أشعلت صورة جمعت السفيرين الروسي والبريطاني في طهران غضب كبار المسؤولين الإيرانيين إذ ذكرّت بصورة مماثلة يعود تاريخها إلى منتصف القرن الماضي.
ونشرت السفارة الروسية، الأربعاء، عبر تويتر صورة تظهر السفير الروسي ليفان جاغاريان ونظيره البريطاني سايمون شيركليف جالسين الى كرسيين، قالت إنها التقطت "على هذا الدرج التاريخي حيث عقد مؤتمر طهران عام 1943".
وأعادت الصورة التذكير بأخرى شهيرة جمعت في المكان نفسه خلال الحرب العالمية قادة الحلفاء حينها: الزعيم السوفياتي جوزيف ستالين والرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت ورئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرسل.
والتقطت صورة الزعماء الثلاثة خلال "مؤتمر طهران" الذي عقد في العاصمة الإيرانية بعد نحو عامين من الاحتلال السوفياتي-البريطاني للبلاد.
وجاء أول رد فعل غاضب بشأن الصورة من وزير الخارجية الإيراني المنتهية ولايته، جواد ظريف، الذي وصفها بـ "غير اللائقة".
وكتب ظريف على تويتر " رأيت صورة غير لائقة للغاية اليوم"، وأضاف "هل أحتاج أن أذكر الجميع بأن أغسطس 2021 ليس أغسطس 1941 ولا ديسمبر 1943".
وربط ظريف بين الصورة والمفاوضات المتوقفة مع القوى العالمية بشأن برنامج إيران النووي.
وتضيف تغريدة ظريف "لقد أظهر الشعب الإيراني – بما في ذلك خلال محادثات خطة العمل الشاملة المشتركة – أن مصيره لا يمكن أبدا أن يخضع لقرارات في السفارات الأجنبية أو من قبل القوى الأجنبية".
ووصف رئيس البرلمان الإيراني، محمد باقر قاليباف، الصورة بأنها "عمل بعيد عن الآداب الدبلوماسية وغير مناسب لسفيري روسيا وبريطانيا".
ودعا قاليباف وزارة خارجية بلاده إلى متابعة خطوة السفير الروسي، داعيا إلى تقديم السفيرين اعتذار رسمي وإلا سيكون من الضروري اتخاذ رد دبلوماسي حازم.
من جهته، اعتبر حسين أمير عبداللهيان، المرشح لخلافة ظريف في حكومة الرئيس المحافظ المتشدد إبراهيم رئيسي، أن ما قام به السفيران "أهان الرأي العام في الجمهورية الإسلامية".
وأضاف عبر تويتر، أن الصورة تظهر "نقصا في مراعاة القواعد الدبلوماسية والافتخار الوطني للشعب الإيراني".
وأفادت الخارجية الإيرانية الخميس في بيانين منفصلين، أنها "دعت" كل من جاغاريان وشيركليف إلى مقرها لتقديم إيضاحات بشأن الصورة.
ونقلت عن السفير الروسي "أسفه لأن نشر هذه الصورة تسبب في سوء فهم وأثار استياء الشعب الإيراني الصديق".
وشدد السفير، وفق البيان، على أن هدف الصورة كان التذكير "بالاتحاد بين روسيا وبريطانيا ضد الجيش النازي خلال الحرب العالمية الثانية ولا يوجد أي دافع معادٍ لإيران من وراء ذلك".
كما نقلت عن السفير البريطاني "أسفه لسوء التفاهم"، وتأكيده احترام إيران "وشعبها العظيم وتاريخ البلاد".
قصة الصورة
الصورة التي أشعلت الغضب الإيراني تجمع السفيران، الروسي والبريطاني، في طهران على نفس السلالم التاريخية في المكان نفسه الذي عقد فيه جوزيف ستالين وفرانكلين د. روزفلت وونستون تشرشل مؤتمر طهران عام 1943.
وعقد المؤتمر في خضم الحرب العالمية الثانية في السفارة الروسية الحالية بعد عامين من احتلال القوات السوفيتية والبريطانية للأراضي الإيرانية.
وكانت إيران محايدة رسميًا، لكنها كانت موالية لألمانيا في ذلك الوقت.
ويعتبر الإيرانيون عقد المؤتمر بناء على اقتراح ستالين على الأراضي الإيرانية انتهاك للسيادة الإيرانية، بحسب وسائل إعلام إيرانية.
وأتى الاجتياح السوفياتي-البريطاني في 1941 لأراضي إيران التي كانت أعلنت حيادها في الحرب، سعيا للسيطرة على آبار النفط واستخدام سكك الحديد لمصلحة القوات السوفياتية المشاركة في مواجهة الجيش النازي في أوروبا.
وسارعت السفارة الروسية في طهران إلى الرد على منتقدي الصورة، وكتبت أن الصورة ليس لها أي سياق مناهض لطهران، وأن نشرها ليس للإساءة للشعب الإيراني.
وأضافت أن المعنى الوحيد للصورة هو الإشادة بالجهود المشتركة للدول المتحالفة ضد النازية خلال الحرب العالمية الثانية.
يذكر أن طهران والقوى الكبرى أجريا ست جولات مباحثات في فيينا بشأن الاتفاق النووي أبريل ويونيو، دون تحديد موعد لجولة جديدة. وأكد مسؤولون إيرانيون أن استئنافها يرتبط بتولي الحكومة الجديدة مهامها، بينما أشار مسؤول أوروبي إلى احتمال أن يتم ذلك في أوائل سبتمبر المقبل.
ويأتي حادث صورة "الدرج التاريخي" بالتزامن مع تقارير عن تنامي حالة عدم التوافق بين الإيرانيين والروس في سوريا، وخصوصا مع تصعيد النظام السوري عملياتها في جنوب البلاد.
* نقلارعن الحرة