استطاعت الباحثة السعودية المتخصصة في الآثار والكتابات الإسلامية "مشاعل عسيري" أن ترصد من خلال بحثها عن الكتابات الإسلامية في بادية بني عمرو في محافظة النماص بمنطقة عسير، ما تركه الإنسان من آثار صخرية، عكست صورة عن ممارساته الدينية التي سجلها وتفنن في توثيقها.
وفي حديثها "للعربية.نت"، أكدت عسيري أنها تعتبر الكتابات الإسلامية المبكرة أحد أهم الآثار المادية الباقية في المملكة العربية السعودية، موضحة أنها تعتبر بلا شك مصدرا رئيسيا وأصيلا للمعلومات والحقائق تاريخية التي يصعب التشكيك في أصالتها.
آثار من مختلف الحقب التاريخية
كما أضافت أن بادية بني عمرو من أهم المواقع الأثرية في جنوب غربي المملكة، كاشفة عن وجود العديد من الآثار العائدة إلى مختلف الحقب التاريخية، وبناء على ما اكتشف في أنحائها من آثار قديمة.
وتابعت أنه من خلال المسح الميداني للمنطقة تمكنت من تسجيل وتوثيق عدد من الكتابات الإسلامية المبكرة في مواقعها كموقعي البوارة وموقع جبل عيمة، إضافة إلى مجموعة الكتابات الإسلامية المحفوظة في متحف النماص للآثار والتراث الوطني، والتي نفذت إما من قبل السكان المحليين، أو من قبل الحجاج والمسافرين العابرين الذين كانوا يعبرون أراضي المنطقة خلال القرون الإسلامية المبكرة، والتي أفضت دراستها إلى رصد كتابات تعد نماذج أصيلة لمحاولة تتبع الخط العربي ضمن سلسلة تطوره العام في الجزيرة العربية بشكل عام وفي جنوبها بشكل خاص.
لا تحصيل علميا
وعن الدراسات العلمية ذكرت أن بادية بني عمرو لم تحظَ بالكثير من الدراسات العلمية التي تعنى بكتاباتها الإسلامية الصخرية، وهذا ما دعاها إلى التوجه إلى دراسة بعض كتابات المنطقة، وتوثيقها، وقراءة نصوصها، وتحليل مضامينها، ومقارنتها مع ما يماثلها من كتابات مؤرخة وغير مؤرخة، في مواقع داخل المملكة العربية السعودية أو خارجها، ومن ثم تحديد الفترات الزمنية التي تنتمي إليها.
كما أشارت إلى أن معظم نصوص الكتابات جاءت غير مؤرخة، وغير منقوطة الحروف، وأن النصوص المؤرخة جاءت مؤرخة بالشهر والسنة، مما يعدها مصدراً أصيلاً يقاس به لتكون مرجعاً لدراسة الكتابات العربية الإسلامية، وهي عبارة عن نقشين مؤرخين في القرن الثاني الهجري، ونقش ثالث أرخ بالقرن الرابع الهجري.
وأوضحت أيضاً أن دراسة وتحليل مضامين الكتابات ساهمت في الكشف عن العديد من أسماء الأعلام، والأنساب والكنى، وتحديد الصيغ والأدعية الدينية، والظواهر الإملائية، والخصائص الكتابية والزخرفية لمجموعة الدراسة.
يذكر أن كتابات بادية بني عمرو تغطي فترة تاريخية مهمة تمثل قروناً مختلفة من العصور الإسلامية، بدءا من القرن الثاني الهجري وانتهاء بالقرن الرابع الهجري، وهي بهذا تعد ثروة علمية لا يستهان بها، وفق الباحثة التي حددت أيضاً بدراسة نوع الخط المستخدم في تنفيذ مجموعة الكتابات، وهو الخط الكوفي البسيط، والذي نُفذ بطريقة الحز الغائر.