ويواجه الاقليم الكردي أزمة مالية حتى قبل الدخول في خلافات مع بغداد وقبل الاجراءات العقابية التي اتخذتها الحكومة العراقية ردا على استفتاء الانفصال.
وتعني ادارة بغداد عمليا لصادرات النفط قطع شريان حياة مالي حيوي بالنسبة لأربيل.
وقال علاء الياسري المدير العام بالوكالة لسومو للصحفيين في بغداد إن العراق يجرى محادثات مع تركيا للسماح لسومو ببيع النفط الكردي الذي يصل عبر خط أنابيب إلى ميناء جيهان التركي على البحر المتوسط.
وكان من المعتاد أن يصل نحو 530 ألف برميل يوميا إلى جيهان عبر خط الأنابيب حتى منتصف أكتوبر/تشرين الأول.
وكان نحو نصف تلك الكمية يأتي من حقول النفط التي تسيطر عليها حكومة إقليم كردستان والبقية من كركوك وهي محافظة متنازع عليها بين الإقليم الكردي والسلطات العراقية في بغداد.
وانخفض الإنتاج من كركوك في منتصف أكتوبر/تشرين الأول حين استعادت القوات العراقية السيطرة على موانئ النفط الواقعة في المنطقة الشمالية من البلاد من قوات البشمركة الكردية التي استولت على تلك المناطق مستغلة الهجوم الكاسح الذي شنه تنظيم الدولة الاسلامية في العام 2014 واستيلائه على مناطق واسعة من العراق.
وتمركزت قوات البشمركة في كركوك في 2014، حين انسحب الجيش العراقي في مواجهة تقدم مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية. ومنع التحرك الكردي مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية من السيطرة على حقول النفط.
لكن في الوقت ذاته وردت تقارير متطابقة أشارت إلى قيام قوات البشمركة بعمليات تهجير قسري واستيلاء على أملاك تعود للعرب ولأقليات أخرى، في تحرك فسّر وقتها على أنه محاولة لتغيير التركيبة الديمغرافية لتلك المناطق.
كما اعتبر محللون أن استيلاء الأكراد على عدد من المناطق في كركوك ومحيطها محاولة لرسم الحدود المستقبلية للإقليم الكردي.
ولم يبد الأكراد علنا نوايا انفصالية، لكن تحركات البشمركة على الأرض وما رافقها من عمليات تهجير قسري أظهر مدى الرغبة في التوسع بمنطق الأرض لمن يسيطر عليها.
وقال فريد الجادر المدير العام لشركة نفط الشمال التي تدير حقول كركوك إن خط الأنابيب نقل 419 ألف برميل يوميا في المتوسط في أكتوبر/تشرين الأول انخفاضا من 600 ألف برميل يوميا في سبتمبر/أيلول.
وقال الياسري إن شركة نفط الشمال يجب أن تستأنف الصادرات من كركوك عبر خط الأنابيب الكردي هذا الشهر بعد اتفاق الجانبين على شروط الاستخدام، مضيفا أن كركوك ستصدر نحو 15 ألف برميل يوميا على متن الشاحنات إلى مصفاة كرمنشاه في إيران.
ويتوقع الياسري أن يستأنف خط أنابيب قديم يتجاوز معظم إقليم كردستان العمل خلال ثلاثة أشهر.
وتعرض الخط لدمار شديد على يد تنظيم الدولة الإسلامية بعد أن سيطر على محافظة نينوى وعاصمتها الموصل في 2014.
وطردت القوات العراقية المدعومة من الولايات المتحدة مسلحي التنظيم من الموصل في يوليو/تموز بعد حملة استمرت تسعة أشهر تلقت دعما من مقاتلي قوات البشمركة الكردية ومن تحالف دولي تقوده الولايات المتحدة اضافة الى قوات الحشد الشعبي التي تضم في معظمها فصائل شيعية موالية لإيران.
وقال الياسري إن العراق، ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) بعد السعودية، يؤيد أي قرار من المنظمة في المستقبل لدعم أسعار النفط.
ومن المتوقع أن تمدد أوبك قيودا على إنتاج النفط عندما تجتمع في فيينا نهاية هذا الشهر.
ويأتي الاعلان عن رغبة بغداد القوية في إدارة صادرات نفط إقليم كردستان عقب تحرك مباغت للقوات الاتحادية العراقية في الفترة الماضية أفضى لاستعادة الحكومة المركزية السيطرة على العديد من المناطق التي استولت عليها قوات البشمركة في 2014 بما فيها كركوك والحقول النفطية وعددا من المعابر.
وجاء التحرك العسكري العراقي كرد سريع على اجراء كردستان العراق استفتاء على الانفصال في 25 سبتمبر/ايلول.
وكانت الحكومة الاتحادية قد اتخذت قبل ذلك اجراءات عقابية بحق الاقليم الكردي شملت تعليق الرحلات الجوية من وإلى مطاري اربيل والسليمانية وغلق المعابر الحدودية البرية ودعوة جميع دول العالم إلى التعامل معها حصرا في جميع المعاملات بما فيها صادرات النفط.
وأوقفت بغداد أيضا التعاملات المالية والمصرفية مع أربيل ضمن اجراءات عقابية أوسع دعمتها العديد من الدول وعلى رأسها إيران وتركيا.
وأفضت الاجراءات إلى عزل شبه تام للإقليم الكردي الذي اضطر تحت وطأة الضغوط إلى التفاوض مع بغداد حول العديد من القضايا الخلافية العالقة.
وانتهت آخر جولة من المفاوضات باتفاق على ادارة القوات العراقية الاتحادية للمعابر، لكن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي اتهم الأربعاء اربيل بنقض تعهداتها وبعرقلة تنفيذ الاتفاق بينما تحدثت القوات العراقية عن تحركات عسكرية مشبوهة لقوات البشمركة.