من ألمانيا لإثيوبيا.. مسؤولو إيران المطلوبون بقضايا إرهاب
الأحد 14 مارس 2021 الساعة 21:05
الأحرار نت

لم يواجه أعضاء في أي حكومة أخرى في العالم اتهامات ومحاكمات في الخارج، مثلما واجهه عناصر النظام الإيراني، وليس من غير المألوف أن تقوم الحكومات باعتقال أو مقاضاة رعايا دول أخرى بتهمة التجسس، لكن أن يتم إلقاء القبض وبشكل متكرر على عملاء النظام أو شركائهم بتهمة محاولة تنفيذ عمليات إرهابية أو التخطيط لتفجيرات واغتيالات، ظاهرة تخص النظام الإيراني وحده.

متهمون في جميع القارات

في السياق، نشر موقع "إيران واير" الناطق بالفارسية سلسلة مقالات تحت عنوان "الجريمة المقدسة" سلط الضوء فيها على مختلف الإجراءات والتصرفات للنظام الإيراني في الداخل والخارج للحفاظ على النظام الذي يصفه بـ"المقدس"، النظام الذي اعتبر المرشد المؤسس "روح الله خميني" الدفاع عنه واجب ديني مفضل بقوله "الحفاظ على النظام من أوجب الواجبات".

وذكر المقال أن هناك سوابق وسجلات ودعاوى ضد عملاء النظام الإيراني أو المتهمين بالتعاون معهم في جميع قارات العالم من دول الجوار كالمملكة العربية السعودية والكويت والبحرين وجمهورية أذربيجان إلى فرنسا وألمانيا وبلجيكا في أوروبا والأرجنتين في أميركا اللاتينية وتايلاند في آسيا وفي السنوات الأخيرة حتى في الدول الإفريقية ومؤخرا في إثيوبيا.

التهمة الأساسية الإرهاب

والاتهام الأساسي لمن حوكموا على صلة بالنظام الإيراني في دول الجوار، هو التعاون مع الحرس الثوري الإيراني بهدف تنفيذ عمليات إرهابية. فعلى سبيل المثال قام النظام الإيراني بمحاولة فاشلة نسبيًا في البحرين، حيث قامت السلطات البحرينية حتى الآن باعتقال ومعاقبة عشرات الأشخاص في البلاد لتعاونهم مع الحرس الثوري الإيراني.

  والوضع هو نفسه في الكويت والمملكة العربية السعودية، وقامت كل من الإمارات العربية المتحدة وقطر وعمان بطرد المشتبه بهم من بلادهم، وسبق أن دعا الراحل سلطان قابوس، في تسعينيات القرن الماضي في رسالة إلى الرئيس الإيراني السابق، علي أكبر هاشمي رفسنجاني، لاستدعاء سفيره إلى إيران بسبب محاولته اغتيال شخص أجنبي على الأراضي العمانية.

وكانت تركيا تطرد سابقا عملاء إيرانيين حكوميين من على أراضيها كانوا ضالعين في عمليات اختطاف أو اغتيال إلا أن هذه المنهج التركي شهد تغييرا ملحوظا مؤخرا حيث تعتقل تركيا عضوا في قنصلية إيران في اسطنبول للاشتباه في تورطه في مقتل معارض سياسي للنظام الإيراني.

فقد طردت قبل أعوام منوتشهر متكي، وزير الخارجية الإيراني الأسبق، (2005 - 2013)، عندما كان سفيراً في أنقرة، لدوره في خطف المعارضين الإيرانيين والتخطيط لاغتيالهم في تركيا. وفي الشهر الماضي أفادت الصحف التركية باعتقال "محمد رضا ناصر زاده"، موظف القنصلية الإيرانية في اسطنبول بتهمة تزوير وثائق سفر لـ"علي اسفنجاني" أحد المشتبه بهم في مقتل "مسعود مولوي" مدير قناة "جعبه سياه" (الصندوق الأسود) على تطبيق تلغرام، حيث كان يقوم بالكشف عن الفساد والفضائح في النظام الإيراني.

