يسعى الديمقراطيون في مجلس الشيوخ الأميركي إلى إقرار مشروع قانون "لإصلاح" النظام الانتخابي، تم تمريره، قبل ثلاثة أيام، في مجلس النواب، لكن من المتوقع أن يواجه اعتراضات ضخمة من قبل الأعضاء الجمهوريين الذين يتبنون مواقف متباينة تماما لهم في هذا الملف.
وتبرز أهمية هذا الموضوع بالنظر إلى القضايا التي أثيرت حول النظام الانتخابي في سباق الرئاسة، العام الماضي، خاصة فيما يتعلق بنظام التصويت عبر البريد وتسجيل الناخبين والقيود على عملية التصويت في بعض الأماكن.
كان مجلس النواب قد صوت، الأربعاء، لصالح المشروع، الذي يحدد إجراءات التصويت ويلزم الولايات بإحالة مهمة إعادة ترسيم الدوائر الانتخابية للجان مستقلة، ويزيل العقبات أمام تصويت الناخبين، ويضفي مزيدا من الشفافية على نظام تمويل الحملات الذي يسمح للمانحين الأثرياء بدفع تبرعات دون الكشف عن هويتهم.
ويسمح المشروع أيضا بالتسجيل التلقائي للناخبين، والتصويت بالبريد من دون إبداء أسباب، ويضع معايير لتحديد الفترة الزمنية للتصويت الشخصي المبكر، ويطلب من الولايات أن تبدأ في فرز بطاقات الاقتراع بالبريد قبل وقت طويل من يوم التصويت.
ووافق المجلس، الذي يهيمن عليه الديمقراطيون، على المشروع بتأييد 220 نائبا واعتراض 210 على ما قالت أسوشيتد برس إنه "أكبر إصلاح لقانون الانتخابات منذ جيل على الأقل وقد يشكل نتيجة الانتخابات في الأعوام المقبلة".
وبتمرير المشروع في هذه الغرفة التشريعية، يصبح الملف في مجلس الشيوخ المنقسم بين الحزبين الكبيرين، حيث من المتوقع ألا يوافق عليه الجمهوريون قبل إجراء تعديلات كبيرة.
ويأتي هذا فيما تسعى العديد من الولايات الجمهورية إلى تشديد إجراءات التصويت في الانتخابات، في أعقاب اتهامات متكررة من الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، بأن انتخابات الرئاسة قد "سرقت" بسبب إجراءات التصويت التي سمحت بـ"التزوير".
وقدم مشرعون أكثر من 200 مشروع قانون في 43 ولاية من شأنها أن تقيد عملية الوصول إلى مراكز الاقتراع، وفقا لإحصاء "مركز برينان للعدالة" في جامعة نيويورك.
وفي ولاية أيوا، صوت المجلس التشريعي على مشروع يقيد عملية التصويت الغيابي، ويمنع مسؤولي الانتخابات المحلية من إنشاء مراكز إضافية لتسهيل التصويت المبكر، بحسب أسوشيتد برس.
وفي جورجيا، صوت مجلس النواب هناك على تشريع يطلب من الناخبين إظهار بطاقات هوية للتصويت بالبريد، ويسمح أيضا للمقاطعات بإلغاء التصويت الشخصي في وقت مبكر من أيام الأحد، وهو الوقت الذي يدلي فيه العديد من الناخبين السود بأصواتهم بعد أداء الصلوات في الكنائس.
النائبة نيكيما ويليامز، العضوة الجديدة في الكونغرس التي تمثل مقاطعة جورجيا، قالت إن مشروع القانون "سيضع حدا لقمع الناخبين الذي نراه موضع نقاش الآن".
الرئيس الأميركي، جو بايدن، قال في بيان إنه يتطلع إلى توقيع المشروع ليصبح قانونا، ووصفه بأنه "تشريع تاريخي نحتاجه بشدة لإصلاح وتعزيز ديمقراطيتنا".
ومع ذلك، فإن من شأن هذا التشريع، بالنسبة للجمهوريين، أن يسمح بتدخل الحكومة الفيدرالية في سلطات الولايات في إجراء انتخاباتها الخاصة، ما قد يفيد الديمقراطيين في النهاية من خلال زيادة الإقبال على التصويت، خاصة بين الأقليات.
زعيم الأقلية في مجلس النواب الجمهوري، كيفين مكارثي، قال إنه يرى أن "الديمقراطيين يريدون استخدام أغلبيتهم الضئيلة ليس لتمرير مشاريع قوانين لكسب ثقة الناخبين، ولكن لضمان عدم خسارة المزيد من المقاعد في الانتخابات المقبلة".
نائب الرئيس السابق، مايك بنس، كتب في مقال إنه "سيزيد من فرص تزوير الانتخابات، ويزيد من تآكل الثقة في انتخاباتنا ويضعف إلى الأبد أصوات الناخبين المؤهلين قانونا".
وجاء في تحليل بصحيفة واشنطن بوست أن بايدن والمشرعين الديمقراطيين سيواجهون العديد من التحديات هذا العام وهم يحاولون "إعادة توجيه السياسة بشكل كبير بعد أربع سنوات من رئاسة دونالد ترامب".
ويشير إلى أن الانقسام بين الحزبين في مجلس الشيوخ (50-50) "لن يمرر المشروع إذا لم يتحد الديمقراطيون بشأن محتواه وهذه ليست قضية صغيرة".