بعد أيام من انسحاب آخر القوات الأميركية من البلاد، انتهت طالبان من اتخاذ قرارات بشأن من سيدير البلاد، حيث أنها تضع اللمسات الأخيرة في تشكيلة الحكومة الجديدة، التي من المتوقع ألا تضم أي من مسؤولي النظام السابق، بحسب صحيفة "واشنطن بوست".
وقال نائب المتحدث باسم الحركة، بلال كريمي، إن "القرارات اتخذت، والإعلان عنها وشيك".
ومن المتوقع أن يتم تعيين رئيس المكتب السياسي للحركة، الملا عبد الغني برادر رئيسا للحكومة، والزعيم الأعلى لطالبان هيبة الله أخوند زاده، الزعيم الأعلى لأفغانستان.
عبد الغني بردار
بحسب رويترز، فإن بردار كان في وقت من الأوقات صديقا مقربا للمؤسس الأول للحركة الملا محمد عمر الذي اختار له بنفسه كنية "بردار" التي تعني "الأخ".
وشغل منصب نائب وزير الدفاع خلال حكم طالبان السابق لأفغانستان.
وورد في مذكرة للأمم المتحدة أنه بعد الإطاحة بحكومة الحركة عمل قائدا عسكريا كبيرا مسؤولا عن الهجمات على قوات التحالف.
أُلقي القبض عليه وأودع السجن في باكستان عام 2010. وبعد الإفراج عنه في 2018 رأس المكتب السياسي لطالبان في الدوحة وصار أحد أبرز الشخصيات في محادثات السلام مع الولايات المتحدة.
هيبة الله أخوند زاده
وفيما يتعلق بأخوند زاده فقد نقلت رويترز عن مصدر في طالبان أن الزعيم الأعلى للحركة سيكون مرشدا للحكومة الجديدة، وإن دوره سيتركز على الشؤون الدينية وحكم البلاد في إطار الشريعة الإسلامية.
وتولى أخوند زاده، وهو أستاذ في القانون بعيد عن الظهور العام، قيادة الحركة بعد مقتل سلفه الملا أختر منصور في ضربة بطائرة أميركية مسيرة في 2016.
وتقول الأمم المتحدة إنه كان رئيسا للنظام القضائي المتشدد الذي فرضته طالبان عندما حكمت أفغانستان بين 1996 و2001.
وبعد تعيينه زعيما لطالبان تحرك أخوند زاده بحذر لتوحيد الحركة، وأجرى عمليات تغيير وتبديل لمسؤوليها الكبار في محاولة لتعزيز سلطته وإنهاء الانقسامات الداخلية ووقف انشقاق الأعضاء عن الحركة وانضمامهم إلى الجماعات المنافسة مثل تنظيم ما يعرف بالدولة الإسلامية (داعش).
وقد نفذ أحد أبنائه هجوما انتحاريا على قاعدة للجيش الأفغاني ولاقى حتفه في هلمند في 2017.
ولم يدل أخوند زاده بأي تصريح علني منذ سقوط كابل في أيدي الحركة وراجت شائعات عن أنه توفي منذ فترة.
ومن المتوقع أيضا أن يتولى قادة آخرون في طالبان، مثل رئيس شبكة حقاني، سراج الدين حقاني، والملا محمد يعقوب نجل الملا محمد عمر مؤسس الحركة، مناصب مؤثرة في السلطة.
مشاورات دولية
وحول التعيينات واختيار الأشخاص في السلطة، قال كريمي: "لقد اتخذنا قراراتنا بأنفسنا".
وتنقل واشنطن بوست عن كريمي قوله إنه تم إجراء "مشاورات مع المجتمع الدولي"، معربا عن أمله في أن يتعاون مع طالبان، بينما لم توضح الصحيفة طبيعة هذه المشاورات.
وبعد حوالى ثلاثة أسابيع من فرض طالبان سيطرتها على البلاد، لم يعترف المجتمع الدولي بحركة طالبان كممثل شرعي للبلاد، حيث أشارت معظم الدول إلى أن الاعتراف لن يأتي إلا بعد التوصل إلى تسوية سياسية مع أولئك الذين أطاحت بهم الحركة.
وبدون الاعتراف الدولي، من المحتمل أن يستمر الاقتصاد الأفغاني في التعثر، مما قد يؤدي إلى إغراق ملايين آخرين تحت خط الفقر، وفقا لواشنطن بوست.
كما تواجه الحركة تحديات داخلية، بما في ذلك المقاومة في شمال البلاد والمظاهرات العامة ضد العودة إلى التفسير المتطرف للشريعة الإسلامية.
وما هو أقل وضوحا هو الدور الذي ستلعبه المرأة في الحياة العامة. وفي الأيام التي أعقبت استيلاء طالبان على كابل في 15 أغسطس، ظل العديد من النساء في المنزل وسط مخاوف من أن تستأنف الجماعة المعاملة الوحشية للنساء التي كانت تتبعها في حكمها القديم.
بدورها، وعدت طالبان بمجتمع أكثر شمولا وتعهدت بأن تكون أكثر تسامحا تجاه النساء، على الرغم من أنه لا يزال العديد من الأفغان متشككين في هذه الادعاءات.
وقالت نورية نزهات، المسؤولة السابقة في الحكومة الأفغانية، لموقع "تولو نيوز": "لا توجد وجهة نظر موحدة بين طالبان بشأن دور المرأة في المجتمع والسياسة، وهذا مقلق".
والجمعة الماضية، نظمت مجموعة من الناشطات في كابل احتجاجا صغيرا، للمطالبة باحترام حقوقهن. وكُتب على إحدى اللافتات "التعليم ، العمل ، الحرية". فيما طالب احتجاج آخر بأن تضم الحكومة الجديدة النساء.
وتقول واشنطن بوست إن النظام الجديد يأمل في إعادة فتح مطار كابل، والذي سيكون شريانا مهما لإيصال المساعدات، وكذلك تحرص الدول الغربية على أن يستأنف المطار عملياته حتى يتمكن الأفغان المستضعفون من الفرار.
وفي هذا الإطار عرضت دول عدة دعما تقنيا وأمنيا للمساعدة في إعادة فتح المطار، حيث توجه فريق من الفنيين القطريين والأتراك إلى كابل الأربعاء الماضي، للمساعدة في ذلك، حسبما ذكرت وكالة "أسوشيتد برس".
فيما أشار أمين عام حلف الأطلسي (الناتو)، الجمعة، إلى أن إشراف تركيا وقطر على مطار كابل الدولي لا يزال محل نقاش.