أعلنت السعودية، اليوم الاثنين، عن إيقاف تعاقد الجهات الحكومية مع أي شركة أو مؤسسة تجارية أجنبية لها مقر إقليمي في المنطقة في غير المملكة، ابتداء من العام 2024، وذلك في قرار يأتي في سبيل تحفيز تطويع أعمال الشركات والمؤسسات الأجنبية، التي لها تعاملات مع حكومة المملكة والهيئات والمؤسسات والصناديق التابعة للحكومة أو أي من أجهزتها.
قرار تاريخيفي هذا السياق، قال الكاتب والمحلل الاقتصادي علي الحازمي لـ "العربية نت": إن قرار إيقاف تعاقد الجهات الحكومية مع أي شركة أو مؤسسة تجارية أجنبية ليس لها مقراً إقليمياً في المنطقة غير السعودية، يعتبر قراراً تاريخياً مهم في ظل التحولات الاقتصادية التي تشهدها البلاد خلال الفترة الحالية، كما أن سوق السعودية يعتبر من أهم الأسواق على مستوى المنطقة وذلك نظير ما تتمتع به من مزايا عديدة يأتي في مقدمتها أنها واحدة من دول مجموعة العشرين إضافة إلى أنها أكبر دولة عربية من ناحية الناتج المحلي.
وأضاف الحازمي: "من خلال النظر إلى جانب سوق السيارات والأجهزة الكهربائية وغيرها تعتبر المملكة واحدة من مصاف الدول المهمة نسبة إلى الشركات الأجنبية كانت أو إقليمية، ومن خلال النظر إلى هذا القرار الذي سيطبق في مطلع عام 2024، نلاحظ أن هناك دليلاً جدياً يؤكد مدى التزام المملكة في توفير بيئة حياتية لمن يعملون في تلك الشركات".
يخفض البطالةوتابع: "هذا القرار سيساهم بشكل كبير في زيادة الاستثمارات الأجنبية ورفعها الى المستويات المطلوبة وهي ان تصل إلى أكثر من ٦ في المائة من الناتج المحلي وهذا القرار ايضا مهم في تحقيق مستهدفات التوظيف وتخفيض نسبة البطالة وفي اعتقادي انه مهم للقطاع الخاص الذي يشير إلى أن دخول الشركات أجنبية في السوق سيساعد القطاع الخاص في السعودية من خلال الاحتكاك بالخبرات القادمة على تطوير كافة الكوادر الشابة من النواحي الإدارية والصناعية".
خطوة مهمة لدعم القدرات الاستثماريةمن ناحيته، قال الكاتب والمحلل عبد الرحمن الجبيري، بأن التوجه الذي أعلنته اليوم حكومة السعودية بعزمها إيقاف التعاقد مع أي شركة او مؤسسة تجارية أجنبية، وكذلك الهيئات والصناديق التي ليس لها مقرات في السعودية، خطوة مهمة نحو دعم وتمكين فاعل للقدرات الاستثمارية في المملكة، بما يعزز من الأداء الفاعل للحراك الاستثماري، ويخلق في ذات الاتجاه ابعاداً وفرصاً جديدة في نمو المحتوى المحلي وتبادل الخبرات ونقل وتوطين التقنية، وتطوير كفاءات رأس المال البشري، كما انه سيخلق طيفاً واسعاً من الوظائف اضافة الى توظيف الخدمات والمنتجات الرئيسية التي يتم شراؤها ضمن العقود الحكومية بما يوسع من تحقيق الجودة والكفاءة المطلوبة والمرونة في التنفيذ وتحقيق الاستراتيجيات التنموية الشاملة.
