صدمة للذين يعانون السمنة.. لقاح كورونا قد لا ينقذكم
الاثنين 26 اكتوبر 2020 الساعة 23:40
متابعات

يواصل فيروس كورونا بث مفاجآته غير السارة. وفي جديده ما رجحه أطباء مكسيكيون حول وجود رابط قوي بين السمنة والحالات الحادة لمرض كوفيد-19.

في التفاصيل، أكد الطبيب خيسوس أوجينو سوسا غارسيا، المسؤول عن الحالات الحرجة بوحدة العناية المركزة في مستشفى ميديكا سور في مكسيكو سيتي، أن العامل الأبرز بين كل الحالات شديدة الخطورة المصابة بمرض كوفيد-19 التي عالجها كان السمنة.

كما أضاف، بحسب ما أفادت مجلة Nature الطبية، أنه وزملاءه قاموا بفحص الإحصائيات في وقت مبكر من الوباء وتوصلوا إلى وجود عامل مشترك مفاده أن نصف المرضى، البالغ عددهم 32 شخصًا، الذين تم إدخالهم إلى وحدة العناية المركزة، كانوا يعانون من السمنة.

وعلى الرغم من التفاؤل بأنه سيتم إنتاج لقاح مضاد للفيروس المُستجد قريبًا، ولكن بالنسبة للمكسيك والعديد من البلدان الأخرى التي تضم عددًا متزايدًا من الأشخاص ذوي مؤشرات كتلة الجسم المرتفعة BMI، يخشى بعض الباحثين من أن اللقاح ربما لا يكون الدواء الشافي، الذي يأمل فيه الأطباء والمرضى على حد سواء

التجارب السريرية

ففي الولايات المتحدة، تقول دونا رايان، التي درست السمنة في مركز بنينغتون للأبحاث الطبية الحيوية في باتون روج في لويزيانا: "نحن قلقون بشأن ذلك"، حيث إنه غالبًا لا تعمل اللقاحات، المفيدة لحفنة من الحالات الأخرى، بشكل جيد مع مرضى السمنة المفرطة، ما يشير إلى أن لقاح كوفيد-19 ربما لا يوفر قدر الحماية المأمولة لهم.

وعلى الرغم من أن الباحثين لم يتمكنوا من التأكد مما إذا كانت السمنة ستؤثر على فعالية اللقاح أم لا، فإنه من المحتمل أن يتم التوصل إلى طرق بديلة لمواجهة المشاكل إذا ظهرت. لكن العلماء أعربوا عن قلقهم أيضًا من أن التجارب السريرية ربما لا يتسع المجال فيها لرصد مثل هذه المشكلات بشكل فوري أو في مراحل مبكرة.

تزايد المخاطر باستمرار

كذلك في الصين، بدا واضحا في وقت مبكر من تفشي مرض كوفيد-19 أن السمنة تزيد من خطر الإصابة، فعندما كانت عالمة الأوبئة لين شو في جامعة صن يات سين في قوانغتشو، تقوم بتحليل بيانات الموجة الأولى للوباء في البلاد، لاحظت ظهور نمط في نموذج تلو الآخر يشير إلى أن مؤشر كتلة الجسم كان عاملًا واضحًا بشكل دائم في مدى خطورة حالات المصابين بكوفيد-19.

كورونا من المكسيك الأسباب المُحتملة

وعندما قدمت دراستها إلى إحدى الدوريات العلمية الأكاديمية في مارس 2020، حثها المحررون القائمون على إصدار الدورية العلمية بضرورة تواصلها مع مسؤولي منظمة الصحة العالمية وتنبيههم بشأن النتائج التي توصلت إليها.

ومنذ ذلك الحين، توالى ظهور نتائج الدراسات العلمية حول العالم، التي توصلت إلى نفس النتيجة، ومفادها أن أولئك الذين يعانون من السمنة هم أكثر عرضة للوفاة عند إصابتهم بمرض كوفيد-19 مقارنة بأولئك الذين يتمتعون بوزن طبيعي، حتى في ظل وجود عوامل مثل مرض السكري ومع أخذ ارتفاع ضغط الدم في الاعتبار.

الأنسجة الدهنية

إلى ذلك، يمكن أن تؤدي السمنة إلى تفاقم الآثار الأيضية لعدوى فيروس كورونا. وتعبر الأنسجة الدهنية عن مستويات عالية نسبيًا من ACE2 (الإنزيم المحول للأنجيوتنسين 2) الذي يستخدمه فيروس كورونا لغزو الخلايا. ويقول دكتور جيانلوكا إياكوبيليس، أخصائي الغدد الصماء بجامعة ميامي في فلوريدا: "يبدو أن الأنسجة الدهنية تعمل كمستودع للفيروس [كورونا المُستجد]".

