انطلق إلى الفضاء، اليوم الاثنين، أول قمر اصطناعي مصنع بالكامل في تونس ومخصص لشبكة "إنترنت الأشياء"، لتصبح بذلك أول بلد مغاربي يصنع قمرا اصطناعيا ما يفتح آفاقا أمام المهندسين الشباب الذين يرغب غالبيتهم في الهجرة الى الخارج.
وباتت تونس أول بلد من بلدان المغرب وسادس بلد إفريقي يصنع قمرا اصطناعيا بعد مصر وجنوب إفريقيا وغانا خصوصا، وفق موقع "سبايس إن أفريكا" المتخصص.
وقال المهندس، خليل شيحة، من المدرسة الوطنية للإلكترونيك والاتصالات في صفاقس (وسط)، لوكالة فرانس برس، إن المشاركة في هذا المشروع مصدر "فخر"، كما أن العمل في قطاع الملاحة الجوية أو الفضائية "حلم".
كما عبرت المهندسة هيفاء التريكي (28 عاما) عن "ابتهاج كبير بعد ثلاث سنوات من العمل المكثف"، وتابعت "من حسن الحظ أن هناك جوا جيدا لتجاوز الضغط والتمرس على التكنولوجيات الحديثة"، مضيفة "قمنا بتضحيات كثيرة وهذا مستحق".
وكان مقررا أن يقلع صاروخ "سويوز" الروسي الذي ينقل القمر الاصطناعي التونسي ضمن مجموعة تضم 38 قمرا اصطناعيا، السبت، في الذكرى الخامسة والستين لاستقلال تونس. لكنه انطلق أخيرا من قاعدة بايكونور في كازاخستان صباح الاثنين، في حدث تابعه من تونس العاصمة الرئيس التونسي قيس سعيّد.
"حلم يتحقق"
وقال سعيد "ثروتنا الحقيقية هي ثروة الشباب القادر على تحدي كل الصعاب"، مضيفا "لا ينقصنا إلا الإرادة الوطنية".
وعبر عن "افتخار بشباب تونس عبر العالم".
ويسعى الآلاف من الشباب المهندسين الى مغادرة البلاد بالآلاف سنويا بحثا عن فرص وآفاق جديدة لاثبات قدراتهم.
ويقول المسؤول عن المشروع في شركة "تلنات" أنيس يوسف "انه بالفعل حلم يتحقق".
ويهدف القمر الاصطناعي التجريبي إلى جمع بيانات من أجهزة استشعار بينها أدوات قياس حرارة أو لواقط للتلوث متصلة بالإنترنت أو شرائح لتحديد التموضع أو مستشعرات للرطوبة، لقراءتها في الوقت الحقيقي حتى في مناطق لا تغطيها الشبكة على الأرض.
ويجسد المشروع البالغة تكلفته حوالى 1,2 مليون دولار والذي انطلق في 2018، عمل فريق من المهندسين التونسيين الشباب، بمواكبة خبراء تونسيين في الخارج بينهم خبير شارك في مهمة "برسيفرنس" التابعة لوكالة الفضاء الأميركية (ناسا) إلى المريخ.
وتبلغ قدرة الإرسال الخاصة بقمر "تشالنج وان" الاصطناعي 250 كيلوبايت في الثانية على نطاق 550 كيلومترا، بحسب الشركة المصنعة.
وهو سيكون من أوائل الأقمار الاصطناعية التي تستعين في الفضاء بتقنية لنقل البيانات تُستخدم على الأرض تحمل اسم "لورا"، وهي تتيح توفير اتصال عبر الأقمار الاصطناعية بين قطع موجودة من دون الحاجة سوى لتغيير الهوائيات.
وسيحاول "تشالنج وان" تلبية الحاجة المتزايدة للوصل بين الأشياء عبر الأقمار الاصطناعية، إذ لا تغطي شبكة الإنترنت الأرضية أكثر من 20 في المئة من مساحة الأرض.
ويبيّن المهندس المتخصص في علوم الفضاء أحمد الفاضل لوكالة فرانس برس أن "هذه مشكلة كبيرة بالنسبة للزراعة".
وتسعى "تلنات" بالتعاون مع بلدان إفريقية أخرى، في السنوات الثلاث المقبلة إلى إطلاق سرب يضم أكثر من عشرين قمرا اصطناعيا لاستغلال هذه التكنولوجيا تجاريا.
"تحفيز الشباب"
وقال الرئيس التنفيذي لشركة "تلنات"، محمد فريخة، لوكالة فرانس برس، إن هذا المشروع يفتح الطريق أمام خدمة مبتكرة للمنطقة في مجال آخذ في التوسع.
وتؤكد المهندسة التريكي "فرص العمل متوفرة في تونس، لكن يجب توفير الرغبة لدى الشباب المهندسين في البقاء".
وتضيف "يجب تحفيز الشباب، وإنشاء شركات أخرى وتقديم مشاريع طموحة، ولكن أيضا توفير ظروف اجتماعية أفضل".
وتواجه البلاد تداعيات أزمة وباء كوفيد-19 التي أثرت على الاقتصاد بشكل قوي وأفرزت احتجاجات اجتماعية متواصلة.
وفي مؤشر إلى الطموحات القوية في المنطقة في قطاع الصناعات الفضائية، أطلقت الإمارات العربية المتحدة الشهر الماضي أول مسبار عربي إلى المريخ.
كما أنشئت وكالة فضاء إفريقية ومجموعة تنسيق عربية في قطاع الفضاء سنة 2019.