كشف الصحافيون المفرج عنهم من سجون ميليشيات الحوثي، صنوف الانتهاكات التي تعرضوا لها داخل معتقلات الميليشيات، وألوان التعذيب النفسي والجسدي منذ اللحظات الأولی لاختطافهم وحتى الإفراج عنهم.
جاء ذلك في جلسة استماع نظمتها، اليوم الخميس، نقابة الصحافيين اليمنيين، بالتعاون مع المنظمة الوطنية للإعلاميين اليمنيين، وتحدث خلالها الصحافيون المفرج عنهم: هشام طرموم، وحسن عناب، وعصام بلغيث، وهيثم الشهاب وهشام اليوسفي، ضمن صفقة تبادل الأسرى والمختطفين التي رعتها الأمم المتحدة في 15 أكتوبر الماضي.
واستعرض الصحافيون جانبا من وحشية معاملة الميليشيات للسجناء التي انعكست آثارها على صحة وحياة الصحافيين بعد الإفراج عنهم، من خلال الانتكاسات الصحية التي يتعرضون لها بين الحين والآخر منذ الإفراج عنهم جراء التعذيب النفسي والجسدي، وعدم تلقيهم أي رعاية صحية خلال سنوات الاختطاف.
وسردوا نماذج للتعذيب التي تعرضوا لها داخل المعتقلات بداية من الترهيب والتهديد بالقتل والتصفية، ووضعهم في مخازن الأسلحة كدروع بشرية، وصولا إلى الحرمان من النوم والأكل والشرب وإعطائهم بقايا الطعام الذي تعافه الحيوانات والمياه الملوثة، والحرمان من العلاج وإعطائهم عقارات لا تناسب الأمراض التي يعانونها، تتسبب في تشنجهم وانهيارهم.
كما روى الصحافيون صورا من التعذيب الجسدي توزعت بين التعليق لفترات طويلة، والضرب بالعصي واللكم والركل والإهانة أثناء جلسات التحقيق التي تستمر لساعات وبشكل شبه يومي خاصة خلال السنة الأولى من الاختطاف، مشيرين إلى أن عمليات الضرب تتركز على الرأس والعمود الفقري والكلى والقفص الصدري والبطن والمفاصل وعظام الأيدي والأرجل بهدف إعاقتهم.
وأكد الصحافيون أن ميليشيات الحوثي لم تكتفِ بالتعذيب الجسدي، بل مارست تعذيبا نفسيا ممنهجا جعلتهم يعيشون حالة الرعب والخوف طوال فترة الاختطاف التي وصلت قرابة ألفي يوم، تنقلوا خلالها بين 27 سجنا ومعتقلا، ومن تلك الصور السجن الانفرادي وتعمد الإهانة والإذلال وامتهان الكرامة، فضلا عن ممارسة التعذيب النفسي لأهاليهم من خلال نقل أخبار مزعجة لهم عن وضعهم في المعتقلات، وكذلك نقل أخبار مزعجة عن أهالي المختطفين إلى الصحافيين.
ومن صنوف التعذيب النفسي التي رواها الصحافيون، قيام ميليشيات الحوثي بوضعهم في غرف مظلمة تماما لا يصل إليها أية إضاءة لا ليلا ولا نهارا، وتركهم لأيام وأسابيع في تلك الغرف، فضلاً عن وضعهم في زنازين ضيقة لا تتسع لنصف العدد الموجود فيها، وعزلهم لفترات طويلة في بدرومات تفيض فيها مياه الصرف الصحي وتفتقر لأدنى معايير الإنسانية، وكل ذلك – وفق تأكيدهم – بهدف جعلهم نموذجا لبقية العاملين في حقل الصحافة والإعلام بأنهم سيكونون عرضة لنفس المصير، في حال نقلوا حقيقة الميليشيات الإرهابية وانتهاكاتها وجرائمها بحق الشعب اليمني.
ووجه الصحافيون خلال جلسة الاستماع مناشدة للعالم أجمع بالتدخل الفوري والعاجل لإنقاذ حياة بقية الصحافيين والمعتقلين الذين باتت حياتهم معرضة للخطر جراء تفاقم معاناتهم وتردي وضعهم الصحي، ومنهم الصحافي توفيق المنصوري الذي بدت عليه أعراض الفشل الكلوي في ظل رفض الميليشيات نقله للعلاج أو تقديم الرعاية الصحية له ولبقية الزملاء الصحافيين.
وخلال الفعالية التي جرت بحضور وسائل الإعلام وجمع من الصحافيين والحقوقيين، تحدثت الطفلة توكل ابنة الصحافي المختطف توفيق المنصوري عن المعاناة الشديدة التي تلاقيها مع عائلتها كل يوم على أمل أن ينال والدها الحرية ويجتمع بها.
كما عبّر عضو نقابة الصحافيين اليمنيين نبيل الأسيدي الذي شارك في الفعالية عبر الاتصال المرئي، عن إدانة النقابة مجدداً لانتهاكات ميليشيات الحوثي بحق الصحافيين، مؤكداً أن النقابة لا تعترف بإجراءات الميليشيات ضد الصحافيين ابتداء باختطافهم وانتهاءً بقرارات الإعدام والإخفاء القسري وكل ما تعرضوا له داخل السجون.
وطالب الأسيدي المنظمات الدولية بالضغط للإفراج الفوري عن بقية الصحافيين المختطفين دون قيد أو شرط وأن مواصلة اختطافهم تعد جريمة ووصمة عار على جبين المنظمات وحرية الصحافة.
وأضاف أن هناك 40 صحافياً قتلوا و400 حالة اختطاف واعتقال و1300 حالة اقتحام ونهب ومصادرة أجهزة وحجب مواقع، خلال السنوات الخمس الماضية.
ولفت الأسيدي إلى أن ميليشيات الحوثي تتعمد إهمال وضع الصحافي المختطف المنصوري الذي أبلغت أسرته عن تردي وضعه الصحي، مؤكداً أن الجرائم التي طالت الصحافيين في اليمن لم تحدث في أي بلد في العالم منذ نشأة الصحافة.