كشفت صحيفة واشنطن بوست عن تكثيف الميلشيات الإيرانية لجهودها في الحصول على معلومات حول العراقيين الذين يعملون مع القوات الأميركية في العراق، واستهدافهم.
وذكرت الصحيفة أنه مع تزايد هجوم الميليشيات على قوافل الإمداد للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة وضد المصالح الأميركية الأخرى، قدم الجيش الأميركي المعلومات الشخصية الخاصة بالمترجمين والعراقيين الذين يعملون معه، إلى قوات الأمن العراقية على النحو المطلوب من قبل السلطات العراقية، لتأمين تنقلهم في جميع أنحاء البلاد، وفقًا للوثائق والمسؤولين العسكريين العراقيين.
وأكدت أنه يمكن أن يمثل تبادل هذه المعلومات، بما في ذلك الأسماء والعناوين وأرقام لوحات السيارات، تهديدًا متزايدًا لمئات العراقيين الذين عملوا لفترة طويلة مع القوات الأميركية، وخاصة كمترجمين.
ونقلت عن مسؤولين عراقيين إن الميليشيات المدعومة من إيران تغلغلت في أجزاء من جهاز الأمن العراقي لدرجة أن المعلومات أصبحت، في بعض الحالات، في متناول الجماعات التي حملت السلاح ضد الأميركيين وموظفي الدعم المحليين.
معركة طويلة
وقال مسؤول في مكتب رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي: "ليس مفاجئا أن المليشيات لديها هذه الوثائق". وأضاف: "أنهم يعتقدون أنها ستكون معركة طويلة، لذا سيجمعون أكبر قدر ممكن من المعلومات عن المصالح الأميركية".
في يونيو الماضي، نشرت وكالة صابرين للأنباء التابعة لميليشيات مدعومة من إيران، قائمة تزعم أنها تحتوي على معلومات شخصية عن عراقيين تم قبولهم في قاعدة "يونيون 3" العسكرية في بغداد.
وتضمنت القائمة أسماء وعناوين وأرقام تعريف السائقين العراقيين وطراز سياراتهم وأرقام لوحات ترخيصها وطرازها وسنواتها، من بين تفاصيل أخرى، وتحمل الوثيقة شعارات التحالف العسكري بقيادة الولايات المتحدة ووزارة الدفاع الأميركية.
وخلال الشهور الأخيرة، ازدادت عمليات استهداف الشاحنات التي تنقل مواد لوجيستية لقوات التحالف الدولي في العراق، وخاصة في المناطق التي تشهد انتشارا ملحوظا لميليشيات موالية لطهران.
وتتواصل الهجمات بصواريخ الكاتيوشا بشكل شبه يومي على المصالح الأميركية والقواعد العسكرية العراقية التي تضم جنودا للتحالف الدولي في مناطق مختلفة بالعراق، مما دفع الولايات المتحدة إلى التهديد بسحب سفارتها من بغداد.
مهمة سهلة
وقال مترجمان عراقيان إنهما شاهدا عناصر ميليشيات كانوا متمركزين بالقرب من نقطة تفتيش عسكرية عراقية ومعهم قائمة تحتوي على معلومات شخصية تم الحصول عليها من مركز تنسيق عسكري تديره قوات الأمن العراقية.
وتابعا "عندما أدركنا مصدر المعلومات، صدمنا. تحتوي القائمة على كل شيء. أرقام الهواتف وأرقام الهوية وحتى أسماءنا الحقيقية".
وأضاف أحد المترجمين: "ستكون مهمة سهلة لمطاردتنا. لديهم كل المعلومات الآن. ماذا لو أصبحت هذه القائمة متاحة الآن على الإنترنت؟ ".
وعلى الرغم من أن الميليشيات المدعومة من إيران شاركت في الحملة التي تدعمها الولايات المتحدة ضد داعش، إلا أن هذه الجماعات المسلحة قامت مؤخرًا بتصعيد هجماتها على المصالح الأميركية في العراق، خاصة بعد مقتل الجنرال الإيراني البارز قاسم سليماني.
ووصفت الميليشيات في العراق المترجمين بأنهم خونة، وتم استهداف العراقيين الذين يقودون المعدات والقوافل اللوجستية نيابة عن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، وقد تعرضت القوافل لما لا يقل عن 30 هجوما صاروخيا أو هجوما بالعبوات الناسفة منذ الصيف، وفقا للأرقام التي جمعها جويل وينغ، الخبير في شؤون العراق، ومؤلف مدونة "تأملات في العراق"، مما أسفر عن قتل شخصان على الاقل واصيب ثمانية اخرون.
محمل الجد
وبين مارس وأغسطس، تلقى مئات الموظفين العراقيين الذين يعملون في دعم البعثة الأميركية رسائل بريد إلكتروني تفيد بأن عقودهم قد انتهت بسبب فقدان التمويل، مما أثار مخاوف من أنهم سيكونون أكثر عرضة للهجمات الانتقامية بمجرد مغادرة الأميركيين.
كان الجنرال كينيث ماكينزي، القائد العام للقيادة المركزية الأميركية، أعلن في سبتمبر أن أميركا ستخفض قواتها في العراق من حوالي 5200 إلى 3000.
وفي أواخر أكتوبر، خاطبت ميليشيا غير معروفة تدعى "أصحاب الكهف" المترجمين مباشرة في بيان، مشيرة إلى أن المجموعة ستكون على استعداد "للتسامح" وحتى تقديم رواتب لأولئك الذين عرّفوا عن أنفسهم بأنهم يعملون في منشأة عسكرية أميركية.
وأكد المترجمون الذين تلقوا تهديدات أنه تم أخذ شكاواهم على محمل الجد من قبل الجيش الأميركي، و ُرض على بعض الرجال مكانًا آمنًا للإقامة في القواعد العسكرية، وقال آخرون إن رؤسائهم أكدوا لهم أنهم يساندونهم.