"منحنى فيليبس".. نظرية جديدة تتداعى تحت أقدام الاقتصاد العالمي
الجمعة 25 أغسطس 2017 الساعة 19:00
متابعات:
شهدت الأعوام الماضية والتي اعقبت الأزمة المالية العالمية في 2008 تغيرات واسعة في إطار النظام الاقتصادي العالمي بشقيه النظري والعملي، مع انهيار نظريات شهيرة كانت تشكل حجر الزاوية لعمل البنوك المركزية.
وتعد نظرية "منحنى فيليبس" الاقتصادية الشهيرة، هي إحدى تلك النظريات التي طالما نالت شهرة واسعة، دفعت الاقتصاديين إلى الاستعانة بها في بناء دراساتهم، لكنها تتجه الفترة الحالية إلى الزوال إلى جانب النظريات التي ثبت فشلها في مطابقة الواقع.
و"فيليبس" هي نظرية وضعها الاقتصادي النيوزلندي "ويليام فيليبس"، تعتقد أن التضخم ومعدل البطالة تربطهما علاقة عكسية، حيث ترى أن النمو الاقتصادي يؤدي إلى التضخم والذي يؤدي بدوره إلى مزيد من الوظائف وانخفاض في معدل البطالة، أي أن تراجع البطالة يعني ارتفاع التضخم والعكس.
لكن مع الهبوط القوي لمعدل البطالة في الدول المتقدمة والمقترن بنمو اقتصادي لا بأس به، استمرت معدلات التضخم في التراجع، رغم جهود البنوك المركزية في الارتقاء بها.
وكشفت دراسة حديثة صادرة عن مجلس الاحتياطي الفيدرالي في "فيلادفيا" أن التوقعات التي تُبنى استناداً على نظرة "فيليبس" للربط بين معدل البطالة والتضخم أظهرت أنه لا يمكن الاعتماد عليها في تلك القضية.
وقال "مايكل دوتسي" مدير أبحاث بنك الاحتياطي الفيدرالي في "فيلادفيا" إن صناع السياسة النقدية عليهم أن يكونوا حذرين عند استعانتهم بها في قياس الضغوط التضخمية.
وتابع تقرير الفيدرالي أن ارتفاع البطالة في بعض الأحيان كان قادرا على توقع انخفاض معدل التضخم، لكن ذلك لم يعد يحدث الآن.
ويعتقد التقرير أن الاستعانة بالنظرية قد يُفيد في الأوقات التي يمر بها العالم بفترة ركود، على الرغم أن ذلك الاعتقاد ليس حاسم، "لكن في الأوقات العادية التي يمر بها الاقتصاد الأمريكي في الوقت الحالي لا نجد دليل للاعتماد على النظرية".
فيما قالت "إيستر جورج" رئيسة الاحتياطي الفيدرالي في ولاية "كانساس" إن هناك شيء خاطئ في النماذج التي نستند عليها"، مشيرة إلى أنها لا تعلم على وجه التحديد هذا الشيء، مضيفة "أعتقد ان ذلك لا يزال سؤالاً يطرحه العديد من الاقتصاديين".
وعن مستويات التضخم قالت "إيستر" إنه ليس من المهم بالنسبة لها تخطي مستوى 2% "بقدر الاستمرار في صنع مزيد من تطور الأداء الاقتصادي.
أما "إدوارد سميث"، الخبير اقتصادي في "بوسيتيف ماني" فقال "إن العلاقة العكسية بين البطالة والتضخم قد ماتت، كما أن انتشار الوظائف المنخفضة الأجر وغير النظامية وغير الآمنة يعني ممارسة مزيدا من الضغوط على الأجور وبالتالي القدرة الشرائية"، نقلاً عن محطة "سي.إنبي.سي" الأمريكية.
وأضاف سميث أن هذه أخبار سيئة بالنسبة لصانعي السياسات الراغبين في تقليص سياسة التيسير الكمي، وإعادة أسعار الفائدة إلى مستويات ما قبل الأزمة.
