لم تجد أم يمنية نزحت إلى الخوخة (جنوب الحديدة) بعد مقتل زوجها واثنين من أبنائها غير أن تشكو الله قهراً جراء حقول الموت التي خلفتها ميليشيات الحوثي، مرددةً "الله ينتقم منهم.. الله ينتقم منهم".
وتعود القصة إلى العام 2017، حين كان أبو الخير أحمد يوسف مقحزي، وهو من سكان قُرى دار دوبلة بمديرية حيس جنوب الحديدة، يعمل على متن دراجته النارية ليطعم أسرته المكونة من 9 أبناء وزوجته.
لكن لغماً من بين آلاف الألغام التي زرعها الحوثيون تحت تراب الحديدة، انفجر به وشخصين آخرين في منتصف طريق تؤدي إلى السوق الشعبي.
ولم تنتهِ المأساة هنا، فعند سماع أبنائه الخبر، سارع زكريا ذو الـ15 عاماً وشقيقه عامر ذو الـ13 عاماً لإنقاذ والدهما على متن دراجة نارية أخرى، وما إن وصلا حتى انفجر لغم حوثي آخر كان مزروعاً على مقربة من اللغم الأول ليلقيا حتفهما بجواره.
نعمة سالم حسن، زوجة أحمد وأم زكريا وعامر، سردت هذا الوجع قائلةً: "خرج إلى مدينة حيس ومعه راكبان، وعندما وصل إلى الجسر الواقع في منطقة دار دوبلة، انفجر به لغم من ألغام الحوثيين".
اختنقت الأم باكية وهي تتحدث حول فلذتي كبدها اللذين هرعا لإنقاذ والدهما فسقطا في حقل الموت: "أخبروني أن زوجي وأولادي فارقوا الحياة. أصبت بصدمة لثلاثة أيام على إثرها أسعفوني إلى المستشفى، وكنت أتقيأ دماً. أما أمي العجوز فلم تستطع تحمل الفاجعة وفارقت الحياة"، بحسب ما نشره موقع "نيوزيمن" الإخباري المحلي.
وأضافت: "بقية أولادي ليس لهم أحد يعولهم سوى رحمة أرحم الراحمين. توقفت ابنتي عن الدراسة، وصار أولادي خائفين من الذهاب إلى المدرسة، وكلما خرجوا أعيش في خوف حتى يعودوا، وذلك بسبب الألغام التي زرعها الحوثيون".
وتساءلت نعمة لماذا يلّغم الحوثيون جوار المنازل؟ وتابعت: "لقد رأيتهم بعيني يزرعون الألغام أمام البوابة حين كنت أحضر الخبز من موقد، وعندما سألتهم لماذا تلغمون ولدي أولاد صغار وإذا خرجت سوف أذهب ضحية، ولم أجد منهم إجابات سوى طلبهم بأن أغادر المنطقة".
وتابعت: "كنت خائفة على أولادي الصغار من الألغام إذا ما خرج أحدهم، ولكن الكبار وقعوا ضحية". وكانت الأم تتحدث وعيناها تغرقان بالدموع ثم تدعو الله قهراً: "الله ينتقم ممن حرمني زوجي وأولادي، الله ينتقم منهم".
وبعد أن تعاظمت مأساة ما خلفته الألغام الحوثية على العائلة، نزحت الأم نعمة برفقة أطفالها الأيتام إلى منطقة القطابا بمديرية الخوخة، حيث تعيش الآن وهي تصارع الفقر والقهر.