إذا قامت أنقرة بمحاكمة المسؤول القنصلي الإيراني الموقوف، فإنها بذلك ستغير سياستها في طرد "العناصر غير المرغوب فيها" للجمهورية الإسلامية الإيرانية، كما فعلت بلجيكا مؤخرا ولأول مرة في تاريخ النظام الإيراني منذ 42 عامًا، أدانت رسميًا، الدبلوماسي الإيراني البارز "أسد الله أسدي"، بتهمة التآمر والتواطؤ بهدف تفجير التجمع السنوي لجماعة معارضة في باريس وحكمت عليه بالسجن لمدة 20 عامًا.

وقبل ذلك، حاكمت فرنسا أتباع النظام الإيراني بتهمة القتل، بما في ذلك اغتيال آخر رئيس وزراء قبل الثورة "شابور بختيار"، في منزله في باريس وحاكمت ألمانيا إيرانيين بتهمة إطلاق النار على مجموعة من المعارضين الأكراد في مطعم في برلين، ومع ذلك لم يكن أي من هؤلاء الأفراد موظف رسمي للنظام في إيران، ومع ذلك، عندما عادوا إلى إيران، تم الترحيب بهم كمسؤولين حكوميين رفيعي المستوى ورحب بهم كبار المسؤولين في النظام.

سكرتير تشخيص مصلحة النظام في إيران محسن رضائي (أرشيفية- فرانس برس) طرح اسم المرشد كمتهم في محكمة ببرلين

وكان "علي وكيلي" المتهم بالتورط في اغتيال "شابور بختيار"، وكان "كاظم دارابي" من المتهمين باقتحام مطعم ميكونوس في برلين وإطلاق النار على قادة أكراد يجتمعون هناك، وتوجه كلاهما بعد إطلاق سراحهما إلى طهران وتم استقبالهما حكوميا في المطار بأكاليل من الزهور.

وأثناء محكمة المتهمين باغتيال القادة الأكراد وعلى رأسهم "شرفكندي" أمين عام الحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني المعارض المعروفة بـ"قضية ميكونوس"، أثير اسم المرشد علي خامنئي، كمتهم في المحكمة لأول مرة، واتهمته المحكمة كما اتهمت الرئيس الأسبق هاشمي رفسنجاني بتأييد علية الاغتيال، على خلفية تلك العملية غادر السفراء الأوروبيون طهران ولم يعودوا إلا في وقت مبكر من رئاسة الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي، ولأول مرة في العالم تم توجيه تهمة المشاركة في القتل ضد المرشد الإيراني علي خامنئي من قبل محكمة ألمانية.

اتهامات في الأرجنتين

بينما قوبلت قضية اغتيال معارضي النظام الإيراني برد فعل غير متوقع من قبل طهران، إلا أن عملاء النظام لم يتوقفوا في تنفيذ العمليات في الخارج، وبعد عامين من اغتيال قادة الأكراد في ألمانيا، تم في 18 یونیو 1994 تفجیر مقر يهود الأرجنتين في العاصمة، والذي قتل فيه 85 أرجنتينيا، وهو إلى حد بعيد أكبر محاولة اغتيال في تاريخ أميركا اللاتينية وأكبر عملية ضد اليهود منذ تأسيس إسرائيل.

مستشار خامنئي علي أكبر ولايتي (فرانس برس)

كانت الحكومة الأرجنتينية قد صرحت رسمياً في تحقيقاتها أن خطة تنفيذ التفجير وضعت في إيران ونفذها حزب الله اللبناني، وطلبت الحكومة الأرجنتينية من شرطة الإنتربول اعتقال الرئيس الإيراني حينها أكبر هاشمي رفسنجاني ووزير خارجيته "علي أكبر ولايتي".

وبعد قرابة ثلاثين عامًا على التفجير، عندما ذكرت وسائل إعلام إيرانية أنه من المحتمل أن يزور علي أكبر ولايتي جمهورية أذربيجان، ترددت شائعات حول إصدار مذكرة توقيف بحق وزير الخارجية الإيراني السابق والمستشار الحالي للمرشد الأعلى علي خامنئي، لكن ولايتي لم يسافر إلى أذربيجان أو على الأقل تلك الرحلة لم تتم بشكل علني.

