سيطرت المليشيا الانقلابية في بداية أكتوبر 2014م، وبعد اسابيع قليلة من اجتياحها للعاصمة صنعاء في 21 سبتمبر، على محافظة ذمار دون مقاومة تذكر كونها تُعد امتداد جغرافي ومذهبي لمليشيا الحوثي، بوصفها القديم الذي يقال إنها «كرسي الزيدية»، إلى جانب اعتبارها المخزون البشري للحوثيين لإمداد جبهاتهم بالمقاتلين منذ أكثر من ثلاث سنوات، ومركز القيادة العسكري للمليشيا المسلحة، وغرفة عملياتها القوية والترسانة الأكبر من حيث التواجد والتجنيد العسكري، باعتبارها أحد المعاقل الرئيسة لهم، ورغم ذلك جعلت المليشيا الانقلابية من ذمار المحافظة الأشهر في الاتجار بالمختطفين والمعتقلين، بعد أن أصبحت معتقلاً كبيراً، يودع فيه الكثير من المختطفين السياسيين ومعارضي الانقلاب من مختلف المحافظات الأخرى، كما اضطرت المليشيا إلى افتتاح معتقلات جديدة، وحولت عدداً من الجامعات والمعاهد التعليمية والمقرات والمراكز الحكومية إلى سجون جديدة نظراً لازدياد عدد المعتقلين يومياً.
ولم يشفع ما قدمته وتقدمه المحافظة للمليشيا، حيث مورست ضد أبناءها شتى أنواع الجرائم والانتهاكات والتي كان حصيلتها الأولية 11947 جريمة وانتهاكاً ارتكبت بحق المدنيين طوال ثلاث أعوام..
كشفت تقارير حقوقية وفرق رصد ميدانية عن انتهاكات جسيمة ارتكبتها مليشيا الحوثي الانقلابية في محافظة ذمار خلال ثلاث سنوات، أي منذ سيطرتها على المحافظة في اكتوبر 2014 وحتى نهاية ديسمبر 2017م.
وذكرت تلك التقارير أن 11947 جريمة وانتهاكاً ارتكبتها المليشيا الحوثية في محافظة ذمار، تنوعت بين القتل، والإصابة، والاختطافات، والإخفاء القسري، والتعذيب، والاقتحام ونهب وتفجير وقصف واحتلال للمنازل والمؤسسات العامة والخاصة ومقرات الأحزاب ودور العبادة، وإنشاء محاكم وسجون خاصة، ونصب نقاط تفتيش وتخزين أسلحة، والتشريد القسري للأسر، ونهب المساعدات الانسانية والطبية، وغيرها من انتهاكات وجرائم مليشيا الحوثي.
قتل واختطاف وتعذيب
وأوضحت التقارير أن المليشيا قتلت نحو 504 مدنيين، بينهم (19) طفلاً، و(6) نساء، واغتيال (17) شخصاً منهم قيادات سياسية ومشايخ قبلية ونشطاء، وأصيب 163 مدنياً بينهم (32) طفلاً و(9) نساء، كما اختطفت 983 مواطناً، وتعذيب 192 شخصاً، توفي منهم 6 مختطفين، إضافة إلى 747 حالة اعتقال تعسفي، منها 42 حالة اخفاء قسري، بالاضافة الى 158 حالة تهديد وإقصاء من الوظيفة العامة.
في 18 ديسمبر 2017، أعدمت مليشيا الحوثي الانقلابية الشيخ «ضيف الله مثنى» وإثنين من أولاده وشقيقه وابن شقيقه رمياً بالرصاص داخل منزله في رصابة بسبب تعليقه صورة الرئيس السابق على سيارته.
في مايو 2015م استخدمت مليشيا الحوثي الاجرامية 51 شخصاً بينهم نشطاء سياسيين وحقوقيين وإعلاميين من عدة مناطق يمنية دروعاً بشرية في موقع عسكري بجبل هران شمال مدينة ذمار، ما أسفر عن مقتل أكثر من (34) مختطفاً تفحمت جثث بعضهم يصعب التعرف على هويتهم،.
اقتحام ونهب وتفجير للمنازل
قامت مليشيا الحوثي بتفجير 37 منزلاً و5 محلات تجارية وتفجير مسجدين، ودار واحد للقرآن الكريم، واقتحام ومداهمة 115 منزلاً، وإحراق منزلين، ونهب 21 منزلاً، كما تضرر 121 منزلا بسبب القصف والتفجير، وتدمير(11) منزلاً على رؤوس ساكنيها.
