الرواية العربية بين التأثير والتأثر
الخميس 27 يوليو 2017 الساعة 20:29
الأحرار نت / القاهرة/ أيمن رفعت
الأحداث الواقعة والرؤية المتحلّقة حولها
في عالم الرواية ثمة نزعة تأثرية تستمد مقوماتها الذاتية من جوانب عدة أبرزها جانبا الشكل والمضمون وطبيعة التلقي والتناص والتأويل، وغيرها من الوحدات المؤثرة بطريقة أو بأخرى في نسق وصياغة العمل الروائي الفنية والأدبية. هكذا يؤكد الناقد شوقي بدر يوسف في كتابه “الرواية.. التأثير والتأثر”، حيث يشير إلى رواية "ثرثرة فوق النيل" للأديب نجيب محفوظ، قائلا: لا شك أن حركة التفاعل في لغة السرد في رواية "ثرثرة فوق النيل" تتسم بالحركية والنقد اللاذع للواقع ومحاولة الكاتب فرض تقنيات ذات قدرة على الإقناع والتنوير، وتفعيل دور القارئ على المستويين الاجتماعي والأدبي، لذا نجد أن لغة النص لغة مكثفة، وتحمل دلالة رمزية مزدوجة، ومغلفة بتقنيات عدة تزيد من غموضها وابتعادها عن المستوى السطحي الضحل للدلالة.
ولعب الاغتراب الذاتي في رواية "السمان والخريف" 1962 دورا مهما في حياة الشخصية الرئيسية للنص، وهي شخصية عيسى الدباغ، الوفدي القديم الذي أصبحت حياته في تأزمات مطردة، وتحولت من النقيض إلى النقيض، بعد أن طرأت تغيرات مهمة على الحياة السياسية العامة في مصر.
وقد جسد نجيب محفوظ صورة المرأة في حياة "عيسى الدباغ" تصويرا أوضح فيه المعنى الأصيل لطبيعتها بحسب البيئة والمواقف المحددة فيها وتوجهها الأنثوي والواقعي في الحياة من خلال أطر مختلفة حاول فيها أن يضع المرأة في توافقات ومتناقضات عدة، فهي الأم التي كانت تحنو عليه حتى في أشد مراحل حياته تأزما، وهي الحبيبة التي وضع عينيه عليها طلبا للحب والمكانة والثروة في (سلوى)، وهي الرغبة الجنسية التي وضع فيها كل ثقل أزماته في مرحلة اغترابه في الإسكندرية في (ريري)، وهي المال الذي أراد أن يتعايش معه، وأن يبدأ معه مرحلة جديدة (قدرية).
• العيش داخل الذات
وعن رواية "صيد العصاري" للروائي محمد جبريل، يقول شوقي بدر: اختار الكاتب مرحلة سياسية مهمة من حياة مصر، جعلها هي المناخ الرئيسي لنصه الروائي ومن خلال هذه المرحلة تبلورت وقائع النص.. كانت هذه المرحلة هي فترة وزارة محمود فهمي النقراشي التي أعقبت وزارة صدقي باشا، هذه المرحلة التي كانت فيها مصر تزخر بالعديد من الجنسيات المختلفة العائشة على أرض الواقع المصري من خلال (الآخر) الباحث عن هويته وانتمائه الحقيقي، وهو أحيانا يستخدم الصمت والعيش داخل الذات المحملة بتاريخ نكبته "د. جارو فارتان" و"نورا"، وأحيانا يستخدم التاريخ الموثّق كعلامة مهمة لتأصيل عالمه الأصلي وجذوره العميقة على أرض الواقع.
وفي رواية "شهوة الصمت" للروائية أمينة زيدان، يرى الكاتب، أن إشكالية الموت في نسيج النص تحتل مساحة تكاد تكون هي المتسيّدة طبيعة النص، سواء كان هذا الموت بيولوجيا في حالات مراد ويوسف وعلي ونفيسة، أو سواء كان الموت افتراضيا ومجازيا في حالة الرجل الذي لا يقابل أحدا والراوي ومريم، ويكاد يكون الموت هو التيمة الرئيسية المستخدمة في مضمون الرواية، هو الصمت بمعناها المجازي المألوف، وهذه الإشكالية لها فلسفتها الخاصة في التناول السردي حيث تتماهى الأحداث والشخوص على وجه التحديد في رفد ماهية هذه الإشكالية من وجهة نظر الأحداث الواقعة والرؤية المتحلّقة حولها والشخصيات التي تمارس هذه الواقعة، ورؤية الكاتب في التعبير عن شيء داخله يراه ملحا في الخروج إلى المشهد ليجسد حالة من حالات أسئلة الرواية.
• يهود الإسكندرية
وعن "يهود الإسكندرية" لمصطفى نصر، يقول شوقي بدر: تنقسم الرواية إلى ثلاثة أجزاء، لكل جزء منها زمانه ومكانه وشخصياته وأحداثه. الجزء الأول المعنون بـ "ملاذ" تدور أحداثه في نهاية عام 1862 في الإسكندرية بين منطقة القباري التي كان بها قصر الوالي، وشارع سوق السمك القديم المكان الذي استوطنه اليهود منذ نهاية القرن السابع عشر.
"وصال" هو عنوان الجزء الثانى من الرواية، تدور أحداثه في أواخر عام 1942 والحرب العالمية على أشدها في منطقة العلمين غرب الإسكندرية، وبدء تشكل الجيتو الجديد في منطقة الطابية التي انتقل إليها اليهود بعد أن حصل جون على الأبعادية التي منحها له الوالي سعيد.
أما الجزء الثالث فجاء تحت عنوان "جوهرة"، وهي ابنة وصال من علاقة مع مظلوم، وتبدأ جوهرة الفتاة اليهودية الصغيرة رحلتها مع الحياة في محاولة إثبات ذاتها، واستكمال رحلة اليهود في مصر كرمز لما فعله أجدادها منذ عامير وزاكن ودوف.
يذكر أن كتاب "الرواية.. التأثير والتأثر" للكاتب شوقي بدر يوسف ، صدر عن وكالة الصحافة العربية بالقاهرة ، ويقع في نحو 331 صفحة من القطع الكبير .
متعلقات