نددت الحكومة اليمنية بأزمة الوقود الجديدة التي افتعلتها الجماعة الحوثية في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الجماعة، كما لوحت بتدابير جديدة ستتخذها بالتشاور مع الأمم المتحدة، رداً على انقلاب الجماعة على اتفاق سابق حول تنظيم استيراد المشتقات النفطية، وتخصيص رسوم العائدات المالية من موانئ الحديدة.
وكانت الجماعة المدعومة إيرانياً قد اختلقت أزمة جديدة في الوقود، من شأنها أن تضاعف معاناة ملايين اليمنيين، وتفاقم من الحالة الإنسانية، بالتزامن مع تفشي الأوبئة وانتعاش السوق السوداء.
وذكرت المصادر الرسمية اليمنية أن المجلس الاقتصادي الأعلى وقف في اجتماع افتراضي برئاسة رئيس الوزراء رئيس المجلس الدكتور معين عبد الملك، أمام تنصل الجماعة من التفاهمات التي تم التوصل إليها برعاية المبعوث الأممي لاستيراد المشتقات النفطية إلى ميناء الحديدة، وتطبيق الضوابط الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتجفيف اقتصاد الحرب، والحد من التجارة غير القانونية للنفط في اليمن، إضافة إلى نهبها إيرادات البنك المركزي في الحديدة، المتفق على تخصيصها لصرف مرتبات موظفي الدولة.
واتهم المجلس الاقتصادي اليمني الميليشيات الحوثية بأنها افتعلت أزمة الوقود بهدف تعزيز السوق السوداء، والتنصل من اتفاقاتها مع المبعوث الأممي، وخلق معاناة إنسانية والمتاجرة بها لدى المنظمات الدولية.
كما أشار إلى أن الجماعة تحاول «تضليل الرأي العام بمزاعم احتجاز سفن المشتقات النفطية من قبل الحكومة والتحالف الداعم للشرعية، في حين أنها في حقيقة الأمر تمضي في نهجها لتعميق الكارثة الإنسانية، واستخدامها كورقة للابتزاز السياسي دون اكتراث بمعاناة المواطنين». بحسب ما أوردته وكالة «سبأ».
وطالب المجلس الاقتصادي للحكومة اليمنية الأمم المتحدة باتخاذ موقف واضح من إقدام الميليشيات الحوثية على التنصل كعادتها من الاتفاق، وتعمدها تأخير تفريغ سفن الوقود والغذاء في ميناء الحديدة، ومنع دخولها بهدف افتعال الأزمات والمتاجرة بقوت ومعيشة المواطنين، واستخدام معاناتهم لخدمة مشروعها الانقلابي.
وكانت الحكومة قد توصلت العام الماضي إلى اتفاق مع الجماعة الحوثية برعاية الأمم المتحدة، بخصوص تنظيم عملية استيراد المشتقات النفطية إلى موانئ الحديدة، وتوريد رسوم عائدات الاستيراد على الشحنات إلى حساب خاص في فرع البنك المركزي بالحديدة، من أجل استخدام المبالغ في صرف رواتب الموظفين في مناطق سيطرة الجماعة، بالاتفاق مع الحكومة الشرعية، وهو الاتفاق الذي انقلبت عليه الجماعة أخيراً.
وبحسب تقارير حكومية سابقة، بلغت الإيرادات المحصلة في الحساب البنكي نحو 35 مليار ريال يمني (الدولار حوالي 600 ريال) غير أن قادة الجماعة أقدموا على التصرف في المبلغ لتمويل المجهود الحربي، بحسب اتهامات الشرعية للجماعة.
وأوردت وكالة «سبأ» أن الاجتماع الاقتصادي للحكومة «تداول عدداً من الخيارات والبدائل للتعاطي مع تنصل الحوثي من الاتفاق على مسمع ومرأى من المبعوث الأممي، وأقر بهذا الخصوص الخيارات المناسبة للتعامل مع ذلك، والتنسيق والتشاور مع المبعوث الأممي إلى اليمن في الخطوات القادمة، باعتباره المسؤول عن الاتفاق وتطبيقه». ودعا الاجتماع المبعوث الأممي مارتن غريفيث إلى «عدم التغاضي أو الصمت حيال ما تقوم به الميليشيات من التنصل من تطبيق الاتفاقات والتعهدات» معتبراً ذلك دليلاً واضحاً على عدم رغبة الجماعة في السلام، واستمرارها في نهب، ليس فقط المساعدات الدولية؛ بل أيضاً رواتب الموظفين، والتلاعب بحياة ومعيشة المواطنين واستثمار معاناتهم، لصالح تغذية حربها العبثية في اليمن.
وبخصوص الأوضاع الاقتصادية العامة، أفادت المصادر الرسمية بأن رئيس الحكومة أحاط أعضاء المجلس بالتطورات الأخيرة، بما في ذلك الضغوطات التي تواجه المالية العامة وعمليات الاستيراد والاحتياطي النقدي والأزمات المستجدة، وبينها مواجهة جائحة «كورونا»، مشيراً إلى التوجهات الحكومية للتعامل مع هذه التحديات، والدور المعول على شركاء اليمن في التنمية من الدول والمنظمات المانحة، وفي المقدم من ذلك تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية، لإسناد الجهود الحكومية في هذا الجانب.
في السياق نفسه، ناقش الاجتماع استمرار الجماعة الحوثية في رفض السماح لفريق أممي بصيانة خزان صافر النفطي العائم، في رأس عيسى، وما حدث من تطورات مؤخراً في الخزان تنذر بحدوث كارثة وشيكة تهدد البيئة البحرية في المنطقة.
وأكد الاجتماع أن الميليشيات رفضت كل الجهود والمبادرات الرامية إلى معالجة وضع الخزان، ما يستدعي التدخل العاجل من الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمجتمع الدولي وممارسة أقصى الضغوط لمعالجة الموضوع دون تأخير؛ محملاً ميليشيا الحوثي كامل المسؤولية تجاه الكارثة الوشيكة المحتملة، إذا استمرت بالمساومة واللعب بالنار في منع صيانة الخزان، وإنقاذه من التسرب أو الانفجار.
* نقلا عن صحيفة الشرق الأوسط