فرضت الولايات المتحدة يوم الأربعاء أشد عقوبات لها حتى الآن على الرئيس السوري بشار الأسد لحرمان حكومته من مصادر التمويل في محاولة لدفعها للعودة إلى المفاوضات التي تقودها الأمم المتحدة لإنهاء الحرب المستمرة منذ نحو عشر سنوات.
وتضرب قيود السفر الجديدة والعقوبات المالية الأسد في وقت يجد فيه الرئيس السوري صعوبة في احتواء أزمة اقتصادية آخذة في الاشتداد بعد نحو عشر سنوات من الحرب الأهلية ووسط انتشار نادر للاحتجاجات في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.
وتشمل الجولة الجديدة من العقوبات 39 شركة وشخصا منهم الأسد وزوجته أسماء التي وصفها وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو مع أسرتها بأنهم من أكثر المنتفعين من الحرب.
وقال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، في بيان يعلن المستهدفين بالعقوبات المفروضة في إطار قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا، الذي وقعه الرئيس دونالد ترامب في ديسمبر كانون الأول، إن الخطوات الجديدة هي بداية حملة مستمرة من الضغوط الاقتصادية والسياسية على الأسد، وتوعد بالمزيد من التحركات في الأسابيع المقبلة.
وقال ”نتوقع فرض عقوبات أكثر بكثير ولن نتوقف حتى يوقف الأسد ونظامه الحرب الوحشية التي لا داعي لها ضد الشعب السوري وحتى توافق الحكومة السورية على حل سلمي للصراع“.
وترزح سوريا بالفعل تحت وطأة عقوبات من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أدت إلى تجميد أصول للدولة ومئات الشركات والأفراد. وتمنع الولايات المتحدة بالفعل صادرات واستثمارات الأمريكيين في سوريا والتعاملات في مجالات النفط والغاز ومنتجاتهما.
لكن العقوبات الجديدة يمكن أن تجمد أصول أي شخص يتعامل مع سوريا بصرف النظر عن جنسيته وتشمل العديد من القطاعات الأخرى. وتشمل من يتعاملون مع كيانات في روسيا وإيران الداعمان الرئيسيان للأسد.
وفي اتصال مع الصحفيين، قال مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية إن خطط الاستثمار في مناطق سوريا، بما في ذلك إعادة الإعمار، التي كانت ستساعد حكومة الأسد أخفقت بالفعل بسبب الخوف من قانون قيصر. وأضاف ”هذا يعني إبعاد المستثمرين الأجانب“.
ووافق العديد من المحللين على ذلك.
وقالت إليزابيث تسوركوف، زميلة معهد أبحاث السياسة الخارجية ”إذا كنت منخرطا في هذه القطاعات فسوف تُستبعد من النظام المالي الأمريكي، وهو الأقوى في العالم. وبالنسبة لك كشركة، عليك الاختيار بين ذلك وبين الاستثمار في بلد منهار“.
وتنحي السلطات السورية باللائمة على العقوبات الغربية في المصاعب الواسعة النطاق التي يعانيها السوريون، إذ يدفع انهيار العملة الأسعار للارتفاع ويتسبب في صعوبات في توفير ثمن الغذاء وغيره من الإمدادات الأساسية.
وفي اتصال مع الصحفيين، قال المبعوث الأمريكي الخاص لسوريا جيم جيفري إن الضغوط الاقتصادية على الأسد في الوقت الحالي أسوأ من أي وقت مضى، موضحا أن واشنطن ترى أيضا بعض المؤشرات، وإن كانت متواضعة، من موسكو بأن روسيا لديها بعض الشكوك بشأن دعم الأسد.
وقال ”نشهد إلى حد ما رغبة أكبر لدى الروس في أن يستكشفوا، على الأقل معنا ومع أصدقائنا في الاتحاد الأوروبي... ومع دول عربية بمفردها، الخطوات الممكنة لتخفيف الأزمة في سوريا“.
وقال مسؤولون أمريكيون إن المستهدفين بالعقوبات لعبوا جميعا دورا رئيسيا في عرقلة التوصل لحل سياسي سلمي للصراع. لكن كل من بومبيو وجيفري خصا بالذكر أسماء الأسد.
وقال بومبيو ”سأخص بالذكر للمرة الأولى أسماء الأسد، زوجة بشار الأسد، التي أصبحت بدعم زوجها وعائلتها الأخرس، واحدة من أكثر المنتفعين من الحرب السورية“.
وقال جيفري ”أسماء الأسد تساهم شخصيا بوسائل كافية في الفظائع التي تشهدها سوريا اليوم لتستحق أن تُعاقب عليها في حد ذاتها وليس فقط بصفتها زوجة للرئيس الأسد“.