التهاب مزمن

لكن تعد التأثيرات على جهاز المناعة هي أكثر ما يثير المخاوف والقلق لدى بعض الباحثين، لأن السمنة يمكن أن تسبب التهابًا مزمنًا منخفض الدرجة، يُعتقد أنه يساهم في زيادة مخاطر الإصابة بأمراض مثل السكري وأمراض القلب. ويشير الباحثون إلى أنه نتيجة لذلك، ربما يكون لدى الأشخاص الذين يعانون من السمنة مستويات أعلى من مجموعة متنوعة من البروتينات المنظمة للمناعة، من بينها السيتوكينات.

وقالت ميلينا سوكولوفسكا، التي تدرس علم المناعة وأمراض الجهاز التنفسي في جامعة زيوريخ في سويسرا، إن الاستجابات المناعية التي تطلقها السيتوكينات يمكن أن تلحق الضرر بالأنسجة السليمة في بعض حالات الإصابة الشديدة بمرض كوفيد-19. وتوضح دكتور سوكولوفسكا أنه من المفارقات أن الحالة المستمرة لتحفيز المناعة، أو الإنهاك المستمر، ربما يتسبب في إضعاف بعض الاستجابات المناعية، من بينها رد الفعل الذي تطلقه الخلايا التائية، والذي يمكن أن يقتل الخلايا المصابة مباشرة.

  فترة زمنية أطول

فيما قال دانييل دراكر، عالم الغدد الصماء والطبيب في مستشفى ماونت سيناي بتورونتو في كندا، إن الدلائل الأولية تشير إلى أن عدوى سارس-كوف-2 تستمر لمدة خمسة أيام أطول لدى مرضى السمنة المفرطة مقارنة بمن يعانون من النحافة.

ميكروبات الأمعاء والرئة

بينما أضافت سوكولوسكا أن السمنة تؤدي أيضًا إلى انخفاض وقلة تنوع مجموعات من الميكروبات في الأمعاء والأنف والرئة، إلى جانب وجود مشكلات في وظائف التمثيل الغذائي مقارنة مع الأفراد النحيفين. تشرح أن ميكروبات الأمعاء يمكن أن تؤثر على تفاعل الجهاز المناعة لمقاومة مسببات الأمراض أو استفادة الجسم من اللقاحات، مستشهدة في هذا السياق بما أعلنه باحثون، في العام الماضي، على سبيل المثال، بأن التغييرات التي تطرأ على ميكروبيوم الأمعاء بسبب تناول المضادات الحيوية تؤثر سلبيا على استجابة الجسم للقاح الإنفلونزا.

13 % من البالغين في العالم

ووفقًا لأحدث البيانات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية، يعاني حوالي 13% من البالغين في العالم من السمنة المفرطة. ويشير بروفيسور ريان إلى دراسات لقاحات ضد الإنفلونزا والتهاب الكبد B وداء الكلب، والتي أظهرت استجابات أقل لدى أولئك الذين يعانون من السمنة مقارنة مع أصحاب الأجسام النحيفة. وتقول برفيسور شو: إن في "حالات لقاح الإنفلونزا، لم يحقق نتائج جيدة مع مرضى السمنة المفرطة".

زيادة الجرعات

ومن المحتمل أن يتم التوصل إلى طرق للتعويض عن أوجه القصور في تأثير اللقاحات على مرضى السمنة، مثلما هو الحال، في نجاح جهود الباحثين لتحسين نسب الاستجابة للقاح بين كبار السن. ويقول بروفيسور ريان إن إعطاء الأشخاص البدينين جرعات إضافية من اللقاح هو أحد الاحتمالات. "ربما ثلاث حقن بدلاً من اثنتين، أو ربما جرعة أكبر، ولكن لا ينبغي أن يتراجع الأطباء متعللين بأن اللقاح لن يجدي نفعًا."

صيحة تحذير

وأشار دراكر إلى أنه ربما يحتاج العالم، في نهاية المطاف، إلى انتظار الاطلاع على البيانات من الدراسات السريرية لتوضيح خارطة الطريق، لكن الانتظار ربما يكون محطما للأعصاب. ويأمل دكتور سوسا غارسيا وآخرون أن الارتباط بين مرض كوفيد-19 والسمنة ربما سيجبر بعض الحكومات وأنظمة الرعاية الصحية على التعامل مع مشاكل السمنة المتزايدة في بلدانهم، قائلًا: "إذا كنت مسؤولاً في مجال الصحة العامة وأدركت أن هناك 40% من السكان في خطر كبير، فإن هذه البيانات تعد بمثابة صيحة تحذير للاستيقاظ والانتباه".

متعلقات