يوم السبت 11 نوفمبر 2017م ارتكبت مليشيا الحوثي جريمة بشعة حيث فجرت منزل المواطن علي ناصر العسكري في قرية العساكرة- اسبيل شرق مدينة ذمار، على رؤوس ساكنيه، أسفر عن مقتل أحمد حسين العسكري أحد أقرباء مالك المنزل وأصيب آخر بجروح خطيرة.
وأفاد شهود عيان أن حوثيين مدججين بمختلف أنواع الأسلحة على متن عدد من الأطقم العسكرية، اقتحموا القرية وقاموا بتفخيخ المنزل وتفجيره على رؤوس ساكنيه.
مصادرة الممتلكات وقصف القرى
أكدت مصادر اعلامية نقلاً عن شهود عيان أن المليشيا الانقلابية قامت بمصادرة 24 حالة أملاك خاصة، ونهب 15 ممتلكات عامة، و109 حالات اقتحام لمرافق حكومية، منها 8 مرافق حولت الى ثكنات للمليشيا، واقتحام ونهب 9 مقرات حزبية.
واشارت التقارير الى نزوح 1896 أسرة، إضافة إلى تهجير قسري لـ615 أسرة، ونهب مركبات، وتدمير وقصف واتلاف 316 مزرعة، وتفجير وتضرر 7 خزانات مشاريع مياه.
كما رصدت التقارير قيام مليشيا الحوثي بمداهمة 25 قرية، وقصف 21 قرية أخرى، وحصار قرية واحدة، و8 حالات قمع لحرية الرأي والتعبير، و455 حالة مصادرة مرتبات، و203 حالات اقصاءات وتعيينات، و27 حالة إتاوات، و9 حالات حرمان من خدمات عامة، و21 حالة استيلاء على أملاك الدولة، منها 9 حالات بيع، و11 عملية استيلاء على أراض منظورة أمام القضاء، و43 منشأة مدنية تستخدمها المليشيا لأغراض عسكرية.
إعدام تربويين وملاحقة اكاديميين
تؤكد بعض الإحصائيات أن (6) أكاديميين و(117) تربوياً تعرضوا لانتهاكات مختلفة في المحافظة، وتعرض (26) إعلامياً و(21) ناشطاً سياسياً وحقوقيا لانتهاكات متنوعة من قبل المليشيا، إضافة إلى أكثر من 300 انتهاك بحق المرأة في المحافظة.
ففي منتصف ديسمبر 2017، وبحسب مصادر اعلامية قامت المليشيا الانقلابية بملاحقة عميد كلية التربية في ذمار، بسبب رفضه منهجاً جديداً تابعاً لهم ليدرسونه في المستوى الأول بـكلية التربية تحت مسمى «التربية الوطنية» من ملازم الصريع حسين الحوثي.
من جهة ثانية قال سكان محليون، الأربعاء 2017/11/15، إن الحوثيين أعدموا التربوي «علي صبر»، بعد أن اقتحموا منزله وأطلقوا النار عليه أمام زوجته وأطفاله في مديرية جبل الشرق، ما أدى إلى مقتله على الفور.
معسكرات تدريب وتجنيد أطفال
احتلت محافظة ذمار المرتبة الأولى من حيث عدد الأطفال الذين يلقون حتفهم في مختلف جبهات القتال، إذ كشفت مصادر مطلعة أن أكثر من 2000 طفل من المحافظة لقوا حتفهم في جبهات القتال وهم يقاتلون في صفوف المليشيا.
وحسب المصادر فقد جندت المليشيا أكثر من 3400 طفل، بينهم نحو 300 يتيم، والزج بهم في جبهاتها القتالية، علاوة على انتشار أطفال مسلحين تحت سن 12 عاماً في نقاط التفتيش والحواجز المنتشرة على الطرقات ومداخل وشوارع مدينة ذمار.
ونشر موقع الجيش الوطني «سبتمبر نت» اعترافات لأطفال أكدوا أن الحوثيين جنّدوهم إجباريا، وأُرسلوا إلى الجبهات، ويتراوح أعمار الأطفال الذين أوقفتهم قوات الشرعية في بيحان، بين 13 و16 عاماً ينتمون الى محافظة ذمار.
