قال خبراء لموقع "فويس أوف أميركا" إن إيران التي عملت على تطوير علاقاتها بشكل أوثق مع حركة طالبان في السنوات الأخيرة، تحاول زيادة نفوذها في المفاوضات مع إدارة بايدن والحفاظ على النفوذ في السياسة الأفغانية.
واستضافت إيران وفدا من طالبان بقيادة نائب زعيمها الملا عبدالغني برادر لمدة أسبوع، قائلة إن ذلك "جزء من سياسة طهران للتواصل مع الأطراف الأفغانية في عملية السلام الأفغانية".
وقال مدير التطوير التحليلي في مركز السياسة العالمية، كامران بخاري، إن "إيران لديها حافز كبير" في تنمية العلاقات مع طالبان، مضيفا أن طهران تتطلع إلى زيادة نفوذها في المفاوضات مع الإدارة الأميركية الجديدة.
وأردف: "4 سنوات من إدارة ترامب وضعتهم حقا تحت ضغوط هائلة. إنهم في موقف ضعيف نسبيا قبل الوصول لطاولة المفاوضات مع الإدارة الجديدة، وهذا يعني أنهم بحاجة إلى كسب مزيد من النفوذ".
وأضاف أنه لزيادة نفوذها، تحاول إيران استغلال الوضع في أفغانستان، حيث تبحث الولايات المتحدة عن مخرج في البلاد الذي يعيش حالة حرب في آخر عقدين.
كان الرئيس الأميركي جو بايدن قال إنه مستعد لرفع العقوبات عن إيران إذا خفضت طهران تخصيب اليورانيوم إلى المستوى المتفق عليه في الاتفاق الدولي (5+1) لعام 2015، والمعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة.
وأفادت العديد من وسائل الإعلام الأميركية أن الإدارة الجديدة لا تعمل فقط على معالجة برامج إيران النووية والصاروخية، ولكن أيضا أنشطتها الإقليمية.
في المقابل، تقول إيران إنها ستمتثل لخطة العمل الشاملة المشتركة بمجرد أن ترفع الولايات المتحدة العقوبات، ورفضت إجراء محادثات بشأن قضايا أمنية أوسع.
وانسحب ترامب من الاتفاق النووي في 2018 متهما إيران بالفشل في وقف برنامجها الصاروخي ونفوذها في المنطقة.
واتهم المسؤولون الأميركيون والأفغان، إيران بتزويد طالبان بالمال والأسلحة والمتفجرات، وهو ما تنفيه إيران.
مختلفة عن التسعينات
قال مدير برنامج إيران في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، أليكس فاتانكا، إن النظام الإيراني يلتقي مع طالبان منذ عدة سنوات، لكنهم أصبحوا أكثر علنية.
وأضاف: "ما فعلوه هذه المرة هو القيام بذلك علنا. هذا يعني حقيقة أن طالبان معترف بها الآن دوليا كلاعب سياسي في أفغانستان".
بينما قال المسؤولون الإيرانيون "هذه جماعة طالبان مختلفة تماما عن التسعينيات"، قال فاتانكا إن طهران لم تقنع الشعب الإيراني بعد بأنها تتعامل مع مجموعة "أكثر تطورا" مما كانت عليه قبل 20 عاما.
خلال الحرب الأهلية في أفغانستان، في التسعينيات، كان النظام الشيعي في إيران عدوا قويا لطالبان السنية المتطرفة، خاصة بعد أن قتلت طالبان 9 دبلوماسيين إيرانيين في مزار شريف عام 1998.
ورعت إيران القوات الأفغانية التي تقاتل ضد طالبان، ودعمت النظام السياسي الجديد بعد سقوط طالبان عام 2001.
وقال فاتانكا إن الإيرانيين لا يريدون التخلف عن الركب؛ لأن قوى إقليمية ودولية أخرى تعمل على تطوير العلاقات مع طالبان.
وتابع: "لذلك فإن الإيرانيين لا يريدون استبعادهم من هذه المحادثة".
في الأسابيع الأخيرة، كثفت حركة طالبان رحلاتها إلى دول المنطقة، فالإضافة إلى إيران، زارت وفودهم كل من باكستان وروسيا وتركمانستان للحصول على دعم لتنفيذ الاتفاق بين الولايات المتحدة وطالبان الموقع في فبراير 2020.
ونص الاتفاق بين الولايات المتحدة وطالبان على أن الولايات المتحدة ستسحب جميع قواتها من أفغانستان بحلول مايو المقبل، فقط إذا استوفت طالبان شروط قطع العلاقات مع القاعدة، والتوصل إلى اتفاق بشأن تقاسم السلطة مع الحكومة الأفغانية وتقليل العنف في أفغانستان.
قالت الإدارة الأميركية الجديدة إنها تراجع الاتفاق بين الولايات المتحدة وطالبان لمعرفة ما إذا كانت طالبان استوفت الشروط المنصوص عليها في الاتفاقية، لكن طالبان قالت إنها تتوقع من الإدارة الجديدة أن تحترم التزامات ترامب في الاتفاقية السابقة.
وألقت الحكومة الأفغانية باللوم على طالبان في زيادة مستوى العنف في البلاد وتعثر المحادثات بين الأفغان.
لم يتم الإبلاغ عن أي تقدم في الجولة الثانية من مفاوضات السلام بين الحكومة الأفغانية وطالبان التي بدأت في 5 يناير الماضي في الدوحة.
واعتبر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أن طالبان "جزء من الواقع" في أفغانستان، إذ أبلغ وفد طالبان أن إيران مستعدة للتوسط في محادثات السلام المتوقفة.
مستقبل أفغانستان
قال كولين كلارك، وهو زميل في مركز صوفان، المتخصص في الأبحاث الأمنية، إن دول المنطقة تستعد للانسحاب الأميركي من أفغانستان.
وأضاف: "الولايات المتحدة ستنسحب وهم يستعدون لما سيحدث بعد ذلك"، مردفا: "من خلال تنمية علاقات أوثق مع طالبان، فإن النظام الإيراني يبحث عن طرق مختلفة لممارسة نفوذه الخاص وله دور أكبر في السياسة الأفغانية".
كانت إيران لاعبا رئيسيا في الصراع المستمر منذ عقود في أفغانستان، باعتبارها تشترك في حدود طويلة مع البلاد الممزقة، إضافة إلى وجود حوالى 3 ملايين أفغاني يعيشون في إيران.
بعد لقائه وفد طالبان، أشاد أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي شماخاني، في تغريدة نشرت بتاريخ 27 يناير، بقادة طالبان على "تصميمهم في معركتهم ضد الولايات المتحدة".
وردا على تغريدة شماخاني، قال رئيس الأركان العامة الأفغاني محمد ياسين ضياء، في إشارة إلى تصاعد العنف في الأشهر الأخيرة، "إن جماعة طالبان تقاتل ضد شعب أفغانستان، وليس ضد الولايات المتحدة".
من جانبه، قال المحلل السياسي المقيم في كابل، نجيب آزاد، إن تصريحات شماخاني تظهر أنه "لا يوجد إجماع إقليمي حول عملية السلام الأفغانية".
وأضاف أن الإدارة الأميركية الجديدة يجب أن "تولي اهتماما جادا" للديناميكيات الإقليمية للصراع في أفغانستان.