تجاوزت أسعار خام برنت خلال تداولات الثلاثاء حاجز الـ 30 دولار للبرميل، للمرة الأولى منذ 15 أبريل الماضي، مع التفاؤل بإعادة الفتح التدريجي للاقتصاد، ودخول خفض الإنتاج بموجب اتفاق أوبك بلس حيز التنفيذ منذ مطلع الشهر الحالي.
وقفزت أسعار خام برنت 12% لتتجاوز مستوى 30 دولارا، فيما صعدت عقود خام غرب تكساس 20% إلى 24.5 دولار للبرميل حتى الساعة السابعة مساء الثلاثاء بتوقيت الرياض. وتجاوزت مكاسب الخام الأميركي 45% خلال 5 جلسات.
وقال الرئيس التنفيذي لفيتول، راسل هاردي، وهي أكبر شركة لتجارة النفط بالعالم، لرويترز إن أسواق النفط في بداية تعاف هش مع تخفيف إجراءات العزل بسبب فيروس كورونا، لكن ذروة الطلب للمدى الطويل قد تختفي بشكل دائم.
وأضاف هاردي أن الطلب العالمي على الخام انخفض بما بين 26 و27 مليون برميل يوميا في أبريل نيسان، ويتوقع انخفاضا سنويا يتجاوز 8 ملايين برميل يوميا. وقال "ستتأرجح السوق بين التفاؤل والتشاؤم على مدى الأسبوعين أو الثلاثة أسابيع المقبلة".
واعتبر أن "الضبابية تقل. من الأسهل بعض الشيء أن ترى المستقبل، لذا فالسوق أكثر قدرة على التخمين عن علم بشأن ما يبدو عليه التوازن بين العرض والطلب. لم نشهد ارتفاعا ضخما. إنها مجرد إفادة بأن الأسوأ انتهى".
ويخضع أكثر من أربعة مليارات شخص لبعض من إجراءات العزل العام للحيلولة دون انتشار فيروس كورونا. لكن بعض الولايات الأميركية والهند وعدة دول أوروبية كبرى بدأت على مدار الأسبوع الماضي تخفيف القيود.
وقال أيضا إن من المرجح أن يصيب الطلب انخفاض دائم، إذ اعتادت البشرية على أنماط سلوكية مختلفة. ويتوقع عدد من كبرى شركات النفط مثل بي.بي وشل ذروة في الطلب من 2030 إلى 2040 تقريبا.
وأكد ناشر مجلة ميس النفطية الأسبوعية الدكتور صالح سعادة الجلاد، أهمية التفريق بين عقود النفط في الأجل القصير التي تتعرض لتذبذبات قوية جراء العوامل النفسية في ظل ظروف جائحة كورونا، والمدى الطويل لآفاق تعاملات النفط.
وقال الجلاد في مقابلة مع "العربية" إن الطلب على النفط على الأجل الطويل، حصل فيه نوع من الاستقرار مع التطلع إلى التكيف مع الأوضاع والعودة تدريجيا للنشاط الطبيعي بعد الإغلاق جراء كورونا، مشيراً إلى استثمارات النفط الكبرى المقدرة تقلصها بحوالي 100 مليار دولار، متوقعا أن يرتفع هذا التقليص إلى 150 مليار دولار في حال بقيت الأسعار عند مستويات 30 دولاراً.
وحذر من الوصول إلى جائحة جديدة هي عدم استقرار عرض النفط، بسبب تراجع الاستثمارات النفطية، ما سيعني ناتجا أقل من النفط في المستقبل، وربما نصل إلى شح في العرض وليس شحا في الطلب.
وأضاف أن هذه المخاوف تبقى قائمة، في ظل عدم وجود استقرار اليوم أو زيادة في الأسعار، وبالتالي فإن المستثمرين لن يذهبوا إلى استثماراتهم في الحقول المنتجة المقدرة بحوالي 75 ألف حقل منتج في العالم بالوقت الحالي.
وتوقع أنه في حال إغلاق الكثير من الحقول، وفي حال لم تجر مواكبة في تغير أنمطة العمل والحياة بعد كورونا، فسيكون لدى العالم، عدم كفاية في العرض، وبالتالي ستظهر مفاجأة تقلب الأمور رأسا على عقب، وتصعد بالأسعار إلى مستويات بين 100 دولار و120 دولارا للبرميل.
واعتبر أن دول الخليج من المهم لها على المدى البعيد بقاء أسعار النفط بين مستويات 85 إلى 100 دولار للبرميل فهذا جيد بالنسبة لهم لتقدمهم وتنفيذ مشاريعهم التحتية ودعم التنويع الاقتصادي وبالنسبة للغرب فإنهم يحتاجون إلى 120 دولارا، لكن يبقى السؤال هل هذه المستويات مناسبة لمستهلكي النفط وللنمو العالمي في ذلك الوقت.
وقال عضو جمعية الاقتصاد السعودية، وليد بن غيث، في مقابلة مع "العربية" إن جانب العرض النفطي، أصبح واضحاً، لكن يبقى جانب الطلب، وبدأت الصورة تتضح للمنتجين الذين يحتاجون إلى ترتيب خطوط إنتاجهم للتخفيض.
وأشار إلى بدء تأثير اتفاق أوبك بلس، على الأسواق النفطية، والاتجاه إلى أسعار نفط أكثر تماسكا، وهذا سيكون مؤثراً على الأسواق المالية.
وجدد التأكيد على مواصلة مشكلة تحديد الانكماش الذي حصل في الطلب واستمرار الضبابية في تحديد قيمة المخزونات المستهدفة.