قالت وكالة الطاقة الدولية أمس الثلاثاء إن من المرجح أن تتجاوز زيادة إنتاج النفط العالمي، بقيادة الولايات المتحدة، نمو الطلب هذا العام، بما يزيد من مخزونات النفط العالمية ويعرقل من وصول الأسواق إلى التوازن. وبينما تتوقع الوكالة أن الإنتاج الأميركي قد يصبح الأكبر عالميا في 2018 تعهدت روسيا بعدم إغراق الأسواق النفطية، وأنها ستلتزم باتفاق سقف الإنتاج.
ورفعت الوكالة التي مقرها باريس توقعاتها لنمو الطلب على النفط في 2018 إلى 1.4 مليون برميل يوميا، من تقدير سابق كان يبلغ 1.3 مليون برميل يوميا، بعد أن زاد صندوق النقد الدولي في يناير (كانون الثاني) الماضي تقديراته للنمو الاقتصادي العالمي للعامين الحالي والقادم.
وقالت الوكالة في تقريرها الشهري عن السوق إن الطلب على النفط نما بمعدل 1.6 مليون برميل يوميا في 2017 لكن الزيادة السريعة في الإنتاج، لا سيما في الولايات المتحدة، قد تتجاوز أي تسارع في الطلب، وتبدأ بدفع مخزونات النفط العالمية للصعود بعد أن اقتربت كثيرا من متوسط الخمس سنوات.
وقالت وكالة الطاقة: «اليوم وبعد أن خفضوا التكاليف بشدة، فإن المنتجين الأميركيين يتمتعون بموجة ثانية من النمو الاستثنائي إلى الحد الذي قد تضاهي معه زيادة إنتاجهم من السوائل في 2018 نمو الطلب العالمي»، وأضافت أنه «في ثلاثة أشهر فقط حتى نوفمبر (تشرين الثاني)، زاد إنتاج الخام الأميركي زيادة عملاقة بلغت 846 ألف برميل يوميا، وسيتجاوز قريبا الإنتاج السعودي. وبنهاية العام الحالي قد يتجاوز أيضا روسيا ليصبح الأكبر عالميا» خاصة في ظل التزام كل من السعودية وروسيا بسقف للإنتاج، وفقا لاتفاق أوبك وحلفائها. وبحسب تقديرات من إدارة معلومات الطاقة الأميركية، فإن إنتاج الخام الأميركي قد يصل إلى 11 مليون برميل يوميا بنهاية العام الحالي.
لكن وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك يبدو أن لديه رأيا آخر فيما يتعلق بالمخزونات، إذ أوضح أمس أن مخزونات النفط العالمية في تراجع، رغم زيادة الإنتاج في الولايات المتحدة. وأضاف أنه من المتوقع أن يقترب متوسط سعر النفط هذا العام من 60 دولارا للبرميل، بحسب رويترز.
وأكد نوفاك في كلمة أمام لجنة بالبرلمان الروسي قائلا: «نحن ننظر إلى الوضع ككل، ونرى أن المخزونات تنكمش على أي حال»، وتابع أن «زيادة النفط الصخري لا تغطي كلا من الزيادة في الطلب وانخفاض الإنتاج».
واتفقت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) مع مصدرين من خارجها من بينهم روسيا على تقييد إمدادات الخام للعام الثاني على التوالي في 2018 بهدف تقليص المخزونات ورفع الأسعار.
وقالت إدارة معلومات الطاقة إن مخزونات النفط في دول العالم الأغنى هبطت بمقدار 55.6 مليون برميل في ديسمبر (كانون الأول) إلى 2.851 مليار برميل، وهو أكبر انخفاض في شهر واحد منذ فبراير (شباط) 2011.
وبالنسبة لعام 2017 بالكامل، انخفضت المخزونات بمقدار 154 مليون برميل، أو بمعدل 420 ألف برميل يوميا. وبنهاية العام، صارت أعلى من متوسط خمس سنوات بمقدار 52 مليون برميل فقط، في الوقت الذي تراجعت فيه مخزونات منتجات النفط دون هذا المستوى القياسي حسبما ذكرت الإدارة.
