وقال فيكتور دلاميني الناطق باسم ويني مانديلا في بيان "بحزن عميق نعلمكم بوفاة السيدة ويني ماديكيزيلا مانديلا التي فارقت الحياة في مستشفى ميلبارك في جوهانسبورغ الاثنين 2 ابريل/نيسان".
ووصف ديسموند توتو كبير أساقفة جنوب افريقيا سابقا الحائز جائزة نوبل للسلام ويني مانديلا بأنها "من أكبر رموز" النضال ضد نظام الفصل العنصري.
وقال "لقد رفضت الاستسلام في مواجهة سجن زوجها والمضايقات المستمرة لعائلتها على يد قوات الأمن والاعتقالات وقرارات الحظر التي طاولتها. موقف التحدي الذي اعتمدته شكل مصدر الهام كبير لي ولأجيال من الناشطين".
ولدت نومزامو وينفريد زانيوي ماديكيزيلا المعروفة بكل بساطة بـ"ويني" في 26 سبتمبر/ايلول 1936 في بلدة مبونغويني الواقعة في ما يعرف راهنا بالكاب الشرقية التي يتحدر منها مانديلا أيضا.
واستمر زواجها بنلسون 38 عاما، بما في ذلك السنوات السبع وعشرين التي أمضاها في السجن.
وحازت ويني شهادة جامعية في مجال الخدمة الاجتماعية، وهو أمر كان يعدّ استثنائيا في تلك الفترة لامرأة سوداء.
وهي تزوجت بمانديلا عندما كانت في الحادية والعشرين من العمر، في حين كان هو يناهز الأربعين، مطلقا وله أولاد. وسرعان ما طغى الالتزام السياسي على حياتهما الزوجية.
وكتبت ويني في مذكراتها "لم يكن لدينا فعلا حياة عائلية... ولم يكن في وسعنا انتزاع نلسون من شعبه. فمكافحة نظام الفصل العنصري والأمة كانا يأتيان في المقام الأول".
وبقيت ويني وحيدة مع ابنتيهما بعد توقيف مانديلا في اغسطس/آب 1962. وهي تسلمت شعلة النضال ضد نظام الفصل العنصري لصالح البيض.
وأصبحت المرشدة الاجتماعية الشابة محط حملات تهويل وضغوطات متواصلة. وهي زجت في السجن وخضعت للإقامة الجبرية قبل عزلها في منزل في قرية نائية استهدفه هجومان بالقنبلة.
عرابة الأمة
لكن كل هذه الضغوط لم تثبط عزيمة المناضلة التي ما انفكت تتحدى سلطات البيض. وباتت من أبرز وجوه حزب المؤتمر الوطني الافريقي رأس الحربة في هذا الكفاح. وفي العام 1976، دعت طلاب سويتو إلى "الكفاح حتى النهاية".
لكن سرعان ما تحولت ويني إلى مصدر إزعاج للحزب.
وفي وقت كان الخونة المفترضون للقضية يُحرقون أحياء مع إطار حول عنقهم، صرحت ويني أن شعب جنوب افريقيا عليه أن يتحرر بواسطة "عيدان ثقاب"، ما اعتبر نداء صريحا بالقتل.
وأحاطت ويني نفسها بشبان شكلوا حرسها المقربين في إطار ما عُرف بـ"مانديلا يونايتد فوتبول كلوب" (ام يو اف سي)، وهم استخدموا أساليب عنيفة بدرجة كبيرة.
وفي 1991، دينت ويني مانديلا بتهمة الضلوع في خطف شاب ناشط هو ستومي سايبي. وحكم عليها بالسجن ستة أشهر قبل خفض هذه العقوبة والاستعاضة عنها بفرض غرامة مالية.
وفي 1998، أعلنت لجنة الحقيقة والمصالحة المكلفة المحاكمات المرتبطة بالجرائم السياسية خلال نظام الفصل العنصري، ويني مانديلا "مذنبة سياسيا وأخلاقيا بانتهاكات لحقوق الإنسان" ارتكبها أعضاء "ام يو اف سي".
ووصفت هذه المرأة التي لقبت بـ"عرابة الأمة"، هذا الإعلان بأنه "مخز"، رغم اتهام شهود لها بممارسة التعذيب.
انحراف عن المسار
وقال عنها يوما ديسموند توتو وهو صديق نلسون مانديلا "لقد كانت رمزا مذهلا للكفاح، أيقونة للتحرير. لكنها انحرفت بعدها عن مسارها بشكل مريع".
وبعد تعيينها نائبة لوزير الثقافة عقب أول انتخابات محلية يشارك فيها السود في 1994، أقالتها حكومة زوجها من منصبها بعد عام بتهمة عصيان الأوامر الرسمية.
وإثر نبذها من جانب إدارة حزب المؤتمر الوطني الافريقي وادانتها مجددا في 2003 بتهمة التزوير، عادت ويني إلى السياسة بعد أربع سنوات عبر الانضمام إلى اللجنة التنفيذية للحزب وهي الهيئة الحاكمة للمؤتمر الوطني الافريقي.
وقد كانت حياتها زاخرة بالتناقضات. فقد عرفت ويني التي انتخبت نائبة في 1994 وأعيد انتخابها في كل الانتخابات التالية، بتغيبها عن البرلمان.
كما حرصت على الدفاع الدائم عن الفقراء رغم البذخ الكبير الذي طبع حياتها.
وهي انتقدت بشدة الاتفاق التاريخي الذي وقعه زوجها مع البيض لإنهاء الفصل العنصري. وقالت في تصريحات لها "مانديلا تخلى عنا. الاتفاق الذي أبرمه سيء للسود".
وقد حققت صورة الزوجين مانديلا يمشيان يدا بيد عند الإفراج عن بطل مكافحة نظام الفصل العنصري في العام 1990، انتشارا عالميا واسعا. غير أن طريقهما افترقت إذ تطلقا في العام 1996 إثر مسار قضائي شاق كشفت خلاله خيانات زوجية متعددة لويني.
واستمرت مفاعيل هذا الجفاء بينهما حتى بعد وفاة نلسون مانديلا نهاية العام 2013. فهو لم يترك لها شيئا ما أثار غضبها ودفعها لخوض معركة قضائية لاستعادة المنزل العائلي في كونو (جنوب)، غير أن القضاء رد مطالبها أخيرا.