شرحت للنساء تفاصيل عمل التطبيق الهاتفي الخاص بالشركة والذي تستطيع النساء من خلاله طلب سيارة أجرة مع سائق. وصفقت الحاضرات حين ظهر القرار الملكي على شاشة كبيرة.
وقالت نوال عبدالجبار: "بعد الحدث التاريخي بالسماح للمرأة بقيادة السيارة، وهو قرار انتظرناه سنوات طويلة، قررت أن آتي إلى هنا وأتقدم لأصبح كابتنة (سائقة أجرة). هذا شرف كبير للمرأة لأنها تتحرر وتعتمد كليا على نفسها".
واضافت: "المرأة أثبتت في كثير من المسائل أنها موضع ثقة. هي طبيبة ومدرسة وأم، ولا أعتقد أن قيادة السيارة ستكون صعبة بالنسبة لها".
تفضّل الكثير من السعوديات في المملكة التي تضع قيودا صارمة على الاختلاط بين الجنسين، أن يتنقلن في سيارات تقودها نساء. ويفتح هذا الأمر سوقا إضافية أمام شركات الأجرة التي ستستقطب شريحة جديدة من الزبائن.
من جهته، قال مدير العلاقات العامة في "كريم"، مرتضى العلوي "هدفنا النهائي الوصول إلى مائة ألف كابتنة خلال السنوات القليلة المقبلة، ونحو عشرة آلاف سائقة قبل إطلاق الخدمة" بعد حوالي ثمانية أشهر.
بدورها، قالت مديرة المشروع سارة القويز "إنها لحظة تاريخية"، مضيفة "هذا فخر شخصي وعملي، وأنا كامرأة يسعدني جدا أن أرى هذا التغيير لدينا في المملكة، وأن أكون جزءا من المشروع".
وينظر إلى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان (32 عاما) على أنه المحرك الرئيسي لبوادر الانفتاح في المملكة التي يبلغ معدل أعمار أكثر من نصف سكانها 25 عاما.
واعتبرت نوال عبدالجبار أن قرار السماح للمرأة بقيادة السيارات سيدفع نحو صدور "قرارات أخرى" خاصة بالمرأة، بينها مكافحة "التحرش"، معربة عن ثقتها بأن تتهيأ الأرضية بشكل كامل لتسهيل بدء قيادة السعوديات للسيارة. وتابعت "أنها نقطة تحول كبيرة للمرأة في المجتمع".
جاء قرار قيادة المرأة للسيارة ضمن مجموعة أخرى من القرارات التي تهدف إلى دفع المرأة السعودية نحو القيام بدور أكثر فاعلية في اقتصاد أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم، في خضم سعي المملكة لوقف الارتهان للنفط وتنويع مصادر الإيرادات وخصوصا من خلال الاستثمار في القطاع الخاص.
وخطة التنويع الاقتصادي تقع في صلب "رؤية 2030" التي طرحها الأمير محمد في 2016 والتي تحدد الخطوط العريضة للتحول الاقتصادي بما يشمل رفع نسبة النساء العاملات إلى الثلث من 22 بالمائة حاليا.
وعمدت السلطات السعودية منذ صدور القرار الملكي بالسماح للنساء بقيادة السيارات إلى شرح الفوائد الاقتصادية لهذه الخطوة، وبينها إعادة ملايين الدولارات إلى جيوب المواطنين بعدما كانت تنفق على رواتب السائقين.
ومن هذا المنطلق، أعلنت جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن، التي تقدم نفسها على أنها أكبر جامعة للنساء في العالم، في تغريدة على حسابها الرسمي على موقع تويتر فتح مدرسة لتعليم النساء قيادة السيارة.
ويتوقع أن يسهم السماح للنساء بقيادة السيارة، في زيادة مبيعات السيارات خصوصا في الأشهر المقبلة.
بالنسبة إلى هبة الموسى، فإن قيادة سيارة أجرة "فرصة (...) تشعرنا بأننا أصبحنا أكثر إنتاجا في المجتمع. لم لا؟".
وترى هبة التي تعمل موظفة في مصرف أن الوظيفة المستقبلية "تتيح لي العمل بدوام جزئي، وأن تكون لي بصمتي في المجتمع وأن أخدم نفسي وأخدم الآخرين".