انتهت في العاصمة الأردنية عّمان أعمال «ملتقى الأمن الثقافي» الذي تنظمه مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية، بالتعاون مع مؤسسة عبدالحميد شومان، وناقش المنتدى مكونات الهوية الثقافية وبنيتها ومحدداتها التي تخص الفرد، إضافة إلى أهمية دور الثقافة في تطور الشعوب، وغيرها من الظواهر الثقافية.
ورأت الرئيسة التنفيذية لـ«مؤسسة شومان» فالنتينا قسيسية، أن الملتقى يندرج تحته عشرات العناصر التي يمكن لنا أن نسميها ثقافة، كما يثير أسئلة عديدة حول السبل التي من الممكن أن نحقق من خلالها أمننا الثقافي، وأن نعزز من أدواتنا الثقافية في سبيل الحفاظ على هويتنا وتراثنا. ورأى الدكتور محسن جاسم الموسوي (العراق)، في ورقته «مفاهيم الثقافة ومشكلات الحصانة الثقافية في عصر العولمة»، أن مفكري الثقافة يكتبون غالباً عند ظهور منعطفات معينة في تاريخ المجتمعات، على خلاف كتابات الفلاسفة والمفكرين في القرن الثامن عشر في أوروبا، مثلاً. وأكد أن قضية الأمن الثقافي باتت تندرج في عصر تكون فيه ثقافة المنثور المطبوع، والمجالسة والمشافهة، أمراً عرضياً إزاء تداول عاصف للمعلومات والمشاهد وعروض «الفرجة»، وهو تداول قابل للخرق والتأليف والتزوير والتدليس.
قال حسين مدن (البحرين) في ورقته «العولمة في مواجهة الثقافة الوطنية»، إن «التقنيات الحديثة، كما كان الحال فترة الثورة الصناعية، هي وسائل سيطرة ونفوذ بيد القوى النافذة القادرة على إخضاع العالم وغزو أسواقه ببضائعها، تحقيقا لأهدافها الخاصة»، مضيفا: «هذا الأمر يعني أن البلدان المتخلفة، مهما سعت لمجاراة العالم المتقدم ستظل متخلفة».
ولفت إلى أن حصة البحث العلمي في العالم العربي لا تتجاوز 1%، فيما تبلغ في الدول المتقدمة نسبة تفوق 3%، وهذه النتائج المتناقضة للتدويل الاقتصادي، بحسب مدن، «لا تنسحب على البلدان النامية وحدها، وإنما تترك آثارها السلبية على المجتمعات المتقدمة ذاتها، فالعولمة لا تجلب الثراء وحده، وهي لم تزل قارات متضادة من المصالح وليست قرية كونية للتكافل». وأوضح أنه لفهم آليات الهيمنة في عالم اليوم، يحب أن نوجه النظر نحو البعد الثقافي، الذي هو في الجوهر قوة إكراه، لكنها مخملية الملمس. ودعا مدن إلى تحرير الصعد القومية والوطنية الخاصة بالشعوب وتخليصها من نزعات الشعور بالدونية التي أملاها المركز الغربي عليها، ومن المشاعر الشوفينية التي تدفع للتزمت والتعصب، وللعنف أيضا. يشار إلى أن الملتقى يأتي تنفيذاً لمذكرة التفاهم بين مؤسسي «العويس» و«شومان»، العام 2010، وتقتضي تنظيم فعاليات فنية وندوات فكرية وأسابيع ثقافية تعقد بين الإمارات والأردن.