أوضحت صحيفة "وول ستريت جورنال" في تقرير خاص أن سلسلة الخسائر في المعارك الدائرة في أفغانستان والتي منيت بها القوات الحكومية تؤجج الدعوات إلى استقالة رئيس البلاد، أشرف غني، أو تغيير أساليب إدارته للأزمة.
ويأتي ذلك بالتزامن مع تحذير مسؤول حكومي كبير من أن العاصمة، كابل، قد تسقط بيد حركة طالبان في غضون أسابيع قليلة ما لم تتوحد جميع القوى السياسية المعارضة للتمرد وراء خطة حرب مشتركة.
في الأشهر التي تلت إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن في أبريل قراره بخروج جميع القوات الأميركية من أفغانستان، شنت طالبان هجومًا خاطقًا في جميع أنحاء البلاد، وذلك رغم التزامهم بالسعي إلى تسوية سلمية في اتفاق الدوحة المبرم في فبراير من العام المنصرم مع إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.
وقال أحمد والي مسعود، السفير الأفغاني السابق في لندن وشقيق أحد قادة القتال ضد الاحتلال الروسي السابق، أحمد شاه مسعود، الذي اغتالته القاعدة في العام 2001: "لا يوجد دافع للجيش للقتال من أجل الحكومة الفاسدة والسياسيين الفاسدين هنا".. فهم حتى لا يحصلون على الطعام الكافي، وقد يعتقدون أن حالهم سيكون أفضل مع طالبان، ولذلك يغير بعض القادة العسكريين مواقفهم".
وكان الرئيس الأفغاني، قد أطلق سلسلة من التصريحات متفائلة للغاية مع انهيار سيطرة الحكومة في معظم أنحاء البلاد في الأسابيع الأخيرة، ويوم السبت عقد مؤتمرا مطولا بشأن إصلاح مكتب المدعي العام، ثم عقد اجتماعا آخر حول تنفيذ إصلاحات الرقمنة في الإدارة العامة للبلاد.
ويوم الاثنين، عقد سلسلة من الاجتماعات مع قادة ميليشيات مناهضة لطالبان مؤكدا أنه سيجري دعمها وتجهيزها في إطار سلطة الدولة والحكومة.
نقطة تحول
وإذا كان انشقاق واستسلام القادة ذوي الرتب المنخفضة لطالبان ليس بالأمر ذي البال، بحسب مراقبين، فإن، انشقاق آصف عظيمي أحد أمراء الحرب البارزين في حزب الجمعية الإسلامية الطاجيكي في مقاطعة سامانجان يعتبر أهم نقطة تحول في هذا الصعيد حتى الآن، إذ ذلك قد يدفع قادة كبار من ميليشيات أخرى إلى عقد صفقات تسوية مع حركة طالبان.
وأوضح عظيمي، في اتصال هاتفي مع "وول ستريت جورنال" إن حزب الجمعية الإسلامية الطاجيكي كان قد تأسس بهدف تعزيز الحكم الإسلامي عندما قاتل النظام المدعوم من الاتحاد السوفيتي في الثمانينات، وأنه ابتعد عن ذلك المسار بعد أن انحاز إلى الولايات المتحدة في العام 2001.
وتابع: "نريد حكومة إسلامية لأن الحكومة الحالية هي دمية..، وأي شخص يقف ضدها، فإننا سوف ندعمه" على حد قوله، مشيرا إلى أن مئات الرجال التابعين له يؤيدونه في ذلك.
هرات.. نموذج عن المعاناة
وفي غرب أفغانستان، شددت حركة طالبان، يوم الاثنين، حصارها لمدينة هرات الرئيسية في المنطقة، والتي كانت تهاجمها من ثلاث جهات. مع بقاء عدد قليل من القوات النظامية في تلك المدينة، فيما يقود رجال الميليشيات الموالية لأمير الحرب إسماعيل خان القتال هناك.
وقال عبد الرزاق أحمدي أحد القادة الموالين لخان: "لا تزال المدينة في وضع حرب.. لقد حشدت طالبان كل قواتها من المحافظات المجاورة، بما في ذلك مقاتلين أجانب، للسيطرة على المدينة".
وقال أحد السكان، عتيق الله مؤتمن، إن المتمردين سيطروا على الأحياء الخارجية للمدينة، وأصبحوا بالقرب من مآذنها التاريخية التي تعود إلى القرن الخامس عشر.
خلال الأسابيع القليلة الماضية، جرى إفراغ المدينة عبر رحلات جوية إلى كابل أو عبر الطرق المؤدية إلى الحدود الإيرانية، فيما قطعت طالبان مرارًا الطريق بين المدينة والمطار.
وأضاف، مؤتمن، أن الضربات الجوية ضد طالبان أصبحت صعبة بسبب العواصف الترابية ولأن المسلحين الآن داخل المناطق السكنية بالمدينة، مردفا "الأشخاص الذين لديهم المال للمغادرة فعلوا ذلك بالفعل".
وكان ينبغي أن تكون قوات الأمن الأفغانية، التي يبلغ قوامها نحو 350 ألف جندي على الورق، أن تكون كافية لصد حركة طالبان، ومع ذلك، كان هناك حوالي 250 ألف جندي فقط في الخدمة عندما بدأ هجوم طالبان الحالي هذا الربيع، وقد استسلم العديد منهم بعد نفاد الذخيرة والطعام - وبعد أن ظلوا بدون وراتب لأشهر - حيث أثبتت الحكومة الأفغانية أنها غير قادرة على إرسال إمدادات إلى المناطق النائية.
ووفقا لخبراء عسكريين فإن الجيش الأفغاني قد انهار جزئيًا جراء اعتماده على المتعاقدين الأجانب والدعم الجوي والذي بنهايته لن تكون الحكومة قادرة على تطويره بإمكانياتها ومواردها المحدودة.
في حين أن القوات الجوية الأفغانية كانت سلاحًا قويًا ضد طالبان، فإن قلة من الأفغان قادرة على صيانة المقاتلات الحربية والمروحيات بعد رحيل المقاولين الغربيين الذين فعلوا ذلك رحلوا إلى حد كبير، وبالتالي فإن وحدات الكوماندوز الخاصة بالجيش الأفغاني أضحت تعاني لأنها كانت تعتمد في عملياتها القتالية على الدعم والغطاء الجويين.
* الحرة