يعد معدل الفائدة السلبي في عدد من الدول المتقدمة نتيجة استمرار انخفاض معدل التضخم، والذي يتزامن معه تعافي معدل البطالة أحد أدلة اتهام النظرية "فيليبس".
وفي منطقة اليورو لايزال معدل التضخم مستقر عند مستويات 1.3% في آخر قراءة له، بعيدا عن المستهدف من البنك المركزي الأوروبي 2%..
وفي آخر توقعات البنك المركزي الأوربي حول التضخم، خفض تكهناته للعام الجاري عند 1.5%، و1.3% في 2018، و1.6% في 2019، مقابل التوقعات السابقة عند 1.7%، و1.6%، و1.7 على الترتيب.
وفي الوقت نفسه فإن معدل البطالة قد تراجع إلى أدنى مستوى في 8 سنوات عند 9.1%، كما أن عدد كبير من دول الاتحاد حققت تطورا في معدلات تشغيل العمالة.
وفي آخر محضر صادر عن البنك المركزي الأوروبي في شهر يوليو كشف عن الانفصال بين العمالة ومعدل التضخم، وأرجع البنك ذلك إلى عدد من العوامل من ضمنها تغييرات شملت أسواق العمل وعقود العمل وعمليات تحديد الأجور "مما يشير إلى كسر هيكلي في منحنى "فيليبس".
ولايزال البنك المركزي يحتفظ بمعدلات الفائدة السلبية وبرنامج التيسير الكمي، في محاولة لتشجيع النمو والاستثمار، وهو ما أتى بثماره على معدل البطالة والنمو، لكن التضخم لايزال يشهد تباطؤا.
وفي الولايات المتحدة لايزال معدل التضخم متدني عند 0.1% على أساس شهري، في حين أن معدل البطالة متراجع عند أدنى مستوى في 16 عاما إلى 4.3%..
ويعد تراجع معدل البطالة في الولايات المتحدة علامة استفهام أمام إمكانية اتخاذ مزيد من القرارات برفع سعر الفائدة خلال العام الجاري.
أما في بريطانيا فسجل معدل البطالة تراجعا عند أدنى مستوى في 44 عاما عند 4.4%، في الوقت نفسه لا يزال معدل التضخم مستقر بعيد عن توقعات المحللين عند 2.6% على أساس سنوي.
وبالرغم من الأبحاث والأصوات المعارضة لاستمرار الانسياق وراء نظرية "فيليبس"، إلا أن واضعي السياسية النقدية يبدو أن لديهم رأي آخر.
وأظهر المحضر الأخير للاحتياطي الفيدرالي أن عدد قليل من المشاركين في اجتماع السياسة النقدية وجدوا أن هذا الإطار -منحنى فيليبس- لم يكن مفيدا بشكل خاص في التنبؤ بالتضخم، فيما يرى معظم المشاركين استمرارية صلاحيته.
فيما كشفت ورقة فيدرالي "فيلادفيا" البحثية أنه إذا كان رأي الأغلبية في لجنة السوق المفتوحة بالفيدرالي يشير إلى أن منحنى "فيليبس" لايزال فعال فإن هذا يعني أن عليها الاستمرار في رفع معدل الفائدة نظراً لانخفاض معدل البطالة عند أدنى مستوى في 16 عاما، ولأنها تتوقع ارتفاع معدل التضخم على المدى المتوسط.
وتعد البيانات الاقتصادية في اليابان صوتا مؤيدا نسبيا للنظرية الكلاسيكية، نتيجة ارتفاع معدلات التضخم وانخفاض معدلات البطالة.
وسجل التضخم الأساسي في اليابان ارتفاع للشهر السابع على التوالي عند 0.5%، لكنه لايزال بعيدا عن مستهدف البنك المركزي أيضاً بينما سجًل معدل البطالة تراجعاً عند أدنى مستوى منذ عام 1974 إلى 2.8%.
متعلقات