وأضاف: "السعودية تمضي قُدماً في التخطيط والتطوير المتواصل وفق محور اقتصاد مزدهر، والذي يعد من المحاور الرئيسية لرؤية المملكة ٢٠٣٠، والتي أطلقها ويشرف على تنفيذ مستهدفات ولي العهد، كما أنها تحظى بحرصه المتواصل على توفير كافة الممكنات، التي تضمن بيئات أعمال تسهم في التنوع الاقتصادي وتوفير فرص العمل وفتح آفاق جديدة، فالسعودية لديها الكثير من الممكنات التي تؤشر الى قوة ومتانة الاقتصاد، وكذلك موقعها الجغرافي الاستراتيجي قريب جدا من الاسواق العالمية وهو ما يمثل مصدر قوة نحو استقطاب الشركات والاستثمارات العالمية.
ولفت الجبيري إلى أن السعودية دولة ذات مكانة اقتصادية وقدراتها الاقتصادية والمالية جعلتها تتبوأ المؤشرات العالمية، لتكون من ضمن أكبر عشرين اقتصاد في العالم ولهذا التوجه العديد من الانعكاسات الايجابية على الاقتصاد السعودي، وأيضا في المقابل فإن وجود تلك الشركات العالمية في السعودية، سيسهل كثيراً الإجراءات وسرعة اتخاذ القرار وفهم أكبر للسوق السعودي ونضج للبعد الاستثماري القائم على وضوح المشهد من ارض الواقع ويفتح المجال أمام الميّز التنافسية للشركات واستدامة أعمالها ونمو أنشطتها.
لصالح السوق السعوديمن جهته، أضاف الخبير الاقتصادي أحمد الشهري قائلاً: "اعتزام الحكومة السعودية على عدم التعاقد مع الشركات العالمية التي ليس لها مقر في المملكة، يعزز من سهولة إدارة التعامل، ولاسيما أن المشتريات الحكومية والتعاقدات التوريدية في المنطقة هي لصالح السوق السعودي، مما يجعل من وجود مقر لها في السعودية أمر محفز على سرعة العمل والإنجاز ومعالجة أي تحديات كما أن المملكة قدمت حزم تحفيزية للعمل في السوق السعودي، أما الشق الأكثر أهمية من الناحية الاقتصادية، فإن قرب مقر الشركة يقلص من سلسلة الامداد زمنيا وماليا في ظل وجود بنية تحتية متطورة في المملكة من مطارات وطرق وغيرها من متطلبات العمل كما أن وجود مقرات للشركات العالمية سيخفض التكاليف على تلك الشركات إذا ما تم مقارنة بمعدل الطيران إقليميا والوصول الى أكبر الاسواق في المنطقة، بالإضافة إلى أن بقاء حسابات تلك الشركة في المصارف السعودية يمنح الاقتصاد السعودي حق مشروع في استفادة المصارف المحلية من قيمة تلك العقود المليارية والتي تذهب في صورة حوالات مباشر الى خارج الاقتصاد السعودي ويظل الأمر اختياري لأي شركة تود الالتزام بمتطلبات العقود الحكومية والشركات الحكومية في مقابل الفوز بعقود ضخمة وتحقيق المنافع المشتركة."
إلى ذلك اعتبر مصدر حكومي السعودي في وقت سابق من اليوم، أن هذا القرار يأتي تحفيزاً لأعمال الشركات والمؤسسات الأجنبية التي لها تعاملات مع حكومة المملكة والهيئات والمؤسسات والصناديق التابعة للحكومة أو أي من أجهزتها.
كما يأتي القرار سعياً نحو خلق الوظائف والحد من التسرب الاقتصادي ورفع كفاءة الإنفاق وضمان أن المنتجات والخدمات الرئيسية التي يتم شراؤها من قبل الأجهزة الحكومية المختلفة يتم تنفيذها على أرض المملكة وبمحتوى محلي مناسب.
ويتماشى القرار مع إعلان مستهدفات استراتيجية عاصمة المملكة "الرياض 2030" خلال منتدى مبادرة مستقبل الاستثمار الذي عُقد مؤخراً وتم خلاله الإعلان عن عزم 24 شركة عالمية نقل مقراتها الإقليمية إلى الرياض.