وتبرز هذه الصيحة خصوصا في مدينة شنغهاي الأكثر تنوعا من حيث الجنسيات التي أطلق عليها مؤخرا لقب "عاصمة الأوشام الصينية".
ولم تكن فنون الدق على الجسم أمرا مستحسنا في المجتمع الصيني المحافظ، غير أن المراكز المخصصة لهذا الفن باتت تنتشر بسرعة كبيرة في المدينة التي تقطنها 24 مليون شخص.
وقد شهدت جو دانتينغ التي تعد من أفضل رسامي الأوشام في الصين على ازدهار هذا القطاع.
وتدير هذه الشابة البالغة من العمر 35 عاما والتي تغطي الأوشام 70% من جسمها صالون "شنغهاي تاتو" للأوشام في شنغهاي منذ 11 عاما.
وهي تؤكد أن الإقبال المتزايد على دق الأوشام مرده بشكل رئيسي إلى الرغبة في التشبه بالمشاهير ونجوم الرياضة.
وتروي الشابة التي صبغت شعرها باللون الأخضر وزينت وجهها بالأقراط كيف تظهر معالم الاستغراب على وجوه المارة في الشارع "ينظرون إليك بداية بتعجب شديد لكن المزيد من الأشخاص باتوا يدقون الأوشام على جسمهم. وهذه الصيحة تزداد رواجا. ويراهم الناس أينما كان لذا لم يعد الأمر مستغربا لهذه الدرجة".
وجو التي رسمت أول وشم على جسمها في السادسة عشرة من العمر ودقت الأوشام لوالديها، متحدرة من مدينة هاربين في أقصى شمال البلاد حيث تتنامى هذه الصيحة أيضا.
علامة فارقة
وتؤكد الشابة "تغير الوضع كثيرا. ولم يكن الكثير من الأشخاص يختارون الأوشام في السابق ظنا منهم أن هؤلاء الذين زينوا أجسامهم بها هم مجرمون أو أشخاص سيئون"، لافتة "أما الآن، فقد باتت علامة فارقة".
وفي عهد الإمبراطورية، كانت الأوشام تدق على أجسام المتهمين لتذكيرهم مدى الحياة بمعاصيهم وهي استخدمت لاحقا في أوساط العصابات الإجرامية لتثبيت الانتماء إليها.
غير أن نظرة المجتمع إلى النساء اللواتي وضعن الأوشام على أجسامهن تبدلت في خلال السنوات الثلاث الأخيرة، بحسب جو التي توضح "كانت النساء حريصات على وضع وشم صغير في الماضي. لكن بات من الواضح اليوم ان الأوشام تزداد كبرا وتنتشر في كل أنحاء الجسم من الكتف إلى الظهر مرورا بمنطقة الصدر".
جميلة وفنية
تتحضر مصممة المواقع الالكترونية وانغ شي لدق وشم جديد على قدمها اليمنى المليئة أصلا بالأوشام.
وتنتشر رسوم كثيرة على جسم هذه الشابة البالغة من العمر 29 عاما، بما في ذلك ساعة رملية لتذكيرها بقيمة الوقت، ومراكب شراعية ومنارة مستوحاة من حبها للبحر، إضافة الى أوشام لرأس أفعى وعين تمساح.
وآخر أوشامها كان اسم جدتها بالأحرف الصينية على الجهة الداخلية من الفخذ.
وتقول وانغ "قبل عشر سنوات، كان 10% فقط من الناس ليوافقوا على قيام امرأة بهذا الأمر. لكن اليوم، باتت هذه النسبة تراوح بين 60% و70"، مشيرة إلى أن جودة هذه الأوشام قد تتفاوت بدرجة كبيرة.
وقد ولّد هذا الاتجاه أمثلة متطرفة، من بينها زوجان في شمال شرق الصين غطيا جسميهما بأعمال فنية وطنية، بما في ذلك العلم الصيني على وجه الرجل.
ومن الصعب الحصول على أرقام موثوقة، لكن تقديرات هو ديليانغ الرئيس السابق للجمعية الصينية لفناني الوشم تشير إلى وجود حوالى 200 الف من أمثال هؤلاء الفنانين في البلاد.
ولفت فنان الوشم المقيم في شنغهاي إلى أن النساء بتن يمثلن 60% على الأقل من زبائنه.
وقال هو "في العام 2002، كانت نسبة النساء بين زبائني لا تتعدى 20% وكن بمعظمهن يعملن كبائعات هوى في النوادي الليلية او في هذا النوع من الأنشطة".
وفي ظل الازدهار الاقتصادي المطرد للصين، بات في استطاعة مزيد من النسوة دفع ثمن دق وشم، وهو ما قد يكلف الآلاف من اليوان (مئات الدولارات)، بعدما كان ليُنظر إلى هذا الأمر كنوع من التبذير غير المبرر.
وتضع بينغ لين من بين الأوشام الثلاثة على جسمها العبارة الايطالية "لا فيتا إيه بيلا" (الحياة جميلة)، وهي واحدة من قلة من صديقاتها اللواتي يضعن وشما رغم أن كثيرات منهن يفكرن في ذلك.
وقالت بينغ البالغة من العمر 31 عاما والتي تعمل في مجال الاعلانات في شنغهاي "كان يظن الناس في السابق أن النساء اللواتي يضعن الوشم يعمدن إلى ذلك كنوع من تحدي السلوك السائد، لكنهم باتوا يدركون أن الأوشام يمكن أن تكون جميلة وفنية".
إخفاء الأوشام عن الأزواج
ولا تزال الأوشام غير مستحبة للأشخاص الذين يشغلون مناصب حكومية وفي الكثير من الشركات، بينما تشكو بعض النساء من أن أزواجهن أو شركائهن يعترضون على دقهن للوشم.
وقالت جو التي دقت وشمين على جانبي فروة الرأس "حتى الآن لا يزال الناس يطلقون الأحكام، هم يرون أنه من غير الجائز دق أوشام كبيرة خصوصا لدى النساء".
وأضافت "مع ذلك، يعتقد الناس أن دق الأوشام مقبول أكثر عند الرجال منه لدى النساء، والبعض يرسمون أوشاما صغيرة لإخفائها عن أفراد الأسرة الأكبر سنا أو زملاء العمل".