دخلت ليبيا في نزاع قانوني مع المحكمة الجنائية الدولية بشأن محاكمة سيف الإسلام، نجل الزعيم الراحل معمر القذافي، مازالت تطوراته قائمة إلى الآن، وسط ترقب من كافة الأوساط الشعبية والحقوقية لحكم مرتقب من محكمة لاهاي ضدّ نجل القذافي.
وأعلنت وزارة العدل بحكومة الوفاق، أنّها ترفض تسليم سيف الإسلام القذافي إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحاكمته خارج ليبيا، مؤكدة أن ذلك من اختصاص القضاء الليبي، وذلك عقب سلسلة جلسات عقدتها المحكمة الأسبوع الماضي، بمقرها في لاهاي للنظر في دعوة الاستئناف التي رفعها دفاع سيف الإسلام، بشأن عدم مشروعية تسليم موكلهم إلى المحكمة، قبل النطق بالحكم المنتظر خلال الأيام القادمة.
وشدّدت الوزارة الليبية، في بيان لها، على تمسكها بـ"السيادة المطلقة للدولة الليبية وحقها الحصري في ملاحقة مواطنيها عما ينسب إليهم من تهم أمام قضائها الوطني"، بينما أكدت الجنائية الدولية أن ليبيا لا تزال ملزمة بالقبض على نجل القذافي وتسليمه إليها لمحاكمته، بتهمة ارتكابه جرائم حرب خلال الثورة التي أطاحت بوالده عام2011.
وجاء تحرّك وزارة العدل التابعة لحكومة الوفاق، بعد تعرّضها لانتقادات داخلية واتهامها بالاستهانة بالقضاء والسيادة الليبية، عقب حضور وزير العدل محمد لملوم خلال جلسات محاكمة سيف الإسلام القذافي بمقرها في لاهاي، واعتراضها على قانون العفو العام الذي أصدره برلمان شرق ليبيا عام 2015، واستفاد منه سيف الإسلام.
وبرّرت الوزارة، تحوّل وفدها الأسبوع الماضي، وحضوره أمام المحكمة الجنائية بمدينة لاهاي، جاء للتأكيد على أحقيّة القضاء الليبي، بالنظر إلى الإتهامّات المنسوبة إلى نجل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي.
في الأثناء، يترقب الليبيون وخاصة أنصار النظام السابق، قرار المحكمة الجنائية الدولية، بشأن طلب الاستئناف الذي تقدم به فريق دفاع سيف الإسلام، من أجل إسقاط التهم عنه ووقف ملاحقته وتتبّعه، والذي من المتوّقع أن يصدر خلال الأيام القادمة.
يذكر أن سيف الإسلام القذافي كان مسجونا وأطلق سراحه في مدينة الزنتان في يونيو 2017 إثر صدور قرار العفو العام من طرف برلمان شرق ليبيا، بعدما احتجزته إحدى الميليشيات منذ عام 2011، لكنه لا يزال مطلوبا وملاحقا من المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، لارتكابه جرائم ضد الإنسانية.
وبعد 8 سنوات من أحداث الثورة الليبية، التي أطاحت بنظام والده معمر القذافي وأسفرت عن مقتله، لا يزال سيف الإسلام القذافي الذي يبلغ من العمر 47 عاما، والذي يحظى بدعم كبير من قبل جزء من الليبيين، عنصرا مؤثرا ذا وزن سياسي داخل ليبيا، وقادرا على الظهور كقوّة سياسية في حال إجراء انتخابات رئاسية، حيث صعد نجم سيف الإسلام القذافي إلى الساحة السياسية بشكل واضح مطلع العام الحالي، بعدما ظهرت تحركات داخلية يقوم بها فريق سياسي يتبعه وخارجية تقودها روسيا، لإعادة تأهيله لإعادته إلى المشهد السياسي، من أجل تمكينه من القيام بدور بارز في مسار المصالحة الليبية، وإعادة توحيد البلاد.
وبات سيف الإسلام القذافي، مرشحا محتملا للانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة في مارس 2019، حيث ظهرت في ليبيا حملات تدعم وجوده في الانتخابات، تزامنا مع ارتفاع أصوات تنادي برفع الحظر السياسي المفروض عليه، كما خطط لظهور إعلامي مع بعض الصحافيين والمؤسسات الإعلامية عبر مقربيّن منه، إلا أن اندلاع العملية العسكرية بالعاصمة طرابلس بين قوات الجيش الليبي وقوات حكومة الوفاق، في الرابع من أبريل الماضي، أسقطت خطته ودفعته إلى التراجع إلى الوراء والتريّث، لحين وضوح المشهد.