كما عمدت المليشيا الانقلابية على استحداث 236 نقطة تفتيش, و(1933) نقاط وحواجز مؤقتة، واستحداث 12 معسكراً منها 6 معسكرات تدريبية خاصة بالأطفال، و24 حالة تخزين اسلحة، واستحداث 25 سجناً ومحاكم خاصة، كما اعتدت المليشيا على 7 فعاليات احتجاجية.
عتمة مديرية منكوبة
كشف تقرير صادر عن اللجنة الحقوقية بمديرية عتمة، أن 62 شخصاً قتلوا، وجرح 53 آخرون، إضافة الى نزوح 1790 أسرة، بسبب الحرب التي شنتها مليشيا الحوثي الانقلابية على المديرية، كما اختطفت المليشيا 163 مواطناً من أبناء المديرية، وفجرت 15 منزلاً بشكل كلي، في حين تضرر 89 منزلاً بشكل جزئي.
كما نهبت مليشيا الحوثي في 11 مارس 2017م، متاجر وممتلكات خاصة برجل الأعمال عبدالرحمن ثابت معوضة في سوق الثلوث بالمديرية تقٌدر قيمتها بمليار ريال، حسب بلاغ صادر عن أبناء معوضة.
اعتداء على المدارس والمساجد
تقارير عديدة أكدت قيام المليشيا بنهب 22 حالة مال عام، و167 حالة اقتحام واعتداء على مرافق تعليمية، و34 مرفقاً صحياً، و67 مسجداً، وإغلاق واحتلال 9 مراكز دينية، و3 منظمات مجتمع مدني، و14 حالات نهب مساعدات غذائية، واقتحام مناسبتين عامة, إضافة إلى منع 7 جمعيات خيرية من العمل واعتقال مسؤوليها.
كما تسببت المليشيا في تدمير موقع أثري وسياحي وتعطيل (14) منشأة حيوية عن خدمة المجتمع، وتدمير4 مدارس تعليمية، وحولت 9 مدارس أخرى الى معسكرات وثكنات عسكرية، بينها 3 مدارس أهلية. وتحويل عدداً من المرافق الصحية الى معتقلات ومقرات لعناصرها واحتكار، خدمات المستشفيات الحكومية لصالح أنصار المليشيا ومقاتليها.
جرائم ضد الاعلام
المليشيا الحوثية ومنذ دخولها محافظة ذمار في منتصف أكتوبر من العام 2014 مارست جرائم انتهاكات عدة بحق حرية الرأي والتعبير والإعلام منها 20 حالة اختطاف واختفاء قسري لصحافيين وإعلاميين و18 حالة منع من تغطية إعلامية، و13 حالة تعدٍ على أقارب إعلاميين بسبب نشاط أبنائهم ضد الانقلاب، وتوقيف 3 صحف محلية أسبوعية، بالإضافة إلى منع بيع الصحف اليومية والأسبوعية والدوريات في جميع أكشاك ومكتبات المحافظة.
وقامت المليشيا بتحويل مبنى وكالة سبأ الخاضعة لسيطرة الانقلابيين إلى غرفة عمليات لإدارة نشاطها التوسعي، وكذا إدارة الإعلام بجامعة ذمار وأجهزتها الإعلامية، إلى مكتب إعلامي خاص وحصري بالجماعة.
مقتل طفل مجند قاوم اغتصابه
قام قيادي حوثي، يدعى «أبو جبريل»، بإطلاق النار على طفل بعد أن قاوم محاولاته المتعددة لاغتصابه، اسعف على إثره إلى المستشفى ليفارق الحياة بعد أسابيع قليلة متأثراً بجروحه البليغة.
ونقل موقع «المشهد اليمني» في يناير 2017، عن مصدر مقرب من عائلة الطفل: «أن الحوثيين اختطفوا الطفل «محمد علي عبدالله حاتم» لم يتجاوز الـ12 من العمر، وهو نجل أحد المدرسين، من مديرية جبل الشرق آنس، وأرسلوه إلى جبهات القتال».
وأضاف المصدر أن والد الطفل علم من ابنه أثناء وجوده في العناية المركزة قبل وفاته أن القيادي الحوثي «أبو جبريل» هو من أطلق عليه الرصاص، واخترقت الطلقات ظهره وخرجت من بطنه، موضحاً اعتراف أحد أفراد المليشيا أن «أبو جبريل» أطلق الرصاص على محمد؛ لأنه رفض وقاوم محاولة المشرف اغتصابه، وبدأ بالصراخ طلباً للنجدة.