وأضافت أنه «مع انكماش الفائض بشدة، قد يكون نجاح اتفاق الإنتاج بات قريبا. لكن هذا ليس هو الحال بالضرورة، إذ توقفت زيادة أسعار النفط واتخذت مسارا معاكسا، وقد يحذو تراجع مخزونات النفط الحذو نفسه، على الأقل في الجزء الأول من هذا العام وفقا لميزاننا للعرض والطلب».
وهبط الإنتاج النفطي خارج الدول الأعضاء في أوبك بمقدار 175 ألف برميل يوميا في يناير إلى 58.6 مليون برميل يوميا، لكنه ما زال أعلى بمقدار 1.3 مليون برميل يوميا مقارنة مع يناير العام الماضي لأسباب أبرزها زيادة على أساس سنوي قدرها 1.3 مليون برميل يوميا في إنتاج الولايات المتحدة.
ولم يسجل إنتاج أوبك تغيرا يذكر عند 32.16 مليون برميل يوميا في يناير، وبلغ مستوى الالتزام باتفاق خفض الإمدادات 137 في المائة لأسباب منها انخفاض إنتاج فنزويلا حيث تسببت الأزمة الاقتصادية في شل الكثير من الطاقة الإنتاجية بالبلاد.
وتتوقع إدارة معلومات الطاقة أن يبلغ الطلب على الخام من إنتاج أوبك 32.3 مليون برميل يوميا في المتوسط خلال 2018، بعد انخفاضه إلى 32.0 مليون في الربع الأول من هذا العام.
وقالت الإدارة إن أسعار الخام، التي لامست لفترة وجيزة مستوى مرتفعا عند 71 دولارا للبرميل في يناير، قد تتلقى دعما حتى إذا ارتفع إنتاج الولايات المتحدة إذا ما ظل النمو العالمي قويا، أو إذا استمر التعطل غير المخطط له في بعض الإمدادات. وأضافت: «إذا حدث ذلك، سيكون معظم المنتجين سعداء، لكن إذا لم يحدث فربما يعيد التاريخ نفسه».
وفي غضون ذلك، أشار الأمين العام لمنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) في تصريحات لشبكة «سي إن بي سي» الأميركية أمس، إلى أنه حصل على وعد من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن روسيا لن تُغرق أسواق النفط. وقال: «تلقيت تأكيدات من وزير الطاقة ألكسندر نوفاك والرئيس بوتين بأنهما سيبقيان ملتزمين بالتعاون بين أوبك والمنتجين من خارجها وفقا لإعلان التعاون».
وأضاف أن الانخفاضات التي شهدتها أسواق النفط والأسهم في الآونة الأخيرة كانت «مجرد ومضة لحظية... ومن ثم فالعوامل الأساسية قوية جدا أيضا ولا نتوقع أي سقطات على طول الطريق مثلما حدث لنا أو ما شهدناه العام الماضي».
وقال الأمين العام لأوبك إنه غير قلق بشأن زيادة المنافسة بين أوبك وروسيا والولايات المتحدة في السوق الصينية، مشيرا إلى أن «القلق المتنامي الآن في القطاع هو بشأن ما إذا كانت لدينا طاقة إنتاجية كافية، وما إذا كنا جاهزين ومستعدين للاستمرار في إمداد هذه السوق في ظل مثل هذا الطلب المتنامي».
وفي الأسواق، ارتفعت أسعار النفط صباح أمس بدعم من تعافي أسواق الأسهم العالمية بعد تسجيل خسائر حادة الأسبوع الماضي. وسجلت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 59.65 دولار للبرميل بحلول الساعة 07:24 بتوقيت غرينيتش بارتفاع قدره 36 سنتا، أو ما يعادل 0.6 في المائة، عن التسوية السابقة. وبلغت العقود الآجلة لخام القياس العالمي برنت 62.99 دولار للبرميل بارتفاع قدره 40 سنتا يعادل 0.6 في المائة أيضا مقارنة مع التسوية السابقة.