تسببت جائحة كوفيد -19 في انتكاسة شديدة في المعركة ضد الآفات العالمية الأخرى مثل فيروس نقص المناعة البشرية، والسل، والملاريا ، وفقًا لتقرير جديد.
وقبل الوباء، كان العالم يخطو خطوات واسعة ضد هذه الأمراض، حيث انخفضت الوفيات الناجمة عن هذه الأمراض بشكل عام، بنحو النصف منذ عام 2004.
وأغرق الوباء المستشفيات وعطل سلاسل التوريد للاختبارات والعلاجات في عديد من البلدان الفقيرة، بينما سعى عدد أقل من الناس إلى التشخيص أو العلاج من الأمراض الأخرى، لأنهم كانوا يخشون الإصابة بفيروس كورونا في العيادات.
وحُرم بعض المرضى من الرعاية لأن أعراضهم مثل السعال أو الحمى، تشبه أعراض كوفيد- 19.
وصدر التقرير عن "الصندوق العالمي"، وهي مجموعة تمول الحملات ضد فيروس نقص المناعة البشرية والملاريا والسل.
انتكاسة
وقبل وصول الفيروس التاجي كوفيد 19، كان السل هو أكبر قاتل للأمراض المعدية في جميع أنحاء العالم، حيث أودى بحياة أكثر من مليون شخص في كل عام، بينما أدى الوباء إلى تفاقم الضرر، يقول تقرير الصندوق.
وهي المرّة الأولى التي يبلّغ فيها الصندوق منذ تأسيسه سنة 2002 عن انتكاسة.
وقد أعرب التقرير خصوصا عن قلقه من التراجع الملحوظ في خدمات تشخيص فيروس نقص المناعة البشرية (أتش.آي.في) المسبّب لمرض الإيدز، والوقاية منه في أوساط الفئات الرئيسية الهشة، فضلا عن انخفاض شديد في عدد الأشخاص الذين يخضعون لفحوص وعلاجات للسلّ، ما يؤثّر خصوصا على برامج مكافحة السلّ المقاوم للأدوية.
وقال المدير التنفيذي للصندوق العالمي في التقرير، بيتر ساندز "أتت أرقام 2020 لتؤكّد ما كنّا نخشاه وقت ظهور جائحة كوفيد-19"، وكشف أن أثر كوفيد-19 كان مدمّرا، وقال: "للمرّة الأولى في تاريخنا تدلّ مؤشّراتنا على تراجع".
وأثّر كوفيد-19 بشكل خطر على النفاذ إلى الأنظمة الصحية وفحوص التشخيص والعلاجات في بلدان كثيرة.
وكان للوباء خصوصا تداعيات "كارثية" في مجال مكافحة السلّ.
وفي العام 2020، تراجع عدد الأشخاص الذين عولجوا من سلّ مقاوم للأدوية بنسبة 19 %. وفي البلدان التي يستثمر فيها الصندوق العالمي، لم يتلقّ العلاج سوى حوالى 4,7 ملايين شخص، أي أقلّ بمليون من عدد هؤلاء عام 2019.
وتعرّضت جهود مكافحة فيروس الإيدز بدورها لانتكاسة بسبب الجائحة.
وقد واصل عدد الأشخاص الإيجابيي المصل المنتفعين من علاجات بمضادات الفيروسات القهقرية ارتفاعه، وذلك بنسبة 9 في المائة سنة 2020، غير أن التقرير كشف عن تراجع "مثير للقلق" في خدمات الوقاية والتشخيص الموجّهة إلى الفئات الرئيسية الهشّة.
وتدنّى عدد الأشخاص المشمولين ببرامج الوقاية من الايدز بنسبة 11 في المائة سنة 2020 و12 في المائة في أوساط الفئات الأصغر سنّا. أما العلاجات الموفّرة للأمهات لمنع انتقال العدوى إلى الأطفال، فقد انخفضت بنسبة 4,5 في المائة.
أنباء سارة
وتضاءلت فحوص الكشف عن الأيدز بنسبة 22 في المئة، على الصعيد العالمي، ما أدّى إلى تأخير توفير العلاجات في أغلبية البلدان.
وفي الدول التي يستثمر فيها الصندوق العالمي، كان 21,9 مليون شخص يخضع لعلاجات بمضادات الفيروسات القهقرية ضدّ فيروس "أتش.آي.في" سنة 2020، في ارتفاع نسبته 8,8 في المائة بالمقارنة مع 2019.
ويبدو أن برامج مكافحة الملاريا هي الأقلّ تأثّرا حتّى الآن بوباء كوفيد-19، وفق التقرير.
وفي بعض البلدان، توقّف المتطوّعون المشاركون في جهود التصدّي للمرض عن التعاون مع المراكز الكبيرة بسبب الجائحة، مركّزين جهودهم على عمليات التوزيع الجوّالة من بيت لبيت.
غير أن عدد الأشخاص الذين خضعوا لفحوص تشخيص هذا المرض تراجع بنسبة 4,3 في المائة سنة 2020. وشهدت الجهود المبذولة للقضاء على السلّ ركودا، بحسب الصندوق.
وقد سلّط وباء كوفيد-19 الضوء على "الأهمية البالغة" لأنظمة الرعاية الصحية في العالم، وفق الصندوق العالمي.
لكن الوباء جلب معه أنباء سارة، فهو أدّى إلى عدد من الابتكارات عادت بالنفع على مبادرات مكافحة الايدز والسلّ والملاريا.
ففي نيجيريا مثلا، راحت الوكالة الوطنية للأيدز تجري فحوصات تشخيص فيروس "أتش.آي.في" لأشخاص قصدوا المراكز الطبية للخضوع لفحوص كوفيد، ما أدّى إلى تعزيز الكشف عن الأشخاص المصابين بالفيروس، بحسب الصندوق العالمي.
وفي العام 2020، سمحت الاستجابة السريعة للصندوق بتفادي الأسوأ. وأنفقت هذه المؤسسة العام الماضي 4,2 مليارات دولار لمواصلة التصدّي للأيدز والسلّ والملاريا.
ويقوم الصندوق العالمي على شراكة فريدة من نوعها بين الدول ومؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص والمرضى. وتخصّص نصف موارده لمكافحة الأيدز والنصف الآخر للملاريا والسلّ. وهو ساعد في إنقاذ 44 مليون شخص منذ إنشائه في 2002
في عام 2020، تم اختبار ومعالجة السل أقل بنحو مليون شخص، مقارنة بعام 2019 - بانخفاض حوالي 18 في المائة ، وفقًا للتقرير الجديد.