وبعد مرور 9 سنوات على ذلك الانفجار وبطلب من الأرجنتين تم في بريطانيا اعتقال السفير الإيراني السابق في الأرجنتين "هادي سليمان بور"، ولم يكن سليمان بور مدرجا على قائمة الإنتربول للاعتقالات، لكن أثناء دراسته في بريطانيا، طالب قاض أرجنتيني يحقق في الانفجار باعتقاله وتسليمه إلى الأرجنتين، ولكن لم يتم تسليم سليمان بور في نهاية المطاف إلى الأرجنتين، لكن تلك لمحاولة ذكّرت النظام الإيراني بخطر اعتقال مسؤوليه في الخارج بتهمة الإرهاب.

قائمة بمسؤولين إيرانيين مطلوبون للعدالة

إضافة إلى وزير الخارجية الأسبق والمستشار الحالي للمرشد، علي أكبر ولايتي، فإن وزير المخابرات السابق، علي فلاحيان، والقائد الأسبق للحرس الثوري والسكرتير الحالي لمجلس تشخيص مصلحة النظام، اللواء محسن رضائي، السكرتير الثالث لسفارة إيران في الأرجنتين في وقت الانفجار، أحمد رضا أصغري، والمستشار الثقافي للسفارة الإيرانية في الأرجنتين حينها، رجل الدين "محسن رباني"، والقائد السابق لفيلق القدس ذراع التدخل الخارجي للحرس الثوري آنذاك ووزير الدفاع السابق الإيراني العميد "أحمد وحيدي"، مطلوبون من قبل الشرطة الدولية على خلفية تفجير الأرجنتين.

يذكر أن أي من هؤلاء لم يذهب في مهام أو رحلات خارجية منذ ثلاثة عقود خوفا من الاعتقال، وكانت تشمل قائمة المطلوبين الدوليين عماد مغنية، القائد البارز في حزب الله اللبناني الذي قُتل في نهاية المطاف في عملية إسرائيلية.

حسن روحاني عمليات من تايلند إلى أميركا مرورا بدول إفريقية

ولم تمنع فضيحة قضيتي ميكونوس وآميا في الأرجنتين محاولات إيرانية مماثلة في نقاط أخرى في العالم، لا وبل أن التخطيط لتكرار مثل هذه العمليات بنفس الشدة تكرر من تايلاند في شرق آسيا إلى الدول الإفريقية وحتى في داخل الولايات المتحدة.

وأقر منصور أرباب سير، وهو أميركي إيراني من أصل أميركي، أقر بعد اعتقاله في 29 سبتمبر 2011 بمحاولة اغتيال عادل الجبير عندما كان سفيرا للمملكة العربية السعودية في واشنطن، وحكم عليه بالسجن 25 عامًا.

أرباب سير هو مقرب وربما قريب العميد عبد الرضا شهلايي من قادة فيلق القدس ذراع التدخل الخارجي للحرس الثوري الإيراني والذي لعب دورًا محوريًا في دعم اليمن.

أما على الصعيد الإفريقي، فاعتقلت إثيوبيا مؤخرًا مجموعة بتهمة المحاولة لتفجير سفارة الإمارات العربية المتحدة في إثيوبيا، وقبل ثماني سنوات، اعتقلت كينيا اثنين من الإيرانيين وحكمت عليهما بالسجن 15 عامًا بتهمة محاولة تفجير السفارة الإسرائيلية حيث كانوا على الصلات بفيلق القدس، ومؤخرا فتحت قضية في الهند تتهم جماعة شيعية مقربة من الحرس الثوري بمحاولة تفجير السفارة الإسرائيلية في نيودلهي.

يبدو أن عمليات من نوع التفجير الأرجنتيني والعملية الدموية في ألمانيا هي آخر هذه العمليات الواسعة النطاق، لكنها أدت إلى فتح الباب لمحاكمة كبار مسؤولي النظام الإيراني في مختلف البلدان.

متعلقات