ترمب "يراهن".. خنق إيران اقتصادياً مقابل الحل السياسي!
الثلاثاء 31 يوليو 2018 الساعة 23:30
الأحرار نت/ العربية نت
عندما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في مايو الماضي، كان يعي تماماً أن الإدارة الأميركية قد أطلقت الرصاصة الأخيرة على الاقتصاد الإيراني حتى قبل بدء مسلسل "الجولات" العقابية الأولى في 6 أغسطس و4 نوفمبر المقبلين.
لم تكن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب بحاجة للانتظار 3 أشهر لتبدأ تضييق الخناق وتعيد العزلة لاقتصاد طهران، ولتشهد على هبوط الريال الإيراني إلى مستويات تاريخية، ولتعم الشوارع بالاحتجاجات والإضرابات العمالية، وليعلن محافظ البنك المركزي الإيراني استقالته، وتبدي العديد من الشركات الأجنبية العالمية وقف تعاملاتها مع إيران.
وما ظهور أثر العقوبات الأميركية مبكراً في البلاد إلا دليل على نجاح الرؤية الأميركية في الضغط على طهران، انطلاقاً من وعيها بأن الشعب الإيراني والمجتمع الدولي على السواء قد فقد ثقته بالنظام الإيراني وملّ من الشعارات الرنانة الداعية إلى "المساواة" و"العدالة" و"السلام" على مدى 40 عاماً، بعد مجيء حكومتين "إصلاحيتين" برئاسة محمد خاتمي وحسن روحاني، ولم يتغير ساكن في سياستها الخارجية والملفات الشائكة.
ماذا بعد؟
لا يختلف اثنان على أن صورة قاتمة لما يحدث في الداخل الإيراني، وسط تساؤلات مطروحة حول سيناريوهات المرحلة المقبلة ومصير العملة الإيرانية مع بدء التطبيق الفعلي للمرحلة الأولى من عقوبات واشنطن خلال أيام معدودة.
يتوقع الخبير الإيراني لدى مؤسسة "الدفاع عن الديمقراطيات" في واشنطن بهنام بن طالبلو في حديث لـ"العربية.نت" أن يستمر انخفاض قيمة العملة الإيرانية لعدة أشهر على الأقل، محذراً من احتمالية أن يصل سعر صرف الدولار إلى 150 ألف ريال إيراني تزامناً مع موعد تطبيق العقوبات الأميركية بدءاً من 6 أغسطس.
استنفار في المركزي الإيراني
"هناك أزمة ثقة محلية".. بهذه الكلمات يصف الخبراء الإيرانيون الجو الداخلي، داخل أروقة البنك المركزي الإيراني بعد استقالة محافظ البنك المركزي وتعيين بديل له، مؤكدين أن حالة من القلق تسود المسؤولين في "المركزي" من العقوبات الوشيكة.
من الناحية السياسية، يبدو أن إدارة روحاني تعتقد أن حالة الاستنفار في المركزي الإيراني يمكن أن تخمد الأزمة الحالية.
ولعل هذا ما عبر عنه المحافظ الجديد للمركزي الإيراني عبد الناصر همتي، الاثنين، عندما أقر بوجود أزمة حقيقية في خطوة "لافتة" و"غير اعتيادية" بالنظام الإيراني، بحسب بن طالبلو.
وفيما أشار إلى أن العيون تتجه نحو نوعية التحركات في مجال السياسة النقدية التي قد يشترك فيها البنك، أكد أن هناك حالة من التكتم حول كيفية تعامل البلاد مع الأزمة الحالية، بما فيها بنود الخطة التي سيكشف عنها المركزي الإيراني قريباً.
نجاح الإدارة الأميركية
لا يمكن قراءة إعلان أكثر من 20 كياناً من شركات وبنوك أجنبية ضخمة عزمها قطع علاقاتها نهائياً مع إيران بموجب توجيهات من وزارة الخزانة، إلا كنجاح للإدارة الأميركية تجاه موقفها من إيران، بحسب بن طالبلو.
ولكن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، بل على واشنطن أن تراقب ما تبقى من شركات صغيرة ومتوسطة في إيران، بحيث بات معلوماً أن كلاً من طهران والاتحاد الأوروبي يرغبان في مواصلة العمل على هذا المستوى، خلافاً للرغبة الأميركية.
أوروبا في مواجهة أميركا
المفارقة هنا أن أوروبا، الشريك السياسي والاقتصادي والعسكري لأميركا، تتطلع إلى المحافظة على "روحية" الصفقة النووية "JCPOA" حتى الرمق الأخير من خلال محاولة إيجاد "قناة" لمواصلة المعاملات مع إيران بعد 4 نوفمبر.. وهذا ما لا تمسح به واشنطن على الإطلاق.
حتى الآن، على الرغم من خروج العديد من الشركات الأجنبية من السوق الإيرانية (حتى تتمكن من الاستمرار في التعامل مع الشركات الأميركية واستخدام الدولار والنظام المالي الأميركي)، غير أن أوروبا وأميركا ليستا في موقف موحد. وضعٌ قد يتغير في الأشهر الثلاثة المقبلة بالنسبة لبعض البلدان، وفق بن طالبلو.
تغييرٌ بالسياسة الخارجية!
ترى الأوساط المطلعة أن الإدارة الأميركية "تراهن" اليوم على ممارسة أقصى أدوات الضغط الاقتصادية والمالية لنجاح استراتيجيتها تجاه إيران، معتبرة أن عام 2019 هو عام "القرار" لمعرفة ما إذا كانت العقوبات الأميركية نجحت في إجبار إيران على تغيير سياستها تجاه القضايا الإقليمية وملف تخصيب اليورانيوم، وبالتالي فإن "الكرة" اليوم في ملعب إيران لإعادة خلط أوراقها.
غير أن إدارة ترمب، بحسب بن طالبلو، لن تقبل "بصيغة تسوية" أو "معادلة جديدة" يفرضها الإيرانيون في المقابل، حيث من المحتمل أن تسعى إيران إلى تخفيف العقوبات عليها عن طريق إجراء تغييرات غير "جوهرية" في بعض مواقفها، في محاولة للرجوع عن الأهداف الـ 12 التي طرحها وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في أواخر مايو، وهو الذي لن "تساوم" واشنطن عليه على الإطلاق.
متعلقات